أصبح شخص مجهول في عالم السياسة رئيسا للولايات المتحدة، حيث يعتبر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب شخصية غامضة يرغب الشرق الأوسط بشكل خاص التعرف اليه أكثر. ربما تكون لمنطقتنا المضطربة والأزمة في سوريا ومكافحة الإرهاب الأولوية للإدارة الامريكية القادمة. إن معظم الصراعات والأزمات الإقليمية لها ارتباطات غير مباشرة بالمواجهة الإيرانية – السعودية في الوقت الذي يتهم فيه كل طرف الطرف الآخر بالتدخل. كل طرف يعتبر الآخر منافسا اقليميا له في كثير من الأمور، بحيث ان الطرفين يواجهان بعضهما في بعض الأزمات الإقلمية، مثل الحرب في سوريا، بشكل غير مباشر. قد يهمك أيضا.. تحليل: يمكن لترامب معاقبة إيران.. لكن أوروبا ستصرخ هذه التوترات الإيرانية – السعودية ليست مستحبة على الاطلاق بالنسبة للقوى العالمية. فاستمرار هذه المواجهة يعني استمرار انعدام الأمن في سوريا والعراق واليمن. وحيث ان كل من إيران والسعودية لديهما مصالح وطنية خاصة مختلفة ومتناقضة في كثير من الأحيان، فان أيا من الجهود المبذولة ومحادثات السلام من قبل المجتمع الدولي لن تجدي نفعا ولن تصل الى حل، ما لم تتعاون إيران والسعودية. إذاً هل من أولويات الرئيس الأمريكي الجديد ان يجعل هاتين الدولتين تعملان معا؟ ان ما يتطلع اليه الإيراني في هذا الرئيس الجديد هو استمرار التزامه بالاتفاق النووي الإيراني وتنفيذه بشكل كامل. أما السعوديون فانهم يرغبون ان يروا الرئيس المنتخب يقوم بتحجيم النشاطات الإيرانية في المنطقة، ويضع نهاية للازمة السورية. وبما أن روسيا متورطة بعمق في الصراع في سوريا، والإيرانيون يقومون بالعمل تحت مظلتهم وحمايتهم، فإن الإيراني سينفذ على الأرجح كل ما يتفق عليه الروس والأمريكيين. قال الرئيس المنتخب الجديد ان إحدى أولوياته هي قتال المجموعات الإرهابية، مما يعني ان تركيز الإدارة الأمريكية الجديدة ليس على الأسد او تغيير النظام في سوريا، وهذا ليس ما يتأمله السعوديون. ومن ناحية أخرى، يبدو ان الإدارة الامريكية الجديدة تتحدث عن اجراء بعض التغييرات في الاتفاقية النووية مع طهران وإعادة التفاوض على بعض اجزائها وهذا ما لا يريده الإيرانيون. إن أمل السعوديين برؤية إيران تتصرف بطريقة مختلفة إقليميا في مرحلة ما بعد الاتفاقية النووية قد تلاشى وحل محله مزيج من خيبة الامل والإحباط. ولكن، ورغم الشكوك التي تدور حول التحولات السياسية، هل يمكن الوصول إلى نقطة اتفاق إقليمي رغم خلافات الأطراف ذات العلاقة؟ من الواضح ان إيران والسعودية ستقومان بتحسين العلاقات الدبلوماسية بينهما بغض النظر عن النزاع في سوريا واليمن اوحتى في العراق، وذلك لانه ليس لدى البلدين أي خيار آخر. ان الإرهاب سيبقى التهديد الأكبر للأمن الإقليمي والامن الوطني لكلا البلدين، وقد تكون هذه هي نقطة التحول التي أشار اليها لرئيس الأمريكي المنتخب والذي طالب بتعاون إقليمي لهزيمة الإرهاب. عندما تتمكن إيران والسعودية من التعاون في الشؤون الإقليمية فان ذلك قد يفتح الباب لفرص أخرى للدولتين للتباحث حول قضايا كثيرة مثل سوريا واليمن. إن جلوس الطرفين على نفس السفينة في منظمة أوبك للدول المصدرة للنفط، وكون البلدين من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، يجعلهما قادرين على تنظيم سوق النفط العالمية. ومن المهم القول ان المخاوف من المنافسة القوية المستقبلية التي تشكلها الشركات المنتجة للنفط الصخري في الولايات المتحدة، تمثل تهديدات جدية لكلا البلدين قد تجبرهما على تببني استراتيجية طويلة الامل. اننا قد نسمع في شوارع طهران أصواتاً غاضبة تعبر عن الكراهية والغضب تجاه السعوديين، لكن هدوء السعوديين قد يخفف حدة الغضب عندما يحين الوقت للحديث عن سوريا واليمن. وبالحديث عن الاجتماع الوزاري القادم لمنظمة أوبك، والذي سيعقد في فيينا في 30 نوفمبر بحضور وزيري النفط الإيراني والسعودي، فإن من مصلحة إيران والسعودية والدول الأخرى المنتجة للنفط زيادة أسعار النفط والوثوق ببعضها البعض لاعتماد خطة تجميد الإنتاج المقترحة من السعودية. إذا نجح هذا التعاون، أعتقد اننا سنفاجأ بلقاءات ثنائية بين إيران والسعودية خلال الأشهر القادمة لحل المسائل الإقليمية. إذا استطاع الطرفان الوثوق ببعضهما تجاريأ فإنهما على الأرجح سيستطيعان الوثوق ببعضهما سياسيا أيضا.