توصلت دراسة أجراها باحث جزائري، تطلبت منه عشر سنوات من البحث والدراسة، إلى أن قيمة الأموال المحصلة من صناديق عشر أضرحة فقط في الجزائر، تقدر بأكثر من 80 مليار سنتيم (7.5 مليون دولار)وتُجهل وجهتها، وهو ما يطرح تساؤلات عدة عن مصير هذه الأموال ومن هي الفئات التي تنتفع منها في ظل الغموض الذي يكتنف هذه العملية. ويقول صاحب الدراسة، الأستاذ عمر بن عيشة باحث في تراث الأنساب والمقدس الشعبي، في حديثه لـCNN بالعربية، إن الجزائر بها أكثر من 75 ألف ضريح ومزار، منها ستة ألاف ضريح، تُقام لها الاحتفالات الرسمية، وتتمركز هذه الأضرحة في كل ربوع الوطن، فهناك ولايات كمستغانم ومعسكر يوجد بها 350 مزار. ويضيف بن عيشة، أن هذه الأضرحة التي يزورها الناس طلبا للشفاء والبركة يقومون بتقديم "الزيارة"، وهي مقدار مالي يضعه الزائر في صندوق الضريح، في حين يجنح زوار آخرين إلى تسليمها إلى مقدم الضريح أو الوكيل، غير أن تلك الأموال المحصلة لا تعرف وجهتها وفي أي شيء تصرف. وتوصلت الدراسة إلى نتائج مهمة أبرزها أن مجموع الأموال التي تدخل صناديق عشر أضرحة فقط قدر بـ80 مليار سنتيم سنويا، وكشفت الدراسة، حسب صاحبها، أن أقل مداخيل كل مزار تتراوح ما بين 200 مليون إلى 4 مليار سنتيمم، حسب شهرة الضريح وعدد مريديها، دون احتساب الأموال التي تسلم إلى الوكيل وأطنان "الحنة" و"الشمع" و"القماش" التي يجلبها الزائر. وتنقلت CNN بالعربية إلى ضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي المتواجد بالعاصمة والذي يشهد توافدا كبيرا للزوار بخاصة يوم الجمعة، وتحدثت إلى سرغيني الزوبير مقدم الضريح، الذي أكد أن هذه الصناديق تابعة لوزارة الشؤون الدينية وهي من تشرف عليها "ولا اعلم وجهة هذه الأموال"، أما عن المواد الأخرى فيوضح الزوبير، أن يتم توزيعها على الزوار كـ"بركة" للزيارة. وبحسب رئيس نقابة الأئمة، جلول حجيمي، فإن الأموال التي يتم تحصيلها من الأضرحة المشهورة والكبيرة مثل المتواجدة في العاصمة ووهران وقسنطينة، يتم صبها في صندوق وزارة الشؤون الدينية ليتم بعدها توزيعها على الفقراء والمساكين والمحتاجين في إطار الصدقة أو الزكاة، أما الأضرحة الأخرى "فلا اعرف من يستفيد منها". غير أن الإطار السابق في وزارة الشؤون الدينية، عدة فلاحي، كان له رأي أخر، إذ صرح لـCNN بالعربية، أنه من المفروض أن تكون هذه الأموال وقفا لوزارة الشؤون الدينية وتستغل لفائدة إعادة ترميم الأضرحة، مستدركا كلامه قائلا: "الغريب في الأمر، نحن لا نعلم أين وجهة هذه الأموال وفي ماذا تصرف". ويعتقد فلاحي، أن "السلطات الإدارية الممثلة في مديريات الشؤون الدينية، تقوم بابتزاز المشرف على الأضرحة والاستيلاء على تلك الأموال وتحويلها إلى جهة غير معلومة"، مشيرا إلى "غياب النصوص القانونية، فضلا عن غياب الوازع الديني لدى الأشخاص"، فحتى "ولو وجدت القوانين يبقى تسريب الأموال في ظل ضعف الوازع الديني" وبغية أخذ رأي وزارة الشؤون الدينية في الموضوع، اتصلتCNN بالعربية بمدير الثقافة الإسلامية بالوزارة، بومدين بوزيد، الذي طلب أن نعاود الاتصال به بعد عشرين دقيقة، غير أن هاتفه ظل مقفلا طيلة اليوم.