×
محافظة المنطقة الشرقية

«ياس مول» يحتفل بالتراث العماني

صورة الخبر

يعاني شارع الصحافة المصرية من أزمات متلاحقة، بأنواعها المختلفة، الحكومية، الخاصة والحزبية منها لنجد سؤال أصبح يتردد بشكل واضح في أروقة الصحافة المصرية "هل تنتهي الصحافة المطبوعة في مصر؟" وخاصة وأنه لا يكاد يمر يوم دون السماع عن أزمات مالية بإحدى الصحف الكبرى أو عدم صرف رواتب للصحفيين، حتى وصل بأحد الصحفيين أن حاول إشعال النار بنفسه على طريقة البوعزيزي أمام نقابة الصحفيين تعبيرا عن إحباطه من أي أمل في مستقبل أفضل للصحافة بمصر. ويغلق العام 2015 أبوابه بصحف حكومية تعتمد أغلبها على دعم الدولة وتصل ديونها إلى 10 مليارات جنيه صحافة خاصة تتوقف عن طباعة النسخ الورقية مثل جريدة التحرير، البديل ... و هو ما يعني -بسبب القوانين المصرية- عدم تمكن هذه المؤسسات من إلحاق صحفيين، بل أن هناك صحف أخرى صارت تفصل أعداد كبيرة من الصحفيين وتعاني من إضرابات و توقف عن العمل بسبب تأخر صرف مستحقات العاملين بها. بالإضافة إلى أن الصحافة الإلكترونية تعاني من عدم وجود إطار قانوني يشجع على الاستثمار في ظل عدم اعتراف الكثير من الدوائر الرسمية وبالأخص نقابة الصحفيين بالعاملين بها كصحفيين يستحقون تسهيل مهمتهم والتعاون معهم. ويحكم العمل الصحفي في مصر حالياً و كما هو مبين في موقع المجلس الأعلى للصحافة الجهة المنوط بها إصدار التراخيص للصحف قانون 96 لسنة 1996. ويقر الدستور المصري في مادته (65 ) بحرية الرأي والتعبير ويؤكد في المادة 70 على "حرية الصحافة والطباعة والنشر للشخصيات الطبيعية والاعتبارية بمجرد الإخطار وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك الصحف". وفي ظل عدم إمكانية تطبيق الدستور بشكل مباشر بدون قانون فإن الساري على أرض الواقع حتى هذه اللحظة رغم مرور عامان على إقرار دستور 2014 هو أحكام قانون 96 لسنة 1996 الذي لا يسمح الأفراد من تملك وإصدار الصحف وهو ما يعيق أعداد كبيرة من المستثمرين الصغار والمتوسطين والهواة من إصدار الصحف وعمل المشاريع الإعلامية الصغيرة والمتوسطة حيث يجب على من يريد أن يصدر جريدة يومية في مصر أن يؤسس شركة مساهمة مصرية رأسمالها لا يقل عن مليون جنيه وان تكون الأسهم ملكا لمصريين وبالتالي يغلق ذلك الباب على المستثمر الأجنبي للاستثمار في سوق الصحافة المصرية . ويعج القانون بالتعقيدات المتعلقة باشتراطات المجلس الأعلى للصحافة لسريان رخصة الإصدار، فعلى سبيل المثال يعاقب بوقف الترخيص في حال عدم انتظام صدور الجريدة وهنا يظهر سؤال لماذا تتدخل الدولة بوقف الترخيص في حالة تعثر الجريدة عن الصدور، فربما تتعثر لشهر أو اثنين وتتمكن بعدها من العمل بشكل منتظم. ويملك الجهاز الحكومي المصري عدد كبير من المؤسسات الصحفية والإعلامية وتصدر كل مؤسسة عدد من الإصدارات، ومن هذه المؤسسات مؤسسة الأهرام، مؤسسة أخبار اليوم، مؤسسة دار التحرير ،مؤسسة روز اليوسف....