منذ توليه مسؤولية إمارة المنطقة الشرقية؛ وضع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز تنمية المنطقة على قائمة أولوياته؛ وفق فلسفة تعتمد الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص؛ المحرك الرئيس لجوانب التنمية. حظي القطاع الخاص بدعم إستثنائي؛ وأثبت أنه قادر على العطاء والمشاركة متى تهيأت له الظروفة المحفزة وأزيلت من أمامه التحديات و المعوقات التي قد تبطئ من حركته. لم يتردد يوما في تقديم الدعم الأمثل للقطاع الخاص أو مشاركتهم تدشين مشروعاتهم التي تعتبر ملكا مشاعا للوطن؛ قبل أن تكون أملاكا خاصة للمستثمرين؛ فكل ريال ينفق في التنمية الاقتصادية يحقق عوائد مختلفة تعود بالنفع على الجميع. خلق الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص ليس بالأمر الهين؛ وكسب ثقة المستثمرين ربما كان أصعب خاصة في ظل المتغيرات الإقتصادية؛ إلا أن ما نشهده اليوم يؤكد أن حسن الإدارة؛ وتوفير الدعم اللازم؛ وإزالة المعوقات ورقي التعامل قادرون على تحقيق أهداف التنمية وتعزيز الثقة وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات. وبالرغم من التفاوت في مكونات القطاع الخاص؛ من حيث حجم الإستثمارات ونوعية المخرجات؛ إلا أن ذلك لم يمنع التعامل مع الجميع وفق منظومة العلاقات المتميزة والمحفزة على العمل والإنتاج والإبداع والابتكار. لم يكن تكريم المبتكرين في شركتي أرامكو وسكيكو والذين وفروا للوطن مليارات الريالات حدثا عابرا في «إثنينية» أمير المنطقة الشرقية بل هي القاعدة لكل إبداع يحدث في المنطقة؛ وخارجها أيضا؛ فالوطن كل لا يتجزأ يعمل الجميع على خدمته وإبراز نجاحاته ومكتسباته. الحديث عن «الإثنينية» يقودنا إلى مجموعة من المتغيرات الجميلة وفي مقدمها تحولها إلى ملتقى لجميع أطياف المجتمع؛ ومنبرا لطرح الرؤى والأفكار؛ ومسرحا لتكريم المبادرين؛ وللإدارات الحكومية والجامعات والشركات الكبرى والمبدعين لتقديم ما لديهم من خلالها. تكريم رواد المسؤولية الإجتماعية لا يمكن أن يغيب عن «الإثنينية»؛ وإن كنت أعتقد أن تحفيز الأمير سعود للعمل المجتمعي كان خلف مبادرات رجال الأعمال في المسؤولية المجتمعية التي كانت تحتاج إلى من يحفزها ويعيد تنظيمها ويحقق الاستفادة من جانب الخير الكبير الذي يسيطر على قلوب غالبية السعوديين. المزج بين الجوانب الاقتصادية والتنموية والمجتمعية أمر مهم؛ وهو ما أجزم أن الأمير سعود بن نايف يعمل على تحقيقه بكفاءة؛ وفق الأدوات المتاحة. قد يكون الوقت والتنسيق بين الجوانب الثلاثة من التحديات التي يستوجب التعامل معها؛ عوضا عن التحديات الخارجية التي قد لا يكون للمرء يد فيها؛ غير أن غالبية زيارات سموه للمحافظات لا يمكن الفصل فيها بين المكونات الثلاثة الرئيسة التي ربما تحولت إلى ثقافة متجذرة. فزيارات الأهالي في مجالسهم تقليد أصيل؛ لم تغيره الظروف ولا تعاقب الأجيال؛ وهو ما نراه بشكل جلي في كل زيارة يقوم بها الأمير سعود لمحافظات المنطقة. يبرز الجمع بين الشؤون الإقتصادية والتنموية والمجتمعية في زيارته لمحافظة الجبيل؛ التي بدأها بإفتتاح مشروعات