صحيفة المرصد:لعل انتشار المخدرات بين الشباب في العالم بشكل كبير، من أكثر المشاكل الصحية التي تواجه البشرية فالادمان هو واحد من أبشع الأمراض النفسية التي تقود إلى الانحراف والجريمة بشكل سريع.. والتي أكدتها الأرقام التي أشارت الى أن 77% من المدمنين مدانين في جرائم من اعنف ما شاهدته المجتمعات العربيه والغربيه على السواء. مساء الخميس الماضي هزت جريمة بشعة الشارع الاردني حيث اقدم شاب عشريني على جز رأس والدته وتشويه وجهها في منطقة طبربور بالعاصمة عمان. وبمراجعة دقيقة لقراءة ما بين السطور لصفحة القاتل على موقع “فيسبوك”؛ كشفت الدكتورة راوية بورنو، اخصائية الطب النفسي، أن القاتل كان ينشر صورا عادية، وأخرى مضطربة وغير متزنة، وهو ما يفسر أن القاتل كان يعيش في ظروف واضطرابات نفسية وذهنية وفكرية نتيجة لعدة أسباب، منها تعاطيه لمواد مخدرة قد يكون أقلها تأثيرا عليه مادة الجوكر، وذلك لأن بياض عينيه وجحوظهما ليس طبيعيا، ففي إحدى الصور كان يظهر عليه أنه يدخن سيجارة ليست عادية وإنما هي عبارة عن سيجارة لفت باليد. وأضافت بورنو أن التغيير الذي طرأ على شخصية القاتل بدأ منذ أكثر من عامين، ففي عام 2014 كان القاتل ينشر صورا للتعبير عن مشاعر حبه لفتاة، واستمر ذلك لعدة أشهر، وبعدها بدأ القاتل في منتصف العام 2014 بنشر صور أكثر عن حبه لوالدته “أمه ” لكن الغريب في منشورات القاتل أن تغيراً حدث على شكل وجهه، وعيناه، وبدأ ينشر صورا اكثر عن دعاء الله والتفريج من الهم والكرب، في اشارة الى انه يمر بمرحلة صعبة. وبعدها نشر القاتل أكثر من صورة لحيوانات مفترسة وأخرى أليفة، وصورا لفلسطين وأخرى للشمعدان اليهودي ونجمة داوود، وهذا وفقا للتفسير العلمي بحسب الدكتور بورنو؛ يدل بشكل واضح على حالة الاضطراب النفسي والفكري والذهني التي يعاني منها القاتل، نتيجة للمحيط الذي يعيش فيه، ونظرا للأوهام والأصوات التي تتصارع داخله مشكّلة أعراضا قد تؤدي إلى الفصام. القاتل لم يبدو عليه خلال متابعة منشوراته أنه يخطط لأن يؤذي أمه بل على العكس كان ينشرعدة صورا يدعو الله أن يحفظها من كل مكروه وأن يديم عليها عافيتها وصحتها ووفق للتفسير العلمي لحب القاتل لأمه تقول الدكتورة: القاتل ونتيجة حالة الاضطرابات النفسية والذهنية المرتبطة بالتعاطي للمخدرات فان القاتل كان متعلق جدا بوالدته ويحبها كثيرا وبصورة كبيرة. وتشير التفسيرات العلمية إلى أن الشخص وفي مثل هذه الحالات، وخاصة مع ازدياد كميات التعاطي للمخدرات، والتي هي أخطر من الجوكر، وهي حبوب الكبتاجون وما يرافقها من تصاعد لحالة الأوهام وتأثيرها عليه، وازدياد الأصوات الداخليه التي يسمعها؛ كلها قد دفعت القاتل – على ما يبدو – لأن يؤمن أن هذه المرأة أي “والدته” ليست أمه الحقيقية، ما يعني أنه بدأ بعد ذلك بالتخطيط للانتقام منها، والقضاء عليها، وكل هذا بسبب ما يتعاطاه من مواد مخدرة، واتباع لطلاسم وشعوذة وسحر، وهو ما اعترف به القاتل عندما قال في التحقيقات معه بعد ارتكابه جريمته البشعة وجوابه على سؤاله: لماذا قتلت والدتك؟ فأجاب: “إنها عدوتي وليست أمي”!! طلاسم وشعوذة في غرفة القاتل وفي تحليل لبعض منشورات القاتل على صفحته، وخاصة تلك التي تحتوي على كتابات، فإن الاخصائية النفسية تؤكد ان الطلاسم تدل على اضطراب فكري قوي كان يعاني منه القاتل، وله علاقة بالسحر والشعوذة، وهي تابعة للاوهام والاصوات التي يسمعها القاتل داخله نتيجة الاضطراب النفسي والذهني، مما أوصله لمرحلة متقدمة شبيهة بالفصام. وأردفت الأخصائية بورنو أن طلسم – وجمعها طلاسم – هي خطوط وكتابات لا تحتوي على معنى واضح ومفهوم، يستخدمها السحرة أو أتباع بعض المعتقدات، وتكون تعويذة يُزعم (كذباً) أنها تدفع كل مؤذ وتجلب الحظ السعيد، وتكون كتابة على ورق، لكن أحياناً قد تشمل أحجاراً عليها نقوش، أو رموزاً صلبة، أو خرزاً. ووصولا للفترة الأخيرة من حياة القاتل مع والدته وعائلته، أي خلال النصف الثاني من العام الجاري، بدأ القاتل بالميل نحو العنف، ونشْر صور للعنف، والنشر بصورة كبيرة ومنوعة، وذلك بعد ارتفاع تعلقه بعالمه الداخلي، وعزلته عن محيطه، وعدم ثقته بعائلته، فإشارة (X) التي وضعت فوق سريره، وما يحمله سريرٌ كان بغرفته من مقتنيات واوراق وطريقة عرض؛ كلها تشير إلى ان منعطفا خطيرا أصاب حياته، واصبح يشكل خطرا على حياته وحياة من حوله. ووفقا للأخصائية النفسية؛ فان القاتل أصبح مريضا في حالة أشبه بالفصام، فالمادة المخدرة التي يتعاطاها أوصلته لمرحلة قتلت فيه المشاعر، وأمدته بطاقة غير انسانية، وأفكار شاذة دفعته للعيش بأوهام، ومنها أن المرأة التي تقول له (يا بني) ليست بأمه، مما دفعه للانقلاب على حبه الكبير لها، واعتبارها عدوا له، والسعي للقضاء عليها، وهو ما يشير اليه التسلسل الزمني والقراءة وتحليل مضمون منشورات القاتل على صفحته على الفيس بوك والتعليقات التي كان يكتبها والصور التي كانت متضاربة في الأفكار والأهداف بالاضافة الى ما تحتويه غرفته من طلاسم ومقتنيات وغيرها؛ كلها تدل على مدى العزلة التي دفعت بالقاتل للعيش في أوهام واصوات تتلاعب به نتيجة تعاطي كميات كبيرة جدا من الكبتاجون، والتي ربطت حالته النفسية بمقدار الكمية وتأثيرها عليه، إلى ان وصل نقطة اللاعودة، وأقدم على ارتكاب جريمته البشعة بقتل والدته، وتشويه وجهها، ليخرج بذلك عن الأديان السماوية والاعراف والقوانين.