مع تسابق الأحداث إقليميا وعالميا، وفي غمرة انشغال العالم بسوريا واوكرانيا، تواصل (إسرائيل) تهويد بل صهينة الأقصى المبارك، بالطبع هي لا تحتاج إلى انشغال العالم سابقا لتهويده أو لتوسيع الاستيطان بل كانت تجاهر بهما علنا مع باقي جرائمها ضد أهلنا بفلسطين، ولكنه كان يقابل برد عربي خجول ورد غربي مخجل، اليوم تعمل بصمت دون أي ردود فعل، بل بصمت مماثل من العرب والمسلمين وممن كنا نسميهم أصدقاء قضية فلسطين. لا أكتب لتقليب المواجع وأعلم أن فلسطين أضحت آخر اهتمامات العرب منذ زمن طويل، كثيرون ملوا حتى التذكير بها لأنه يذكرهم بضمائرهم الميتة، كثيرون آمنوا بالواقعية والذرائعية التي يفرضها خصمهم، لكنها مازالت أملا باقيا في قلوب العرب والمسلمين ينتظر فعلا من قادتهم، كثيرون يرونه حلما ورديا بعيدا، وقلة، والكرام قليل، يرونه أملا قريبا، والأمل والخير باق في أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حتى قيام الساعة، ولا غرو فبرغم مرور أكثر من قرن على محاولات ابتلاع فلسطين، وبرغم كل الهزائم والانكسارات والخيانات، لا تزال فلسطين توحد القلوب، مازالت قضية حية تبعث الحياة في كل الأموات حولها. مناسبة الحديث تحذير الأردن (لإسرائيل) الأسبوع الفارط أن المساس بالأقصى سيقوض معاهدة السلام، وتحذير منظمة التعاون الإسلامي والسلطة الفلسطينية من المساس بالأقصى، بسبب قرار سيصدره الكنيست بإسقاط الوصاية الهاشمية عن المقدسات الإسلامية بالقدس، ربما تحذير تأدية واجب ورفع عتب، وربما (إسرائيل) آخر من يهتم به. دعوت وغيري سابقا وأكرر اليوم، أنه مع تهافت قدرة الدعم العربي وعدم قدرة السلطة الفلسطينية للمقاومة، الأجدى حل هذه السلطة وتحميل الاحتلال مسؤولياته، القانون الدولي يعتبر قرارات أي سلطة احتلال غير شرعية، وجود هذا الدعم المتهافت وهذه المقاومة الشكلية يعطي قرارات (إسرائيل) شرعية تحتاجها لتحقيق المزيد من أطماعها. فلسطين لن تخسر أكثر بحل السلطة، والقضية لن تموت في ظل الاحتلال، ما دام احتلال قط على مدار التاريخ، كم قرن انتظر الأقصى حتى حضر صلاح الدين، سريعا ستنجلي الغمة ويستعيد العرب وعيهم بتاريخهم وحقوقهم، وقريبا سيشعر المسلمون بعظم مسؤوليتهم تجاه الأقصى، وأقرب مما تتصورون سيتحرر كثيرون من عجزهم وخوفهم.