×
محافظة المنطقة الشرقية

8600 مصيدة فيرمونية لمكافحة سوسة النخيل

صورة الخبر

الشعب السعودي يتثقف سياسياً بواسطة اجتهاداته الذاتية بعيداً عن مؤسسات التعليم والإعلام التقليدية، التي عجزت عن أن توفر له مناخاً صحياً لبناء معارفه السياسية، ويعود ذلك لأسباب عديدة وواقعية من الناحية التاريخية، فالابتعاد عن السياسة في السابق كان بسبب عدم الحاجة للخوض في متاهات فكرية تجلب التشتت والإحباط أكثر من فائدتها، أما اليوم فالابتعاد عن تقديمها كمنهج تربوي يعد أمراً يجلب التشتت والحيرة وتداخل التوجهات وفقدان الأرضية الصلبة التي يقف عليها المجتمع مدافعاً عن مكاسبه التاريخية، كمجموعة من الناس حققت تقدماً كبيراً وتريد الحفاظ عليه. شبكات التواصل الاجتماعي جعلت من المجتمع السعودي مجتمعاً سياسياً بامتياز، فكل قرار أو هواية أو خطبة وموعظة، تُفسر وفق شروط السياسة وقواعدها الجدلية والمتنافسة، فكل مشارك وكل مصنف إلى تيارات سواء أكانت تصنيفات وهمية أم حقيقية، الشيء الواضح أن المنافسة بين أفراد المجتمع في شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت شيئاً موجوداً، ولها ميدان وأدوات، ولكن منافسة على ماذا؟ هل هي منافسة على مناصب، أم مكاسب تيارات، أم منافسة لأجل المنافسة؟! قد تكون كل ذلك، فاحتدام القناعات والمواقف في الفضاء الإلكتروني بدأ يشتد نحو إثبات الوجود السياسي للفرد والتيار أكثر منه تعبيراً صادقاً عن المكتسبات الوطنية.. هذه المنافسة السياسية الافتراضية أزاحت الكثير من الرموز السياسية التقليدية التي عرف عنها في السابق بناء معارف الجمهور السياسية سواء كان ذلك عن طريق كتّاب الصحف أو كاتب سياسي موجود في دور النشر، أو تعليمات رسمية تحدد الصواب من الخطأ لجمهورها، هل هذا الأمر صحي؟ قبل الحديث عن صحته لابد من الاعتراف أنه تطور حتمي قائم على ارتباك المشاركة وغياب المؤسسات والنخب الموثوق بها، بقصد أو بدون قصد.. التطور السياسي لوعي الشعب السعودي في أحد سماته تطور مرتبك وغير ثابت، ولكنه تطور موجود، وعدم رصد حركاته من قبل الباحثين والمهتمين في شؤون السياسة سوف يفقدنا فرصة ثمينة تدرس الإرادة السياسية للشعب التي تكونت من ذاتها وتمحورت حول ذاتها، والخروج من ذاتيتها ليس خروجاً نحو موضوع الوطن ولكن نحو شيء ذاتي آخر، ربما يسمى في التعريف التقليدي للوطنية بأنه شيء غير وطني، الانتباه لوعي المجتمع السياسي أمر مطلوب لمعرفة طريق الكلام مع المجتمع، معرفة الكيفية التي أصبح المجتمع بها يمثل مصالحه الخاصة، فإهمال الوعي السياسي للمجتمع يجعل مفهوم الوطنية ليس شيئاً يتعلق بالهوية والولاء للأرض، بل وظيفة تبدأ بالتعيين وتنتهي بالتقاعد، ويتخللها النقل والترقية والفصل، فإن كان هذا الأمر صحي، فما هو الشيء الخطأ إن غاب مفهوم المواطنة عن التربية السياسية للمجتمع.