، وأغلب هذه المؤسسات كانت في يوم من الأيام صحف خاصة أسسها أفراد مثل الأهرام للأخوين تقلا والأخبار لمصطفى وعلى أمين ودار الهلال لجورجي زيدان... ورغم مرور الزمن وتغيير القوانين الحاكمة للصحافة ظلت هذه المؤسسات مملوكة للدولة تسيطر بشكل كبير على طباعة الصحف وتوزيعها، حيث إن هذه المؤسسات تملك أهم المطابع وشركات التوزيع ورغم ذلك تعاني من الخسائر وتعتبر معضلة في سوق الإعلام المصري والطريق إلى تحريره بعدد ضخم من العاملين وصفه رئيس المجلس الأعلى للصحافة بأنه أكبر من عدد قراء هذه الصحف حيث يصل عددهم في بعض التقديرات ل 31 الف عامل. مشكلة أخرى تواجه تحرير صناعة الصحافة متعلقة بتحرير المهنة فممارسة مهنة الصحافة في مصر مقيدة بأن يكون ممارس المهنة عضو بنقابة الصحفيين المصرية وهي نقابة واحدة حيث لا يسمح الدستور في المادة 77 منه سوي بنقابة واحدة لكل مهنة ويمنع تعددية النقابات المهنية. ويحكم نقابة الصحفيين قانون معقد لا يسمح إلا لنسبة ضئيلة من ممارسي المهنة من الالتحاق بها، حيث ينص قانون النقابة في المادة 65 من هذا القانون على أنه لا يسمح لأحد بالعمل في الصحافة ما لم يكن اسمه مسجلا في قائمة النقابة. ومن أهم الانتقادات الموجهة لهذا القانون هو أنه يضع شروطا صارمة لتسجيل الصحفيين. ونتيجة لهذه الشروط الصارمة، يمارس الكثيرون المهنة بدون الاعتراف بهم من قبل نقابة الصحفيين ولذا يجد كثير من الصحفيين الذين يمارسون المهنة، أنفسهم في وضع يتم خلاله انتهاك حقوقهم ولا يسمح لهم بالوصول للمعلومة وتتعرض سلامتهم للخطر. ولم تنجُ صحافة الانترنت من معوقات الاستثمار حيث يعتبر قطاع الصحافة الإلكترونية قطاع غير رسمي في مصر إذا صح التعبير حيث لا تعترف الكثير من المصادر الرسمية بالصحفيين العاملين بمواقع الإنترنت كصحفيين يمكن مدهم بالمعلومات ولا تمنحهم نقابة الصحفيين عضويتها و اغلب مواقع الانترنت الإخبارية هي إما مبادرات شبابية أو صفحات انترنت لصحف ورقية أو مواقع تابعة لمؤسسات مجتمع مدني أو شركات لا يوجد الغطاء الذي يمكن أن يؤسس من خلاله موقع إخباري في مصر. ولكن من الجدير بالذكر أن مشروع قانون الصحافة والإعلام الجديد الذي قدم من مجلس الوزراء للبرلمان المصري بدلا من أن يسهل الاستثمار في عالم صحافة الإنترنت يضع عقبات شبيهة بتلك الموضوعة للصحافة الورقية حيث يشترط تأسيس شركة برأس مال لا يقل عن نصف مليون جنيه مصري لتأسيس موقع إخباري على الانترنت ومنحه ترخيص العمل. إن مواد دستور 2014 المتعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة (المواد 65 – 67 -68 – 70 – 71) تفتح الباب على أوسع قدر ممكن لكل محبي وهواة الصحافة وصولا للمحترفين والمؤسسات العملاقة لأجل الدخول في السوق وفتح مؤسسات جديدة تتمتع بمساحات من حرية العمل والخروج من السوق دون خوف من فرض عقوبات ودون طلب رأس مال محدد لبدء مشروع صحفي أو التزام بدورية صدور أو مواصفات للعاملين في الصحف. كما لا تجبر هذه المواد أن يكون المتجهين إلى الصحافة أعضاء في أي نقابة أو تنظيم، حيث أن الصحافة هي أحد وسائل التعبير عن الرأي المكفول ممارستها لأي إنسان وتمكين الأفراد من عمل مشاريع إعلامية صغيرة متوسطه أو كبيرة مثلها مثل الشخصيات الاعتبارية كما كان الحال بدايات ومنتصف القرن الماضي العهد الذي تأسست به الكثير من المؤسسات الإعلامية التي ما زالت تعمل بعد تأميمها الآن تحت ملكية الدولة و كانت في الماضي ملك لأصحابها. ولا بد من القول إن وجود الدولة بشكل كبير في سوق الصحافة يحقق خسائر كبيرة على الموازنة العامة للدولة و يعتبر عقبة أمام سوق حر ومفتوح لدخول المزيد من الصحف والمطابع وشركات التوزيع والتي من شأنها أن تتنافس في تقديم الأفضل للقارئ في جو من المنافسة والمساواة.