إن كل من سبق له -عزيزي القارئ - وأن تعالج من آلام ما بعد الجراحة الحادة، أو من إصابة ما، أو مرض معين، يعرف عزّ المعرفة أن الله قد منّ علينا بوجود أدوية تخفف هذه الآلام الحادة. فالألم "هو عبارة عن تجربة حسية وعاطفية بغيضة تنتج عن حدوث ضرر نسيجي فعلي أو كامن. كما أنه شعور سلبي بعدم السعادة، والمعاناة والذي قد يكون ماديا أو معنويا بحسب العوامل المسببة، مثل الصداع أو المغص (عوامل مادية) ومثل الحزن والقلق والتوتر (عوامل معنوية). يختلف الإحساس بالألم من شخص إلى آخر حسب العوامل الوراثية، وبشكل عام تحس المرأة بالألم أكثر من الرجل نتيجة لأن جسمها يحتوي ضعف ما يحتويه الرجل من الألياف العصبية مما يجعل إحساسها بالألم أقوى ولمدة أطول. ومع تطور علم الأمراض السريري وتقدم الجراحة واختلاف نمط الحياة عن سابقه تنامت الحاجة إلى نظام أكثر دقة لوصف الآلام الحادة والمزمنة. لذا قامت الجمعية الدولية لدراسة الألم (IASP) في عام 1994 باستحداث تصنيف جديد للألم وأنواعه وفقا لخصائص محددة: (1) منطقة من مناطق الجسم المعنية (على سبيل المثال البطن، الأطراف السفلية)، (2) الجهاز الذي تسبب في الألم (على سبيل المثال، العصبي، الجهاز الهضمي)، (3) المدة ونمط حدوثها، (4) الشدة منذ البداية والوقت، و(5) مسببات الاختلال الوظيفي. إلا أنه لم يكن عمليا فهو عاجز عن توجيه البحوث والعلاج مما أوجد تصنيفات أخرى للألم كل منها يسعى إلى تسهيل الوصول إلى لغة سهلة يفهمها ويجمع عليها غالبية الناس. وربما أن أسهل وصف للألم لا يخرج عن واحد من أربعة: ألم حسب شدته: • ألم حاد: يبدأ بصورة مفاجئة، يحدث عادةً بسبب تعرض الأنسجة لضرر حاد مثل الحروق أو الجروح أو ما شابه. • ألم مزمن، مستمر ومتواصل يترافق عادة مع الأمراض المزمنة مثل الأورام السرطانية وغيرها. قد يشعر المريض مع هذا الألم بالاكتئاب والانكسار والميل للعزلة. وألم يصنف حسب مكان نشأته: • ألم عضوي المنشأ: وهو الألم الذي نشعر به نتيجة حصول ضرر على أحد انسجة الجسم، وينتج عن تحفيز مباشر للمستقبلات الكيميائية أو الحرارية مما يؤدي إلى الشعور بالألم الحاد. • ألم عصبي؛ ينجم عن إصابة الأعصاب بالضرر مما يؤدي إلى الشعور بأنواع من الألم توصف بالوخز أو الخدران أو الحرقان أو ألم مثل لذعات الكهرباء. تطور علم الأدوية والعقاقير في هذا المجال بالذات إلى درجة أن هناك عيادات لمعالجة وتخفيف الآلام بأنواعها جُلّها معتمد على الأدوية والعقاقير القادرة على علاج جميع أنواع الألم الجسدي بما في ذلك الناجمة عن الأمراض المزمنة، والصدمات النفسية المفاجئة، والسرطان. تنقسم هذه الأدوية -حسب تصنيف هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) -إلى: إما أدوية بوصفة طبية أو بدون وصفة (OTC). تعمل بعض المسكنات، بما في ذلك المسكنات الأفيونية، على الجهاز العصبي المركزي والطرفي في الجسم لمنع أو تقليل الإحساس بالألم. بينما تعمل مسكنات اخرى عن طريق تثبيط تكوين بعض المواد الكيميائية المسببة للألم في الجسم. يركز الأطباء عند وصف الأدوية المسكنة للألم على عاملين هما سبب وشدة الألم. أنواع مسكنات الألم أدوية لا تحتاج لوصفة طبية (OTC) تعالج هذه الأدوية الآلام والأوجاع الطفيفة مثل الصداع والحمى ونزلات البرد والانفلونزا، والتهاب المفاصل، وأوجاع الأسنان، وتشنجات الحيض. هناك نوعان من مسكنات مثل هذه الأوجاع البراسيتامول -والمعروف بالبندول والأدول -والعقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات. توجد مادة البراسيتامول في أكثر من 600 تركيبة عقار طبي، بما في ذلك مسكنات الألم، والسعال، وأدوية البرد. هناك مسكنات شائعة مستخدمة لتخفيف الحمى والأوجاع والآلام الطفيفة تشمل الأسبرين، والنابروكسين، والإيبوبروفين، فضلا عن العديد من الأدوية التي اتخذت لنزلات البرد، وضغط الجيوب الأنفية، والحساسية. تعمل عن طريق تثبيط عمل الانزيم الذي يساعد على صنع المواد الكيميائية المسببة للألم. أدوية الوصفات الطبية تشمل هذه الأدوية العقاقير المشتقة من الأفيون المخدر وهي منتجات قوية جدا. تقوم هذه الأدوية