احترس، هناك صندوق أسود في بيتك، ربما لم تنتبه له بعد، ولكنه يقوم بدوره دون علمك، فأطفالك أشبه بهذا الصندوق المرفق في الطائرات، يسجلون كل معلومات وأسرار أهل المنزل، ويزودونها لمن يطلبها، ولا تستغرب إن ما تلقى طفلك الرشى في سبيل الحصول على هذه المعلومات، خصوصاً إن لم يتجاوز عمره أصابع اليد الواحدة، فهناك من يستل منه هذه المعلومات واسرار بيتك التي تعتقد أنها مدفونة لا يعرفها أحد، قد يكون أولئك من خارج المنزل، من الأهل المقربين، ولكن لا تتفاجأ أيها الزوج، ولا تتفاجئي أيتها الزوجة إن كان ينقل تلك الأخبار لأحدكما ضد الآخر. إحداهن اعترفت بأنها جندت أبناءها لأن يكونوا "صندوقا اسود" لأبيهم لصالحها، يجلسون معه، فيفضفض لهم ويتكلم معهم بأريحية، بعدها يأتي دورهم في نقل كل ما دار بينهم لها، لتتصرف بحد قولها مع أبيهم، تقول هذه الزوجة إنها تعرف انها عادة سيئة، ولكنها مضطرة إلى اللجوء إليها بعدما وصلت علاقتها الزوجية إلى مرحلة الانهيار، وكادت أن تتدمر، بعد أن فقدت الثقة في زوجها بعد عدد من الخيانات الزوجية، وإنها اليوم وبعد أن وصل أبناؤها إلى سن المراهقة باتوا يتعاونون معها كونهم خبروا المشاكل التي وقعت بين ابويهم، فقاموا بدور "المخابرات المنزلية" لنقل كل ما يتحدث به أبوهم ويفعله إليها، لدرجة أنهم باتوا ناضجين كفاية ليزنوا الأمور، ويفرقوا بين ما يمكن نقله من أخبار، وما لا يمكن نقله، وما يمكن أن يحافظ على استقرار بيتهم وما قد يضره ويهز العلاقة فيه. تقول إنها كأي زوجة وبحكم العشرة تكشف زوجها بسهولة، سواء كان ذلك من ملامحه وتعابير وجهه، أو حتى من فلتات لسانه، والزوج يعرف ذلك تماماً، لذا فإنه يكون حريصاً جداً، وقد لا يتفوه بكلمة مع زوجته، حينها ملجأه الوحيد هو أبناؤه، فيجلس معهم ويتحدث أكثر مما قد يتحدث مع زوجته، خصوصاً مع الفتور في العلاقة الزوجية، ولا يعلم أن الأبناء "غالباً" ما يكونون في صف والدتهم، التي يستشعرون أنها الحلقة الأضعف في المنزل، فيعملون لصالحها وفي فريقها. لا نعمم طبعاً هذا الحال، فهي وسيلة قد يلجأ لها بعض الأزواج ممن يعانون من اهتزاز في علاقاتهم الزوجية، وهي معدومة ربما في الكثير من البيوت، وقد يجدها البعض مبالغة، إلا أن الأمر بحق بحاجة إلى التفاتة، فليس من الطبيعي أن تستمر حياة زوجية على اساس "التجسس والمخابرات وتجنيد الأبناء".