حفلت وسائل التواصل الاجتماعي في السودان بكثير من رسوم الكاريكاتير والتعليقات والأشعار الشعبية الدارجة التي تسخر من قرارات الحكومة برفع الدعم عن السلع الاستهلاكية وزيادة أسعار المحروقات والدواء بشكل لم تشهده البلاد من قبل.ولم تترك رسوم الكاريكاتير مسؤولا حكوميا إلا تناولته بالنقد، بمن فيهم رئيس البلاد عمر البشير، الذي وصفه أحدها "ببطل رفع الأسعار"، بينما أشار ثان إلى أن واحدا من مصادر الدفء في السودان هو الأسعار، بينما تهكم ثالث على وزير المالية بإيراده تعليقا يقول فيه لمواطن "قررنا أن السياسة الاقتصادية الجديدة تعتمد على مصادر غير البترول.. يعني سنعتمد عليك". ومع قساوة رسوم الكاريكاتير وطابعها التهكمي، أوجدت قصائد الشعر الشعبي (باللهجة السودانية المحلية) مكانا لها في مجالس الشعب المختلفة؛ حيث لا يوجد مجلس أو تجمع للمواطنين دون أن تلقى فيه قصيدة من الشعر الشعبي محمسة للرافضين أو متهكمة على الحكومة.كاريكاتير يعالج بأسلوب ساخر أزمة البنزين في السودان(الجزيرة) سلاح الشعروتناول أحد الشعراء تعليقا نسب لوزير الصحة ينصح فيه برقص النساء لمعالجة مرض سرطان الثدي بقصيدة قال في مطلعها "اﻇﻬﺮ ﻳﺎ ﻭﺯﻳﺮﻧﺎ .. ﻭﻓﺴر ﺍلأﺿﺤﻮكة، ﺍﻟﺴرطﺎﻥ كماﻥ ﻨﻌﺎﻟجه ﺑﺎﻟﺪﻟﻮﻛﺔ (طبل محلي).. ما ﺩﺍﻡ باﻟﻨظر ﺑﻨﻮﻗﻒ ﺍﻟﺒﺎﺯﻭﻛﺎ.. ﺇيه يمنع ﻧﻌﺎﻟﺞ ﺍﻟﺤﻤى ﺑﺎﻟﻤﻔﺮﻭﻛﺔ (أكلة محلية)".ثم عاود الكرة لينتقد وزير الصحة مخاطبا جموع المواطنين بقوله (اسمعوا ﻮﻳﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻫﺎﻛﻢ ﻗوﻟﻲ: ﺷﻔﻨﺎ ﺩﻭﻝ ﻛﺘﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﻔﻄﻲ ﻭﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻲ.. ﻟﻜن زي ﺯﻱ كلامك ما لاقيت يا زولي.. ﻛﻴﻒ ﺩﻛﺘﻮﺭﻧﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺷﺘﻪ "اسلولي" (مهلا). وفي مقابل ذلك، لم تقف القصيدة الفصيحة مكتوفة الأيدي، بل أسهمت هي الأخرى بنصيب، حيث نقل عن شاعر السودان في المهجر المعز عمر بخيت قوله في بعض أبيات قصيدة بالفصحي متحدثا بلسان الحزب الحاكم بالسودان: في سبيل المال سرنا.. نبتغي كل الثراء.سودانيون يستعملون لغة الكاريكاتير والشعر الدارج لنقد سياسات الحكومة (الجزيرة) لغة الكاريكاتيرويرى رسام الكاريكاتير نزيه حسن عثمان أن تناول قضايا فكرية برسوم الكاريكاتير يهدف إلى معالجة القضايا العامة بالبلاد، مشيرا إلى أنها لم تكن يوما للتسلية فقط، ويقول للجزيرة نت إن مشاركة التعبير بالرسم تمثل قمة التفاعل مع كافة القضايا المطروحة. ويشاطره الرسام فائز محمد حسن الرأي بأن رسم الكاريكاتير هو عبارة عن الكلمة والقصيدة "بل أقوى من ذلك"، معتبرا أن الغالب التهكمي أو غير الجاد لم يكن يوما سببا في علاج القضايا. ويشير في تعليقه للجزيرة نت إلى أن رسومات مواقع التواصل الاجتماعي لهواة تنتهي بزوال المؤثر، "لكن الرسومات الحقيقية تسهم في معالجة القضايا وتبقى بالذاكرة أطول فترة ممكنة".