قال سكان في مدينة الموصل، إن مقاتلي تنظيم «داعش»، الذين يحاولون التشبث بمعقلهم الرئيسي في العراق، قتلوا ما لا يقل عن 20 شخصا في اليومين الماضيين لقيامهم بتسريب معلومات إلى «العدو»، وعادوا إلى تسيير دوريات في شوارع المدينة للتحقق من أطوال لحى الرجال. وعرضت 5 جثث مصلوبة عند تقاطع طرق في رسالة واضحة إلى السكان الباقين في المدينة البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة، بأن المتشددين ما زالوا يمسكون بزمام الأمور رغم خسارتهم بعض المناطق في شرق المدينة. ويدير آلاف المقاتلين من تنظيم «داعش»، الموصل أكبر مدينة خاضعة لسيطرتهم في العراق وسوريا، منذ أن اجتاحوا أجزاء واسعة من البلدين في 2014. والآن يخوصون قتالا ضد تحالف يضم 100 ألف جندي يشملون قوات عراقية وقوات أمنية ومقاتلي البشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي الشيعية والذي يطوق المدينة بصورة شبه كاملة واقتحم أحياءها الشرقية. وقال سكان في اتصالات هاتفية في وقت متأخر يوم الثلاثاء، إن الكثير من أحياء المدينة باتت أهدأ مقارنة بالأيام القليلة الماضية، إذ سمح للمواطنين بالخروج لشراء الطعام حتى في المناطق التي شهدت قتالا عنيفا في الأسبوع الماضي. وقال أحد السكان في الموصل، «خرجت بسيارتي للمرة الأولى منذ بدء الاشتباكات في شرق المدينة. شاهدت عددا من شباب الحسبة وهم يدققون في اللحى والملابس ويبحثون عن المدخنين». وشرطة الحسبة التابعة لتنظيم «داعش»، هي شرطة دينية تفرض التفسير المتشدد للدين وخاصة في مجال السلوك. وتحظر هذه الشرطة التدخين وتفرض على النساء ارتداء النقاب والقفازات وتحظر على الرجال التشبه بشبان الغرب في الملابس وخاصة ارتداء الجينز. وتخرج دوريات الحسبة في المدينة في مركبات عليها علامات خاصة. قال أحد السكان، «يبدو أنهم يريدون إثبات وجودهم بعد غيابهم خلال الأيام العشرة الماضية خصوصا على الضفة الشرقية». ويمر نهر دجلة في وسط مدينة الموصل ويشطرها نصفين. ويسكن الشطر الشرقي الذي تمكنت فيه قوات النخبة العراقية من اختراق دفاعات تنظيم «داعش»، سكانا أكثر تنوعا من الشطر الغربي، حيث يسكن معظم العرب السنة، وحيث من المعتقد أن تنظيم «داعش» هو الأقوى. جثث مصلوبة .. وبدأ المتشددون مقاومة شرسة بعد أن طلب منهم زعيمهم أبو بكر البغدادي، في خطاب في الأسبوع الماضي، البقاء على ولائهم لقادتهم وعدم التراجع في «الحرب الشاملة» ضد الأعداء. وقال مسؤولون عسكريون عراقيون، إنهم يملكون مصادر معلومات داخل المدينة تساعدهم في تحديد مواقع مراكز «داعش»، لتستهدفها غارات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وبدا مشهد الجثث المعروضة علنا وحشيا في شرق الموصل، وبدا أنه تحذير لغيرهم من المتعاونين المحتملين. وقال ساكن ثان في الموصل، «شاهدت خمس جثث مصلوبة لشبان عند تقاطع طريق في شرق الموصل»، ليس بعيدا عن المناطق التي شهدت قتالا شرسا. وأضاف قائلا، «رجال داعش علقوا الجثث وقالوا، إنها لعملاء ينقلون المعلومات إلى القوات الخائنة والكفار»، في إشارة إلى الحكومة العراقية وحلفائها الغربيين. وفي علامة أخرى على التضييق على الاتصالات بالعالم الخارجي قال شرطي متقاعد، إن مسؤولين في التنظيم المتشدد يحاولون التدقيق في شرائح الاتصالات للاطلاع على بياناتها. وقال الشرطي (65 عاما)، الذي عرف نفسه باسم أبو علي، «ذهبت للحصول على معاش التقاعد كالعادة لكن رجلا في المكتب رفض منحي إياه ما لم أعطه شريحة الاتصالات أولا». وأضاف أبو علي، أن الرجل أخبره أن «هذه تعليمات داعش». وقال الكثير من السكان القريبين من مكان القتال، إن نطاق الاشتباكات مخيف، وكانت أصوات الرصاص وقذائف المورتر والغارات تتردد في الشوارع. وقال شهود في حي الزهور الذي ما زال تحت سيطرة «داعش»، إن سيارات تحمل قذائف صاروخية جابت الشوارع، لكنهم لم يشاهدوا هذه القذائف تطلق على العكس مما حدث في الأيام الماضية. ويعكس الهدوء النسبي تراجعا في حدة القتال منذ اقتحام قوات النخبة العراقية شرق الموصل قبل أسبوع، حيث واجهوا مقاومة عنيفة، لكنهم لم يحاولوا تحقيق أي تقدم كبير منذ ذلك الحين. وقال شاهد، «حركة السير عادت إلى طبيعتها تقريبا في معظم أنحاء شرق الموصل والأسواق تعمل، وإن كانت أقل مما كانت عليه قبل بدء العمليات العسكرية».