×
محافظة المنطقة الشرقية

330 متقدما ومتقدمة للأعمال الإشرافية بمدارس الخبر ينهون الاختبارات

صورة الخبر

لغز القلب الكامل؟ كيف يمكن الحديث عن لغز في عالم الانترنت والشبكات الاجتماعية والاتصالات التي لا تتوقف على مدار الساعة، بل في عالم يشكو من الانكشاف الزائد والفائض، حتى من دون أخذ «الانكشاف» الآتي الاستخبارات وعوالم الهاكرز وغيرها؟ كيف «نجحت» قصة القلب الاصطناعي الكامل في الاختفاء، بعد أن انطلقت من باريس: عاصمة النور عالميّاً وتاريخياً؟ أكثر من ذلك، كيف صار «القلب الاصطناعي الكامل» لغزاً يكون لغز ما في العلوم، فيما العلماء ومجتمعاتهم لا يناقشون شيئاً أكثر من تبادل المعلومات والمعارف والبحوث، بل أن مفهوم التواصل الشفاف يجد في الأوساط العلمية سنده الأقوى، بحيث لا يقيد تدفق المعلومات سوى ما يأتي من الشركات وبراءات الاختراع والتنافس بين الشركات والمؤسسات وغيرها؟ وحتى هذه العوامل الأخيرة، لا تحول دون خروج تفاصيل كثيرة عما تسوّره براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية وغيرها، فكيف صار «القلب الاصطناعي الكامل» لغزاً؟   عودة إلى جنوب أفريقيا يزيد حدّة الأسئلة أن السعي لإيجاد بديل عن القلب عندما يتلف، هو من أكثر ما تتطلع إليه عيون العلماء والجمهور على حدّ واحد وسواء، خصوصاً منذ تلك العملية الخارقة التي نفّذها الراحل البروفسور كريستيان برنار في العام 1967، في جنوب أفريقيا، عندما نقل قلب ميت إلى مريض. بعد ما يزيد على 50 عاماً من تلك العملية، التي تردّدت أصداؤها في عالم لم يكن فيه انترنت ولا خليوي ولا تلفزيون فضائي، خرج من باريس تصريح قصير عن التوصّل إلى صنع «قلب اصطناعي كامل»، ثم غابت القصة عن الشاشات والبرامج والشبكات والصحف والمجلات وغيرها. وحين ظهرت تلك القصة، تبيّن أن مؤسسة «كارمات» Carmat الفرنسية، وهي متخصّصة في صنع الأجهزة الاصطناعيّة الطبيّة، زرعت قلباً اصطناعيّاً يعمل بصورة مستقلّة كليّاً في صدر مريض يبلغ من العمر 75 سنة، في 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013. أجريت العملية في «مستشفى جورج بومبيدو» الأوروبي. بعد يومين، خرج إعلان قصير عن هذا الانجاز الطبي البارز. ومنذ اللحظة الأولى، بدت الإثارة كاملة. إذ لم يرافق الخبر صور عن العملية ولا المريض، كما يكون الأمر عادة. وحلّ ظلام سريع. وقبيل مطلع السنة الحالية، تلقى «مستشفى جورج بومبيدو» رسالة من مؤسسة «كارمات» تذكره ببنود السريّة في الاتفاق الذي أجريت تحت ظلاله عملية زرع القلب الاصطناعي الكامل. وتسرّب ببطء أن الاتفاق نصّ على عدم إذاعة تفاصيل هذا القلب، إلا بعد إجراء عمليتي زرع أخريين. يفترض أن عملية ثانية لزرع قلب اصطناعي كامل، أجريت في «مستشفى جورج بومبيدو» في 6 كانون الثاني (يناير) الماضي، وأن يعقبها عملية زرع مماثلة، ربما في أحد مستشفيات «نانت». ولا يُعرف عن العملية الأولى لزرع قلب اصطناعي كامل، سوى أن المريض لا يزال بخير، وأن فريقين متخصصين يتوليان رعايته، كلاً باستقلالية عن الآخر. ولا يزال الغموض سيّد الموقف بالنسبة إلى هاتين العمليتين!   إن تعطّلت الرقاقات في مزيد من التفاصيل، أن مؤسسة «كارمات» أعلنت في 2009، أنها توصّلت لصنع قلب اصطناعي كامل في مصنعها في «فيليزي»، مشدّدة على أنه يعمل باستقلالية كاملة، ولا يحتاج إلى آلات مساندة في عمله وهي التي لا يستغني عنها القلب الاصطناعي الأميركي من نوع «جارفيك». ويرجع الى البروفسور الفرنسي آلان كاربنتييه، الفضل في صوغ الأساس العلمي هذا القلب الاصطناعي الكامل. ويتشارك كاربنتييه مع المستثمر المالي «ماترا» في مؤسسة «كارمات» التي يحمل اسمها المقطع الأول من الإسمين السابقين. ويصل الوزن المالي لهذه المؤسسة إلى 440 مليون يورو. وفي خريف العام المنصرم، حازت «كارمات» الحق الحصري في الاختبارات السريرية عن القلب الاصطناعي، من قِبَل «الوكالة الوطنيّة (الفرنسية) لأمان الأدوية» التي تعرف باسمها المختصر «أنسم». ومنحت «أنسم» لـ»كارمات» الحق في منع المرضى من التحدث إعلاميّاً عن عملية الزرع، ما جعل التكتّم شبه شامل. في المقابل، أثار الاعلان عن نجاح زرع قلب اصطناعي كامل، اهتمام الناس في أرجاء الكرة الأرضية. ومن المعلومات القليلة عن هذا القلب الاصطناعي أنه يتألف من مئات من الرقاقات الإلكترونيّة المتطوّرة التي تدير قلباً مصنوعاً من ألياف اصطناعية ذات مواصفات مشابهة للنسيج البيولوجي. وبفضل هذه الألياف، يعمل القلب الاصطناعي الفرنسي كأنه قلب بيولوجي كليّاً. إذ تعمل صمّاماته وغرفه الأربع (بطينان وأذينان) بطريقة مطابقة لما يحصل في قلوب البشر. من الواضح أن هذا القلب يجّنب من يتلقاه أخطار رفض عضو غريب، وهو الشيء المقلق في عمليات نقل القلوب بين البشر. ثمة أخطار اخرى تتمثّل في الالتهابات المتكررة، وأخطار توقّف عمل الرقاقات الإلكترونيّة، وهو أمر نشاهد نظيره يوميّاً في الحواسيب والأجهزة الإلكترونيّة والأدوات الرقمية بأنواعها. وفي إعلانات سابقة، بيّنت مؤسسة «كارمات» أن عشرين مليون مريض يعانون قصوراً في القلب في الولايات المتحدة وأوروبا، مشيرة إلى أن القلب الاصطناعي الذي صنعته يستطيع انقاذ حياة عشرات الآلاف من هؤلاء المرضى سنويّاً. وتبلغ كلفة القلب الاصطناعي الكامل قرابة 180 ألف يورو. ليس غريباً انه سهم «كارمات» قفز 20 في المئة بمجرد الإعلان عن نجاح عملية زرع القلب الاصطناعي الكامل، بل أنه لا يكف عن الصعود منذها!