في كثير من الأحيان تضع الهيئات والمؤسسات خططاً ترسم من خلالها ما ترغب في إحداثه في مسارها الراهن والمستقبلي وينفق على مثل هذه الخطط إنفاقاً كبيراً. وقد يشارك أفراد لهم خبرات واسعة وينتهي الأمر إلى تقديم رؤية جميلة ومميزة تتضمن تصوراً مثالياً لما ينبغي أن يكون وخطوات منطقية لما يفترض أن يحدث كل ذلك من أجل تحسين الأداء وتطوير القدرات وتوفير المناخ الأفضل للحياة في مجتمع من المجتمعات. غير أن مثل هذه الخطط تظل مثالية ما لم يكن هناك وضوح في الكيفية التي سيتم فيها التنفيذ بحيث تكون هناك خطوات عملية وحدود زمانية ورقابة صارمة على طريقة تنفيذ الخطة والمقترح وغياب مثل هذه الأمور جعل الكثير من الخطط والمقترحات مجرد أماني ورغبات تاهت في دروب الزمن ونسيها واضعوها ولم يعلم عنها المجتمع الذي وضعت من أجله. إضافة إلى ذلك أن ما أنفق عليها ذهب هدراً ولم تنتج عنه أي فائدة تقابل القيمة المادية الكبرى, كم من خطط واقتراحات تعب الكثيرون في إعدادها ثم ألقيت في أدراج وأصبحت في طي النسيان. وكم من خطط واقتراحات أسهم في وضعها مخلصون راغبون في تقديم أفكار تستحق التبني وطرحها على أرض الواقع ويرتجى منها الخير ثم تجد من يلقي بها في الظلمات. وينطبق هذا الواقع المرير على الخطط والابتكارات في كل مجالات الحياة بما في ذلك الدراسات الإنسانية والتطبيقية التي قد تنتج عنها صناعات واختراعات، ومؤلفات إبداعية تحرك الفكر الإنساني, والدراسات الإدارية والتربوية, كل هذا يدخل في هذا الإطار والأمثلة كثيرة لو تحدثنا عن مشاريع خطط لها ومقترحات كلّف إعدادها الشيء الكثير من الوقت ودفعت الأموال في إعداد بحوث ودراسات عنها انتهت جميعها إلى العدم ولم يستفد المجتمع منها. ما انتهي إليه: أن خطط ومقترحات دون رقابة صارمة لتنفيذها وتمكينها للاستخدام تصبح مجرد هدر في المال وجهد الأفراد المخلصين.