×
محافظة المنطقة الشرقية

الجعفري يكرم الفائز بسباقات ميدان الفروسية بالأحساء

صورة الخبر

سيظل العالم والإعلام يتناولان فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب لحقبة من الزمن.. ويتساءلان.. ماذا سيفعل، وهل سينفذ كل وعوده الانتخابية وهل فعلاً سيتعصب ضد المسلمين والعرب والأقليات وغيرها من تلك الوعود غير المألوفة في تاريخ الانتخابات الأمريكية وحتى إن جاز لنا القول الغربية أيضاً. بداية سوف نتناول كيفية وصول الرئيس المنتخب للبيت الأبيض ونشير إلى أنه منذ بداية الجمهورية الأمريكية عام 1776م وكتابة الدستور الأمريكي وإعلان الاستقلال حرص الأباء الأولون على عدم إعطاء الحكومة وكل من يعمل بها صلاحيات مطلقة بل محدودة، ولعل مسألة الصلاحيات الواسعة قد تنطبق فقط على إدارة الحكومة المحلية (المدن داخل الولايات الخمسين)، وكما يعلم القارئ، هنالك ثلاثة مستويات للحكم في أمريكا، المستوى الفيدرالي ثم مستوى الولاية وأخيراً المحلي.. وكما أشرت حرص واضعو الدستور الأمريكي على أن تكون صلاحيات الحكومة مؤطرة وكل سلطة تراقب الأخرى والأمر الفصل عند النزاع من اختصاص المحكمة العليا في أمريكا، وهنالك مصطلح يسمى CHECK AND BALA بمعنى أن كل سلطة من السلطات تراقب الأخرى وبذلك يحدث توازن بين السلطات في أمريكا. كذلك فإن الشعب الأمريكي بصفة عامة قليل الثقة في حكومته، ولذلك فإن التغيير سمة أساسية من سمات الشخصية الأمريكية وهذا هو السبب الأساس نحو الرغبة في التغيير ولأسباب عدة سوف أذكرها تباعاً وكلها صادفت هوى في نفسية وفكر وواقع الأمريكي المعاش، وأيضاً فإن أداء الرئيس أوباما خلال الثماني سنوات الماضية دفع الشعب الأمريكي لمثل هذا التغيير.. وأضيف بأن من يطلع على سجلات التاريخ الأمريكي السياسي يجد أن أي رئيس وكما في حالة الرئيس أوباما، ديموقراطي، وحكم فترتين 4×4 لذا من الصعب أن يخلفه رئيس ديموقراطي جديد، وتجدر الإشارة هنا إلى الاستثناء من هذه القاعدة، حيث حكم الرئيس فرانكلين روزفلت أمريكا لأربع فترات -ستة عشرة عاماً- متتالية..ونظراً لعدم ثقة الأمريكي في تعاقُب مسؤولين لفترات طويلة تم تغيير الدستور الأمريكي فيما يخص فترة رئاسة أمريكا بحيث تكون فترتين 4×4 فقط. ولعل معظمنا يدرك أنه خلال الحملات الانتخابية خصوصاً الأمريكية، فإن كل رئيس انتُخب لم يستطع أن ينجز كل ما وعد به إلا بالقدر المعقول، فمثلاً وعد الرئيس أوباما بإغلاق سجن جوانتنامو، لم يستطع الوفاء به رغم محاولاته المتكررة ،ومن جهة أخرى معاكسة نجد أنه في بريطانيا وخلال حملة انتخاب رئيس وزراء بريطانيا السابق كاميرون، وعد بأنه سيجري استفتاء على بقاء أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. وفعلاً نفذ وعده الانتخابي، ولعل الكثير من البريطانيين وغيرهم يقولون ليته لم يفعل..بمعنى ليته لم يقل ذلك خلال حملته الانتخابية..ومسألة الوفاء بالوعود الانتخابية هي ذات طابع نسبي حيث تخضع لاعتبارات سياسية ومؤسساتية وهذا هو الأهم بالنسبة لأمريكا والدول الغربية. ولكن من ينظر إلى شخصية الرئيس المنتخب ترامب من خلال المتاح عبر وسائل الإعلام يلاحظ بوضوح طريقته الهجومية وأنه يسعى لتنفيذ ما يرغب ويتحدث بكل ما يرد بخاطره ويتعمد التصريحات التي تؤثر في الشعب الأمريكي من أمور اقتصادية وأمنية وسياسية وبطالة ونحوها.. ولعل الرئيس المنتخب ترامب كان يستطيع أن يفعل ما يود من خلال شركاته في أمريكا والعديد من الدول ،ولكن الآن عندما أضحى رئيساً منتخباً ستكون الأمور مختلفة حيث وكما أشرت بأن أمريكا دولة مؤسسات وصلاحيات دستورية لا يمكن له أن يحيد عنها. وسوف أتناول الآن بعض الأسباب والاستنتاجات التي أدت إلى انتخاب الرئيس ترامب كالتالي: 1- سيكون هنالك تغيير تجاه قوانين الهجرة والتضييق على الأقليات وكذلك سيتم إجراء تعديلات جذرية في قوانين التجنس بحيث يصبح التجنس متاحاً وبشكل كبير نحو الأنجلوساكسونيين.. وبالطبع عامل الديانة سيؤخذ في الاعتبار. 