×
محافظة المدينة المنورة

أمين المدينة : صرف مكافئات ومتأخرات للموظفين

صورة الخبر

محمود الريماوي بعد أن نجحت الحوارات الماراثونية بين الفرقاء الليبيين بتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، وبعد أن حظيت هذه الحكومة بثقة البرلمان في طبرق، وبأوسع دعم إقليمي ودولي.، وبعد أن كان من المنتظر أن تستكمل هذه الحكومة انفتاحها على سائر المكونات السياسية والعسكرية، بعد هذا وذاك نشأت تطورات تعيد الأمور إلى ما يقترب من نقطة الصفر، فقد تحركت أطراف من داخل طرابلس العاصمة ممثلة على الخصوص بالأمن الرئاسي ثم برئيس حكومة الإنقاذ خليفة غويل، مشككة بشرعية حكومة الوفاق بعد ما كانت منحتها الثقة.وما شهدته ليبيا في الأسابيع القليلة الماضية لا يعدو أن يكون صراعاً متجدداً على السلطة، وعمليات استقواء متبادل، ورفض رؤية نهاية لهذا الصراع ما لم يضمن كل طرف ما يراه من حصة له في الحاضر والمستقبل. إذ كان من اللافت أن الحكومة الثالثة في البلاد برئاسة عبدالله الثني، قد باركت بالفعل نشوء حكومة الوفاق التي تشكلت أواخر فبراير من العام الجاري، لكن هذه المباركة سُحبت بعد قيام تنسيق بين حكومة الثني وحكومة غويل، وقد دعوا معا مؤخراً لما أسمياه بحكومة وحدة وطنية. إن حكومة السراج (الوفاقية) وقد اهتزت البيئة السياسية الداعمة لها، ومع تعدد مراكز القوة المسلحة بين جيش وطني وكتائب ثوار وهيئة أركان، فقد باتت هذه الحكومة طرفاً من الأطراف المتنازعة، وهو ما أراده الذين انقلبوا عليها بعد أن منحوها الثقة. من هنا جاء النداء الذي أصدرته مجموعة الأزمات الدولية مؤخرا والذي تضمن الدعوة إلى استئناف المحادثات التي كانت اختتمت في الصخيرات بالمغرب مع ضم اللاعبين الرئيسيين الأمنيين إليها وذلك بعدما وصل تنفيذ اتفاق الصخيرات إلى طريق مسدود حسب وصف المجموعة. ولعل المقصود بذلك هو التنازع بين قوى سياسية ذات تشكيلات عسكرية ومسلحة، الأمر الذي يثير المخاوف بأن الفشل في إرساء تفاهمات سياسية قابل للتحول إلى نزاع مسلح. هذا النداء من طرف منظمة دولية ذات سمعة استشارية مرموقة، قد يبدو غير ملزم لأحد من أطراف النزاع، لكن الجميع لا بد مدركون أنهم بحاجة لغطاء دولي، ورعاية خارجية حتى لا تنزلق البلد إلى مواجهات محمومة. وبعدما تبين أن الأطراف الداخلية عاجزة عن أن تنجز أي اتفاق ما بينها، أو حتى الجمع بين الأطراف إلى مائدة واحدة. وعليه فإن النداء يتوجه إلى الأطراف الدولية كما إلى دول الإقليم المعنية بالأزمة الليبية، من أجل تسهيل استئناف التفاوض وسد الثغرات وطمأنة الجميع بأنهم شركاء في صياغة مصير وطنهم، ودعوتهم لتحمل المسؤوليات معا بصورة جماعية متفق عليها، إلى أن يُصار إلى إجراء انتخابات عامة جديدة تفرز مجلساً نيابياً يحظى بالثقة كمؤسسة تشريعية ساهرة على تأمين الانتقال السياسي. من المؤسف حقاً أن فترة السنوات الخمس الماضية لم تكن كافية لإقامة عهد جديد في ليبيا يخلف الديكتاتورية السابقة. بينما قطعت الجارة تونس التي شهدت ظرفا ثوريا مشابها، شوطاً طويلاً في استقرار المؤسسات الدستورية وإجراء انتخابات منظمة معترف بها. وواقع الأمر أن ليبيا بحاجة إلى فترة انتقالية لبسط الأمن الموحد ودمج الميليشيات والكتائب في الجيش الوطني، وأمور كهذه وغيرها بحثها الفرقاء على مدى عامين على الأقل، غير أن ما تم الاتفاق عليه لم يُقيض له التطبيق إلا بصورة جزئية، حيث سُرعان ما نشأ النزاع بين سلاح الشرعية، وبين مشروعية السلاح وبعبارة أخرى بين السياسيين والعسكريين. لكن ضمانة التنفيذ تتطلب تفاهماً واتفاقاً بين العسكريين: قادة الألوية والكتائب والأركان. علماً أن أي تأخير إضافي في إنجاز التفاهمات سوف يقلل من الرصيد المعنوي الذي يمتلكه الفرقاء. فعلى مدى سنوات الأزمة فقد عاش الناس في أزمة اقتصادية صعبة بدون أن ينعموا بثروة النفط، التي تعطل إنتاجها لفترات طويلة كما تعطلت السيطرة على عائداتها. كما استغل تنظيم داعش الإرهابي اضطراب حبل الأمن والفراغ الأمني في بعض الحالات والمناطق من أجل التسلل إلى هذا البلد، وقد حققت القوات الحكومية (بقيادة حكومة الوفاق) تفوقاً على هذا التنظيم في منطقة سرت، والمفارقة أنه يُخشى بعد دحر هذا التنظيم بصورة كلية من سرت ومحيطها، أن تنشب مواجهات بين القوى المسلحة المتنازعة. من حسن الطالع أن المنازعات في ليبيا لا تشهد احتكاكاً مسلحاً بين الفرقاء، والمأمول والمطلوب أن يواظب الجميع على الاعتصام بحبل التنافس السياسي السلمي. mdrimawi@yahoo.com