بالالتصاق بمستقبلات محددة في الدماغ والحبل الشوكي، والجهاز الهضمي تقلل ويتغير بها إحساس المريض بالألم. أظهرت دراسات معاهد الصحة الوطنية الأمريكية أن استخدام المريض لأدوية مسكن الأفيون بشكل سليم (تؤخذ تماما كما وصفت) آمن، ويمكن السيطرة على الألم بشكل فعال، ونادرا ما يسبب الإدمان. ولكن تعاطي المواد الأفيونية مصدر قلق كبير في الأوساط الطبية والأمنية بصفة عامة. ومن أمثلة هذه الأدوية.. • المورفين، والذي غالبا ما يستخدم قبل وبعد العمليات الجراحية لتخفيف آلامها الحادة. • أوكسي كودون، الذي هو أيضا كثيرا ما يوصف للآلام التي تتراوح ما بين معتدلة إلى آلام شديدة. • الكوديين، والذي يأتي في تركيبة مع البراسيتامول أو غيرها من أدوية تخفيف الآلام غير الأفيونية وغالبا ما يتم وصفه للآلام الخفيفة والمعتدلة. • الهيدروكودون، والتي تأتي في تركيبة مع البراسيتامول أو غيرها من أدوية تخفيف الآلام غير الأفيونية ويعطى للآلام المتوسطة الشدة. عادةً أخي القارئ وأختي القارئة ما تكون مسكنات الألم آمنة وفعالة عندما تستخدم وفقا لتوجيهات. ومع ذلك، يمكن إساءة استخدام هذه المنتجات مما قد يجعلها ضارة للغاية وحتى مميتة في بعض الأحيان. إليكم إخوتي بعض النصائح التي إن اتبعتموها فإنكم ستكونون بمنأى عن الخطر إن شاء المولى عز وجلّ: • يجب عليك أخي/ أختي المريضة المتناول لهذه الأدوية اتباع التعليمات المهنية لكل من الصيدلي والطبيب الواصف لهذه الأدوية. • وإذا تم توفير أداة قياس مع الدواء الخاص بك، فأرجو استخدامها وفقا للتوجيهات المعطاة. • كما أنصحكم أن لا تغيروا جرعة دواء تخفيف الألم الخاص بكم دون التحدث مع الطبيب أولا. • أيضا، لا ينبغي أبدا أن تكون أدوية الألم مشتركة مع أي شخص آخر. • فقط الطبيب المشرف على حالتكم والذي يعرف تفاصيلها هو الوحيد الذي يمكن أن يقرر عن معرفة تامة بحالتكم ما إذا كانت وصفة الدواء المسكن مناسبة وآمنة لكم. • للحد من مخاطر جرعة عرضية زائدة، ينبغي على المريض تجنب تناول عدة أدوية مع نفس العنصر النشط في نفس الوقت. وأخيرا أحببت أن أذكركم ببعض الأمور التي قد تفوت عليكم: بالنسبة للبراسيتامول: • أخذ جرعة أعلى من الموصى بها لا تزيد من قوة أو فترة تسكين الألم ويمكن أن تكون خطرة. • الكثير منه يمكن أن يؤدي إلى تلف الكبد والموت، وبالذات عند مدمنين المشروبات الكحولية (ثلاثة أقداح أو أكثر من المشروبات الكحولية يوميا). • توخي الحذر عند إعطاء البراسيتامول للأطفال. • الأدوية التي على شكل قطرات وتعطى للرضع أقوى بكثير من الأدوية العادية للأطفال. بالنسبة لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية: • تناول كميات كبيرة منها يمكن أن يسبب نزيفا في المعدة. يزيد هذا الخطر في الناس الذين تجاوزت أعمارهم الستين خريفا، وعند الذين يتناولون أدوية زيادة سيولة الدم، والذين يعانون من قرحة ومن نزيف في المعدة أو الاثني عشر، و/ أو لديهم مشاكل نزيف أخرى. • استخدام المسكنات يمكن أيضا أن يسبب تلفا وتعطلا بوظائف الكلى موقت. قد تزيد هذه المخاطر لدى الأشخاص الذين تجاوزوا 60 سنة من العمر، والذين يأخذون مدرا للبول، والذين يعانون من أمراض ارتفاع في ضغط الدم، وأمراض القلب، أو أمراض الكلى الموجودة مسبقا. بالنسبة لأدوية الأفيون: • يؤدي استخدام هذه المواد الأفيونية إلى النعاس. لذا يُنصح بعدم دفع أو استخدام أي آلات والتي قد تجرح المريض، وخصوصا عند البدء بتناول الدواء. • من الاثار الجانبية للأفيونات الإمساك والاكتئاب وهبوط مستوى التنفس. كلها تتناسب طرديا مع الكمية المتناولة. قد يؤدي أخذ كمية كبيرة أكثر من اللازم الى هبوط حاد جدا في أداء الجهاز التنفسي الى درجة توقفه وحدوث الوفاة، لا قدر الله. • تذكر عزيزي القارئ أن جرعة من دواء الألم الأفيونية التي هي آمنة بالنسبة للمريض يمكن أن تكون مرتفعة بما قد تؤدي –لا قدر الله-الى موت شخص آخر، وخاصة الأطفال. اسمح لي أخ القارئ/ أختي القارئة أن أهمس في أذنيكما أن الألم الجسدي نادرا ما يقتل صاحبه بينما الاستخدام الخاطئ للمسكنات يعتبر من المهلكات.. حمى الله الجميع.