×
محافظة المدينة المنورة

المديرية العامة للمياه تعايد موظفيها

صورة الخبر

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن حالة التراث المعماري والعمراني الإسلامي في اليونان. ولاحظنا أن الحكومة اليونانية لا تبذل للأسف المجهود الكافي ولا تبدي الاهتمام المطلوب للمحافظة على ما يوجد لديها في مدنها من تراث حضري عمراني ومعماري إسلامي من الحقبة العثمانية المتميزة، وذلك لأسباب تاريخية وسياسية واجتماعية بحتة. وكنا نتمنى أن نشهد مجهودا طيبا واهتماما مقبولا من الجهات الرسمية اليونانية للحفاظ على ذلك التراث الرائع، فهو ليس فقط جزءا من التاريخ الإسلامي وإنما أيضا هو جزء من تاريخ اليونان نفسها، كما هو الحال مع التراث الإسلامي الأندلسي الرائع فى مملكة إسبانيا، على سبيل المثال. أما في مدينة «صوفيا» عاصمة بلغاريا وأكبر مدنها، والتي وقعت تحت السيطرة العثمانية منذ عام 1443م وإلى أكثر من أربعة قرون، حيث أقامت فيها جالية عثمانية كبيرة، وأنشئ فيها العديد من المساجد والحمامات والنوافير على النمط العثماني، وأصبح الشكل العمراني العام للمدينة ايضا يتبع أنظمة وفلسفة تخطيط وبناء المدينة العثمانية. في صوفيا، وهي إحدى أجمل وأنظف ما رأيت من المدن الأوروبية، يوجد العديد من المساجد العثمانية الشهيرة، صمم احدها المعماري العثماني الشهير «سنان». وهذا هو في الواقع المسجد الوحيد الآن الذى لا يزال يحتفظ بوظيفته كمسجد في قلب عاصمة بلغاريا، وأسعدنا الحظ بأداء صلاة الجمعة بداخله. أيضا في مدينة «بلوف ديف»، وهي ثاني أكبر مدن بلغاريا بعد العاصمة صوفيا، ومن أجمل مدن البلقان، يوجد هناك عدد من المساجد والنزل والمساكن والحمامات والاحياء السكنية من العهد العثماني. في هذه المدينة الساحرة، يوجد مسجد الجمعة (بني عام 1430م أثناء حكم السلطان مراد الثاني)، وهو من أكبر المساجد في بلغاريا إلى جانب المسجد الكبير فى مدينة صوفيا. هذه المدينة الجميلة تعطي دروسا واقعية وعلى الطبيعة ليس فقط عن كيفية المحافظة على التراث المعماري والعمراني، وإنما أيضا عن الطريقة السليمة في احتواء المناطق التراثية والقديمة والأثرية ضمن النسيج العمراني العام للمدينة، وإعادة استخدامه والاستفادة منه، وجعلها متكاملة ومتناسقة مع الشكل الحضري الثقافي الشامل لبيئة المدينة في لوحة فنية رائعة وكأنها سيمفونية موسيقية متواصلة في الزمان والمكان. هذا هو الدرس الذي يجب على كل من يعمل في إدارة وتخطيط المدن أن يتعلمه ويستوعبه، وهو ما نتمنى تحقيقه في مدننا التي أصبحت الآن وكأنها لا تنتمي إلى مكان ولا إلى زمان. الخلاصة التي يجب استنتاجها من تلك الجولة الأكاديمية في مدن البلقان هي ذات شقين. أولا، لا بد للدول والمنظمات الإسلامية من التحرك والعمل الجاد لإنقاذ والمحافظة على ما تبقى من التراث المعماري والعمراني الإسلامي الجميل في جميع أنحاء العالم، وإعادته إلى صورته الأصلية الرائعة، مع إعادة استخدامه إما في وظيفته التي أنشئ من أجلها أو في وظيفة مناسبة أخرى تحفظه من التدهور والانقراض. أما الشق الثاني، فهو أهمية الاستمرار في إرسال أفواج ووفود من الباحثين والطلبة والمهتمين من الأكاديميين المتخصصين في الحفاظ على التراث لدراسة حالة ذلك التراث العمراني والمعماري الثمين العظيم قبل أن يختفي، ولإشعار المنظمات العالمية المختصة باهتمام الدول الإسلامية بهذا الأمر الحيوي لحياة وثقافة المجتمع الإسلامي وتاريخه الزاخر.