أقرأ مثل غيري عن فظاعات حدثت في التاريخ الإنساني القديم لكن ذهني لم يستطع تكوين صورة واضحة عنها أو تخيل شكلها بسبب تفوّق الفظاعات والجرائم والمآسي التي تسبب فيها البشر في العصر الحديث وخصوصا من منتصف القرن العشرين وحتى الآن. لا أرى مأساة حدثت في التاريخ الإنساني كلّه أكبر وأكثر وحشية من جريمة ضرب اليابان بالقنابل النووية من قبل جيش الولايات المتحدة الأمريكية. أبدا، أبدا. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية نُقلت المآسي والحروب لمنطقتنا العربية وتفنن الصهاينة في الفتك بالفلسطينيين والعرب بكل أنواع الأسلحة المحرمّة دوليا. كرّت حبات السبحة وكأن بينهم (أي الغرب وامريكا ومن لف لفهم) وهذه الأرض المقدسة مهبط الأديان ثارات يجب تصفيتها وبالتالي حرقها قبل نهاية العالم. أستاذ علم الاجتماع في جامعة جنيف، عضو الهيئة الاستشارية للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة جان زيغلر يسأل في كتابه -الحقد على الغرب- (منشورات جروس برس طبعة أولى 2011) قائلا: إن مئات الملايين من البشر يعانون يوميا من الذل والحرمان والخوف من الغد. خاصة في الأقطار الجنوبية (يقصد بعض بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والدول العربية). يضيف السيد زيغلر: وليس الإعلان الشامل لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة إلا مجرّد كلام فارغ بالنسبة لهم. كلام فارغ أي بلا معنى!! هذا الكلام لو قاله أحد الكُتّاب العرب لسفهه بني قومه قبل أن يضحك منه الخواجات لكنه كلام مدوّن في كتابٍ مؤلفه خواجا مثلهم وعضو هيئة استشارية في الأمم المتحدة. نحن نعرف بأن المبادئ الفاضلة لحقوق الإنسان لهم ولأطفالهم أما لغيرهم القمع والذل ولأطفال غيرهم القتل والتشرّد والحرمان. لهم الحياة الفاخرة المرفهة ولغيرهم التجويع والتخويف وإذا لزم الأمر إشعال الحروب. لهم حق التمتع بثروات الغير وسلب أموالهم باتخاذ كل الحِيل والألاعيب وأحدها ما يسمى بالبنك الدولي، والقائمة تطول. قلت في فاتحة الحكاية عن فظاعات العصر الحديث وأنها لهولها لا تقارن بما حدث في الماضي رغم أني مع القول المأثور المنسوب للمؤرخ الإنكليزي أدوارد غيبون (1794-1737) في وصفه للتاريخ بأنه لا يزيد حقا عن كونه سجلاً لجرائم وحماقات ومصائب الجنس البشري. ماذا سيقول ياتُرى عن سجل العار الأبدي في ضحايا هيروشيما وناجازاكي لو عاش وسمع عنها؟ aalkeaid@hotmail.com