×
محافظة المنطقة الشرقية

رئيس هيئة الجبيل وينبع يزور هيئة ينبع‎

صورة الخبر

بينما قررت السلطات البلجيكية تحديث المعروضات في المتحف الملكي لوسط إفريقيا، باستثمار 66 مليون يورو، ربما تسترجع بروكسل رمزية الماضي الاستعماري الأسود لإفريقيا. ويتطلع المتحف الملكي لإفريقيا الذي يقع في مقاطعة تيرفورن على مشارف العاصمة البلجيكية بروكسل إلى تقديم صورة أكثر وضوحا للقارة الإفريقية عن طريق استعراض الفترة الاستعمارية. وتقول لافتة موضوعة على أحد المجسمات الأربعة التي تستقبل الزوار الداخلين إلى المبنى المحمي للمتحف في تيرفورن الذي فتح أبوابه أمام الجمهور منذ 102 عام حاملا اسم متحف الكونغو البلجيكية " تقوم بلجيكا بإدخال الحضارة إلى الكونغو"، وقد حصلت جمهورية الكونغو الديموقراطية التي كانت تعرف باسم زائير على استقلالها منذ 52 عاما، ولكن لا يزال ممكنا داخل المتحف الملكي التعرف على شكل نظرة السادة الاستعماريين السابقين إلى الكونغو. حيوانات محنطة تعيش في القارة الإفريقية معروضة في المتحف الملكي البلجيكي. وكان الملك ليوبولد الثاني كثير السفر إلى مختلف أنحاء العالم وقد أحب إفريقيا وبالأخص الكونغو، فأحضر منها الكثير من المقتنيات الإفريقية المعروضة حالياً في أنحاء قصره، كما استغل حديقة القصر وغرس بها شجيرات أحضرها معه خلال تجواله من مختلف أنحاء العالم، لتتحول حديقته إلى "متنزة" وقصره إلى "متحف". ويسعى جويدو جريسيلز مدير المتحف أن يقدم متحفا أكثر عصرية وتطورا بمساعدة برنامج للتجديد بتكلفة 66 مليون يورو من المنتظر أن يستغرق تنفيذه أربع سنوات، وبحلول عام 2016 سيتم إضافة معارض تتناول الحياة المعاصرة في إفريقيا لإثراء معارض التاريخ الطبيعي الحالية والرسومات التي لا تحمل غالبا تعليقات حول الحياة خلال الفترة الاستعمارية. ويجمع هذا المتحف بين مواضيع الإثنوغرافيا والتاريخ الطبيعي وتم تأسيسه في 1897 بالتزامن مع "معرض بروكسل الدولي"، وكانت بلجيكا في ذلك الوقت تمتلك تأثيراً استعمارياً على وسط إفريقيا، حيث ظلت تحكم دولة الكونغو حتى الستينيات. يضم المتحف اليوم 180 ألف قطعة إثنوغرافية و250 ألف عينة صخور وأكثر من عشرة ملايين عينة حيوانية. مجسم لإفريقي أمام مدخل المتحف. وفقد المتحف كثيرا من التمويل وسمعته الجيدة عندما انتهى الحكم الاستعماري البلجيكي للكونغو عام 1960، وبالتالي بدأ المتحف في التركيز على مشروعات الأبحاث وزيادة حجم مجموعاته، ويتضمن قسم علم أصل الأجناس وحده قرابة ربع مليون موضوع إلى جانب مائة ألف صورة، ويوضح جريسيلز طبيعة هذه السنوات قائلا إنه لم يكن ثمة أية ضغوط سياسية أو اجتماعية لتغيير محتوى هذا المتحف. ومع بداية عام 1995 فقط غامر المتحف بمحاولة القيام بشيء جديد وتمكن من تحقيق الشهرة بمعرض رائع يتكون من كنوزه المخفية التي أثارت موجة من النقاش حول معنى ووظيفة المتحف. ويعرب جريسيلز عن اعتقاده بأنه يتعين على المجتمع البلجيكي أن يقوم بإعادة النظر في التاريخ الاستعماري لبلجيكا برمته، ويقول إنه لا يزال يوجد جيل خبر الفترة الاستعمارية وينظر خلفه إليها بطريقة يشوبها الحنين إلى الماضي. مرافق المتحف ومعروضاته تخضع للتحديث. وعلى العموم كانت الكونغو ثاني أغنى دولة في القارة الإفريقية وهي تحت الحكم البلجيكي وانهارت عندما انسحب الأوروبيون منها، ويمجد كثير من البلجيك ومعظمهم من الجيل الأكبر سنا الفترة الاستعمارية وبالتالي فمن الضروري وجود فهم قائم على المعرفة لهذه الفترة. وقد أخذ المتحف خطوة في هذا الاتجاه عام 2005 بتنظيم معرض عن التاريخ المشترك لكلا البلدين، واجتذب المعرض 140 ألف زائر خلال فترة ستة أشهر وأدى إلى إثارة جدل محوري داخل المجتمع البلجيكي. ويرى جريسيلز أن هذا يعد أحد الإنجازات الكبرى للمتحف، ويقول إنه حتى عشرة أعوام مضت كان جميع أبناء بلجيكا يعتقدون أن بلادهم لم ترتكب أي خطأ. من ناحية أخرى، يشير البروفيسور بيير دي ماريت أستاذ التاريخ الإفريقي في جامعة بروكسل الحرة إلى أن جيل الشباب يتهم السياسة الاستعمارية بأنها مسؤولة عن تدمير الكونغو ويشعرون بالخجل من ماضي بلدهم، ويشاركهم في وجهة النظر هذه أبناء الكونغو الذين يعيشون في بلجيكا ولكنها تتناقض مع آراء بعض الكنغوليين الذين ظلوا في بلدهم. ويوضح البروفيسور دي ماريت أن ثمة مفارقة مفادها أن مواطني بلجيكا الأكبر سنا ليسوا وحدهم الذين يعظمون هذه الفترة الاستعمارية، ويقول إنه عندما زار الكونغو لأول مرة منذ أكثر من 40 عاما كان بعض الكنغوليين يسألونه متى تنتهي فترة الاستقلال التي تعيشها البلاد. ويضيف، أن أهالي الكونغو خبروا القمع والحرمان من الحرية خلال فترة الاستعمار البلجيكي، ومع ذلك كان الطعام متوافرا وكذلك المدارس على الأقل قبل 15 عاما من الاستقلال الذي تحقق عام 1960، الأمر الذي دفع بعض المؤيدين للاستعمار الذين يشعرون بالحنين للماضي إلى أن يعتبروا هذا العهد فترة ذهبية.