فيصل عابدون شهران فقط بقيا قبل أن يسلم الرئيس باراك أوباما مفاتيح البيت الأبيض إلى خليفته الجديد دونالد ترامب ويغادر المبنى بعد فترتين رئاسيتين اختلف الأمريكيون والعالم الخارجي في تقييمهما كثيراً بحسب زوايا النظر المتعددة واتجاهات مصالح الناظرين والمحللين للسياسات. باراك حسين أوباما، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية تسلّم السلطة وهو شاب في ال47 من عمره ويغادرها اليوم وهو لا يزال شاباً مملوءاً بالحيوية ولا يتجاوز عمره ال55 عاماً. المفاجأة التي حققها أوباما وشدت انتباه العالم بأسره وتحوّلت إلى ظاهرة تاريخية لا سابق لها ، وكرّست الولايات المتحدة عبرها ميراث الدولة الأم للديمقراطية في العالم، أنه أول رجل من أصول إفريقية يتسلم منصب الرئاسة في هذه الإمبراطورية مترامية الأطراف والشديدة القوة والواسعة الثراء وذات الماضي العنصري الأشد ظلامية في التاريخ. لقد أعاد الأمريكيون اكتشاف الديمقراطية وأعادوا تعريفها من جديد عندما انتخبوا الفتى النحيل الأسود ليقودهم في أصعب حقبهم التاريخية وأشدها تعقيداً وغموضاً. وأثبتت الوقائع من بعد ذلك أن الرئيس الجديد كان على مستوى اللحظة التاريخية. حقوقي لامع وأستاذ جامعي من أصل مختلط شق طريقه إلى ملاعب السياسة الفسيحة ، ووصل فيها إلى أعلى قمة يمكن أن يتطلع إليها الطموح البشري. وفي انتخابات عام 2008 حقق أوباما انتصاراً ساحقاً على خصمه جون ماكين بفوزه في بعض معاقل الجمهوريين مثل أوهايو وفيرجينيا. وحصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009. وهو ثالث رئيس أمريكي يفوز بهذه الجائزة أثناء توليه منصبه بعد ثيودور روزفلت ووودرو ويلسون، وأول رئيس أمريكي يفوز بها في سنته الأولى في المنصب. اعتمد الحوار ومبدأ الحلول التوافقية في قضايا النزاعات التي تعصف بالعالم ، ففي فترة رئاسته الأولى أصدر أوامر سحب القوات الأمريكية من العراق، وإغلاق معتقل غوانتانامو، ووضع حداً للفوضى التي خلّفها سلفه بوش الابن. كما قام بخفض السرية على سجلات الرئاسة، وتغيير الإجراءات لتعزيز الإفصاح بموجب قانون حرية المعلومات. بدأ مرحلة متقدمة للتواصل مع العالم العربي والإسلامي. وألقى خطاباً في أنقرة بتركيا قوبل بالترحيب من قبل العديد من الحكومات العربية. كما ألقى خطاباً في جامعة القاهرة دعا فيه إلى بداية جديدة في العلاقات بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة وتعزيز السلام في الشرق الأوسط. ويقول موقع بوليتيكو إن نسبة التأييد في أوساط الأمريكيين لأوباما في أيامه الأخيرة بلغت 56 في المئة وهي نسبة نادرة من الشعبية لرئيس حكم ولايتين ، ويضيف الموقع أن الأمريكيين سيشتاقون إلى أوباما كثيراً بعد رحيله ومجيء ترامب. وربما ليس الأمريكيون وحدهم من سيفعلون. Shiraz982003@yahoo.com