2- واعتقد أن الرئيس المنتخب سيقوم ببناء السور الفاصل مع المكسيك كما وعد للحد من تسرب اللاجئين وبوجود كونجرس جمهوري بشقيه سيكون متاحاً له تخصيص الميزانية الضرورية لذلك. 3- أول كلمة تفوه بها بعيد انتخابه هي مراعاة مصالح أمريكا وسيجعل كما قال أمريكا قوية اقتصادياً مع خلق المزيد من الوظائف من خلال مشاريع البنى الأساسية في كافة أنحاء أمريكا وهذا أمر سبقه به الرئيس فرانكلين روزفلت خلال الانكماش الكبير في أمريكا في الثلاثينيات وسمي باسم New deal 4- سياسة خارجية صارمة وربما يعيد النظر في العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية التجارة العالمية والغاء الاتفاقية النووية الغامضة مع إيران.. وهذا يشير إلى أن أمريكا تتجه نحو القومية وتبتعد عن العالمية التي كان ينادي بها العديد من الرؤساء.. وهذا أمر يمكن ملاحظته بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفي ألمانيا وبعض الدول الأخرى تزداد قوة الأحزاب اليمينية المحافظة. 5- وبالطبع لن تستطيع أمريكا وقد لا ترغب في العودة إلى سياسة العزلة التي انتهجتها حتى قبيل الحرب العالمية الثانية حيث إن ذلك سيضر بمصالحها العالمية الكثيرة العديدة حول العالم ولكنها حتماً ستكون أكثر صرامة في تنفيذ ما يحافظ على مصالحها المتعددة. 6- وتحدَّث العديد من المحللين في أمريكا عن أسباب انتخاب الرئيس ترامب بشكل غير متوقع وبنسبة انتخابية عالية حيث أشاروا إلى المناطق ذات الكثافة الصناعية في شمال شرق الولايات المتحدة والتي تتواجد بها الصناعات والمصانع بشكل أساسي في ولايات بنسلفانيا ومتشجن ووسكونسون وقد تضررت كثيراً خلال حقبة الرئيس أوباما والتي دفعت تلك الولايات والتي يطلق عليها Rust belt states والمذكورة أعلاه. وكذلك رفع ترامب شعار أهمية عودة «صُنع في أمريكا» وفرض الضرائب على المنتوجات المصنعة خارج أمريكا هي من الأسباب الأساسية.. وكذلك إهمال المناطق الريفية في أمريكا.. والأهم هو ارتفاع الإحساس بالقومية والتي أذكاها ترامب. وبالطبع فإن إعلان ترامب مرات ومرات الحرب على الإرهاب والقضاء عليه هو أيضاً عامل من عوامل انتخابه. وكذلك فإن موضوع اختيار رئيس أمريكا المنتخب -جمهوري- المحتمل لثلاثة قضاة في المحكمة العليا لهو أمر على قدر كبير من الأهمية في أمريكا. (وفاة أحد القضاة التسعة ..وآخران، قاضٍ وقاضية وصلا لسن ربما لا يسمح باستمرارهما في المحكمة) * لأن دور المحكمة العليا في أمريكا حاسم للغاية حيث يضع المنهجية السياسية لأمور عديدة في المجتمع الأمريكي لأن هنالك اختلافات جوهرية بين الحزب الجمهوري والديموقراطي في كثير من القضايا الأمر الذي يفضي مستقبلاً إلى وجود تيار قضائي ملائم ومتوائم مع الحزب الجمهوري. هذه على عجالة بعض الخواطر والاستنتاجات والأسباب التي رأيت أن أشارك القارئ الكريم فيها.. وأختتم بالقول بأنه بعد انتخاب الرئيس الأسبق رونالد ريجان قيل الكثير والكثير عنه وكيف يستطيع ممثلٌ سابق أن يحكم الدولة العظمى في العالم...وأثبت التاريخ أن حقبة الرئيس ريجان كانت من أهم وأنجح حقب التاريخ السياسي لأمريكا..! * عدد قضاة المحكمة العليا الأمريكية تسعة يسميهم رئيس الجمهورية