×
محافظة المنطقة الشرقية

محمد بن راشد: صناعة المستقبل مسؤولية تشترك فيها الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية

صورة الخبر

بعدما كانت زيارة الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ستُعتبر حين حصولها بمثابة «الضوء الأخضر» لإعلان الحكومة الاولى في العهد الجديد، شكّل إعلان رئيس البرلمان نبيه بري انه «عندما ترون الحريري عندي فهذا يعني أن الدخان الأبيض الحكومي يكون بدأ بالتصاعد» إشارة مزدوجة، أولاً الى ثبات بري على «شروطه» المفوّض بتحصيلها من «حزب الله» باسم الثنائي الشيعي وفريق «الكتلة البيضاء» (لم تصوّت لانتخاب عون رئيساً)، وثانياً الى جعل «عين التينة» (حيث مقرّ بري) هي «الممرّ» لولادة الحكومة بعدما كانت استُبعدت عن «الطبخة الرئاسية». وأوحت تطورات الساعات الأخيرة في بيروت ان الأيام العشرة الأخيرة الفاصلة عن عيد الاستقلال في 22 الجاري ستشهد تزخيم المساعي الرامية الى استيلاد الحكومة وتفكيك كل التعقيدات التي ما زالت قائمة، وسط تضارُب في المواعيد التي تُضرب لإمكان ان تبصر هذه الحكومة النور والتي تراوح بين الثلاثاء المقبل او 21 الجاري، وصولاً الى همْسٍ عن احتمال ان تطيح «الألغام» المزروعة في طريق التأليف الآمال بأن تكون هذه الولادة «عيدية الاستقلال»، وسط تقديرات لا تستبعد في مثل هذه الحال ان تطول رحلة التشكيل لنحو شهر إضافي. وتعكس «الحزّورة» المتصلة بـ «تاريخ ميلاد» الحكومة العتيدة الصعوبات التي ما زالت تعترض مسار التأليف رغم تكثيف الاتصالات على خط القصر الجمهوري والرئيسين الحريري وبري، فيما أدار «حزب الله» محرّكاته في محاولة للتوفيق بين حليفيه «المتواجهيْن»، اي الرئيس عون وبري على خلفية مطالبة فريق الأول بالمداورة في الحقائب كسقفٍ أعلى يعني انتزاع وزارة المال من رئيس البرلمان مشترطاً للتنازل عنه عدم عودة الوزير الحالي علي حسن خليل الى هذه الوزارة وهو ما يرفضه بري الذي يعتبر «حقيبة المال وخليل فيها سلّة واحدة». وفي المقابل يضطلع عون بمهمة «الموازَنة» بين حليفيْه «الخصمين اللدودين» اي «القوات اللبنانية»، شريكة رئيس الجمهورية مسيحياً والتي شكّلت بمثابة «عرّابة» العهد نتيجة تبنيها ترشيح «الجنرال»، و«حزب الله» الذي يُعتبر «الرافعة الاساسية» التي أتاحت انتخاب عون نتيجة الثبات على دعمه «مرشحاً لا ثاني له» طوال 29 شهراً. ذلك ان «القوات اللبنانية» تَعتبر ان شراكتها مع عون تقتضي ان تحصل على حقيبة من الوزارتين السيادتين المكرّستين للمسيحيين (من اصل 4 هي المال والخارجية والدفاع والداخلية)، الى جانب حقيبة خدماتية أساسية وحقيبة متوسطة، وذلك من ضمن حصة وزارية (من 4 ) يوازي مجموعها ما سيحصل عليه تكتل عون (غير حصة رئيس الجمهورية اي 3 وزراء). إلا أن «حزب الله» في شكلٍ أساسي يعترض على منح «القوات» اي حقيبة سيادية، وسط معلومات عن ان الاتصالات تستمرّ حول صيغة لوزارة الدفاع يمكن ان تشكل «حلاً وسطاً» بحيث تتولاها شخصية تشكل نقطة تقاطُع بين تيار عون و«القوات» التي تواجه ايضاً اعتراضاً على ان تتولى حقيبة الاتصالات مثلاً التي يعتبرها «حزب الله» أمنية. وتشير أوساط مطّلعة الى ان «بورصة» التعقيدات تنطوي على «فيتوات متبادلة»، بحيث ان حلّ اي منها سيكون كفيلاً تلقائياً بإسقاط الثاني، وهو ما لا يلغي تالياً حظوظ ولادة الحكومة قبل الاستقلال بما يسمح بالحفاظ على الزخم الايجابي الذي وفّره انتخاب عون ثم تكليف الحريري، ولتفادي ما بدأ يُغمز من قناته عن «نيات مبيتة» لاستنزاف «الوقت الثمين» في تأليف الحكومة بما يجعل بلوغ اي توافق على قانون جديد للانتخابات النيابية (الربيع المقبل) شبه مستحيل ويدفع تالياً نحو إجراء هذا الاستحقاق وفق قانون «الستين» القائم حالياً رغم اعتراض أطراف عدة عليه. وحسب هذه الأوساط فإن من أبرز «اللاءات المتبادلة» التي تبدو أقرب الى «سقوف تفاوضية» هي اعتراض بري مثلاً على ان يكون للرئيس عون حصة وزارية وبحقائب منفصلة عن حصة «التيار الوطني الحر»، مقابل رفض عون و«القوات» بقاء الوزير خليل في حقيبة المال، وحرصهما ومعهما الحريري (في هذه النقطة) على تفادي جعل اي موافقة على بقاء «المال» من حصة بري على انها تكريس لعُرف دستوري يريده رئيس البرلمان مستنداً الى ما يقول إنها مداولات اتفاق الطائف التي منحت الطائفة الشيعية عبر حقيبة المال الشراكة بالتوقيع مع الموارنة (رئاسة الجمهورية) والسنّة (رئاسة الحكومة) داخل السلطة التنفيذية. وفي السياق نفسه، يبرز تمسك بري بحقيبة خدماتية لحليفه «تيار المردة» (يقوده النائب سليمان فرنجية)، وهو ما اشارت تقارير صحافية الى ان «القوات» لوّحت في مقابله بأنها ستدفع لتوزير رئيس حركة «الاستقلال» ميشال معوّض (وريث واحدة من أبرز الزعامات في زغرتا معقل فرنجية) وإسناد حقيبة خدماتية له. كما عكس انكشاف «الأزمة» في العلاقة بين «القوات» وحزب «الكتائب اللبنانية» جانباً آخر من التعقيدات التي يجري العمل على فكفكتها، لا سيما بعد اتهام رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل «القوات» بـ «السعي الى عزلنا».