تنموية كانت الجبيل في أمس الحاجة لها؛ خاصة معالجة ملف «الصرف الصحي» الذي أرق المحافظة لأكثر من 15 عاما؛ إضافة إلى حديقة السلام التي أصبحت المتنفس الأجمل للمدينة؛ ومشروعات وقفية. ثم أعقبها بزيارات للأهالي في مجالسهم ثم تدشين الشركة العالمية للأنابيب ضمن مشروعات القطاع الخاص برغم ضغط الوقت وتفرق المواقع؛ وازدحام جدول الزيارة بالمشروعات والمناسبات الرسمية إلا أن فرق المساندة اللوجستية التي غالبا ما تنسى؛ كانت حاضرة بدأ من المراسم التي بذلت جهدا استثنائيا؛ ومرورا بالأجهزة الأمنية التي جمعت بين تحقيق أعلى معايير الأمن والسلامة؛ بلمسة دبلوماسية تستحقها الزيارة الكريمة؛ وانتهاء بالإدارات الحكومية والشركات وفي مقدمها محافظة الجبيل. وبالعودة للزيارات المجتمعية للأهالي؛ نجد أن هناك رسائل متنوعة تتضمنها كلمات الأمير سعود تهتم بتعزيز الإنتماء والتلاحم؛ وربط الأجيال بعضها ببعض؛ غير أن ما لفت نظري تركيزه على بعض الرسائل التي اهتم بها الملك عبدالعزيز؛ رحمه الله؛ وما زالت من أهم متطلبات عصرنا الحالي؛ وفلسفة الربط بين جوانب التنمية والمجتمع التي كانت حاضرة في مفاوضات امتياز النفط بين الملك عبدالعزيز وبعض شركات النفط الأمريكية؛ وتقديم الملك عبدالعزيز لشروط يجب الوفاء بها؛ ترتكز على التعليم والتوظيف والعلاج. ركائز ثلاث يمكن أن تكون مفتاح التنمية الحقيقية التي تجاهد الحكومات من أجل تحقيقها. أما التوظيف فمن شروطه قبول السعوديين بمعزل عن قدراتهم الفنية والتعليمية؛ والقيام بتدريبهم وتمكينهم من الوظائف وهذا ما حدث بالفعل؛ حتى أن بعض الأجداد كان يتحدث الإنجليزية ويتقنها قراءة وكتابة في الوقت الذي كان يجهل فيه القراءة والكتابة بالعربية. الأمر كان أكثر إشراقا لكثير من الشباب الطامحين لتطوير الذات والتعلم. وزير النفط السابق المهندس على النعيمي؛ من المخرجات المتميزة لذلك التوجه الذي وضعه الملك عبدالعزيز شرطا لشركات النفط الأمريكية. هناك جانب من الحديث ارتبط بتنمية المحافظة والهيئة الملكية للجبيل وينبع ودورها الريادي في المنطقة والاقتصاد السعودي تحتاج مني إلى مقالة أخرى مستقبلا بإذن الله. قد تكون المؤتمرات والمعارض من أدوات تحفيز الإستثمارات الرئيسة؛ إلا أن تهيئة البيئة الحاضنة أكثر أهمية. مؤتمر سابك الفني والمعرض المصاحب من المؤتمرات المهمة في المنطقة؛ أكثر من 250 شركة شاركت في المعرض الذي ضم نماذج مشرفة من الإبتكارات السعودية ومنها إبتكارات خاصة بشركة سابك وشركات أخرى. المبادرون الشباب كان لهم حضور مميز في المعرض؛ الذي أصبح متنفسا لهم لعرض ما لديهم وللتواصل مع الشركات؛ وللحصول على دعم أمير الشرقية الذي أصبحوا يلقبونه بـ «بالداعم الأول للشباب». عودا على بدء؛ فزيارة الأمير سعود لمحافظة الجبيل جمعت بين الاقتصاد والتنمية والمجتمع؛ وهي زيارة مباركة يترقب المواطنون لها دائما؛ ويحرص على ألا تكون إلا ضمن مشروعات نوعية تسهم في تنمية المحافظة؛ أو كما قال بأسلوبه البسيط «لا أود أن آتي إلا بـ صوغة» أي هدية تستحقها المحافظة وقد فعل. وستبقى زياراته المجتمعية «صوغة» يرتقبها الجميع.