طغى موضوع القلق العالمي من تطبيق الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب ما وعد به خلال حملته الانتخابية في ما يتعلق بالسياسة الحمائية، إضافة الى تحديات «الذكاء الاصطناعي» و «الثورة الصناعية الرابعة»، على اجتماعات «مجالس المستقبل العالمية» التابعة لـ «منتدى الاقتصاد العالمي، التي افتُتحت أمس في دبي، في حضور 700 خبير ومسؤول محلي وإقليمي وعالمي. وأبدى المشاركون في الاجتماعات تخوفهم من تطبيق ترامب ما وعد به الشعب الأميركي، في ما يتعلق بالسياسة الحمائية والعولمة وفتح الأسواق، التي طالما نادى بها منتدى الاقتصاد العالمي. وأكد رئيس منتدى الاقتصاد العالمي كلاوس شواب، خلال جلسة افتتاح الدورة الأولى لاجتماعات مجالس المستقبل العالمية، التي حضرها نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن «الانتخابات الأميركية الأخيرة أثارت قلقاً وحالة غموض في العالم كله»، حين قال إن «الثورة الصناعية الرابعة أثارت جدلاً لانعكاسها على فرص العمل، حيث فقد أربعة من بين خمسة عمال وظائفهم بسببها». وعلى رغم ذلك، رأى شواب أن «العالم يحتاج إلى التعاون لتأكيد الاعتماد على الابتكار كمصدر للتطور الاجتماعي، والذي من شأنه أن يصب في مصلحة الفرد». وأشار إلى أن «الثقة في الأنظمة والسياسات لن تعود بسرعة، إذ يعاني العالم حالياً من أزمة هوية»، لكن من خلال الجهود الحثيثة «يمكن تحقيق ذلك من قبل قيادات مسؤولة». وجاء ذلك في وقت دخل العالم في مرحلة جديدة من التطور الصناعي، كحصيلة للإنجازات الكبيرة المحققة في مجال الابتكار التقني واتساع نطاق تطبيقه. فيما تتزايد الخشية مما ستحدثه من تغيرات في كل نواحي الحياة. وثمة خشية من أن تستطيع جماعات إرهابية استغلال ثغرات في أنظمة حماية المعلومات، وأن تستخدمها لشن عمليات إرهابية في الفضاء الإلكتروني. وعلى رغم هذه المخاوف، ركزت اجتماعات مجالس الأجندة العالمية على أهمية تخطيط الحكومات حول العالم، على ما هو مقبل نتيجة الثورة الصناعية الرابعة والتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم من تطور كبير في الذكاء الاصطناعي، التي ساهمت في «تفاقم شعور حكومات العالم وسكانه بعدم اليقين والترقب، وتثير أسئلة وحوارات، لما تتطلب المرحلة المقبلة من إعادة النظر في الرؤى والاستراتيجيات والسياسات والأطر التنظيمية والتشريعية»، وفقاً لوزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي محمد القرقاوي. وأشار القرقاوي خلال افتتاح المنتدى إلى التحديات التي يشهدها العالم، في ما يــتعــلق بالتــغــير المناخي وشح المياه وما تتطلبه المرحلة من مـشاريع بنية تحتية. وقال إن العالم تجاوز «نقطة اللاعودة بالنسبة إلى التغير المناخي، والمتمثلة في تجاوز نسبة انبعاث الكربون 400 جزء في المليون، وهو الحد الفاصل الذي بتجاوزه لن نستطيــع السيــــطرة على التغير المناخي وآثاره، ما لم نتخذ اليوم قرارات حاسمة». ولفت إلى أن العالم «يحتاج إلى إنفاق 90 تريليون دولار على مشاريع البنية التحتية في السنوات العشر المقبلة، لمواجهة هذه المتغيرات المتسارعة والمرتبطة بتغير المناخ وزيادة الطلب على المياه». وأكد أن العالم «أنتج خلال العامين الماضيين 90 في المئة فـقــط من البيانات التي بين أيدينا حالياً، ما ساهم في إحداث ثورة الذكاء الاصطناعي، وزاد مــن فـعـل تعلم الآلات 50 ضعفاً، وجعــل السيارات تقـود ذاتها لمئات الملاييــن من الأمـيال. إن هذه الثورة تشـــكل عــبئاً وتحـــدياً كـبيـــرين، لأنها ستـقلص فرص العمل في الاقتصادات الـمتـقـدمة بنــسبة 50 في المئة، وفي الاقتصادات الناشئة 85 في المئة». ويرتبط مفهوم «الثورة الصناعية الرابعة» الذي كانت ألمانيا المبادِرة إلى إطلاقه، بأتمتة الصناعة وتقليص عدد اليد العاملة فيها، بحيث يقتصر الدور البشري في الصناعة على المراقبة والتدقيق، وشرط الوصول إلى ذلك وجود قدرات علمية توظف في امتلاك بنية تقنية ورقمية متطورة. لكن خبراء شاركوا في اجتماعات مجالس المستقبل العالمية، اعتبروا أن لهذه الثورة إيجابيات كبيرة لمصلحة البشرية، تقابلها سلبيات ستترتب عليها وستعاني منها المجتمعات، بما فيها مجتمعات الدول المتقدمة. ومن الإيجابيات أن «الثورة الصناعية الرابعة» توفر فرصاً واسعة للمجتمعات البشرية كي تحقق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عموماً، بخفضها كلفة الإنتاج، وبالتالي تأمين خدمات ووسائل نقل واتصال تجمع بين الكفاءة العالية. ومن الإيجابيات الأخرى أيضاً المساهمة في رعاية صحية أفضل للإنسان، كما أنها تختصر الكثير من الوقت في عملية التطور، وتعميم إنجازاتها على العالم، غير أنها تفرض في الوقت ذاته تحديات غير مسبوقة على المجتمعات البشرية.