الرئيس الأميركي تأخر في التحرك إزاء منطقة لا يعتبرها في صلب المصالح الأميركية وفضّل أن تكون منطقة آسيا المحيط الهادئ محور سياسته الخارجية. العرب [نُشرفي2016/11/06، العدد: 10447، ص(5)] أفريقيا يجب أن تضع ثقتها في أفريقيا نيروبي - “نهضة أفريقيا لن تتحقق إلا بسواعد أبنائها”، يستحضر الأفارقة جيدا هذه المقولة التي وردت في أكثر من خطاب للعاهل المغربي الملك محمد السادس، وهم يتابعون آخر أيام باراك أوباما في رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. يستحضر الأفارقة هذه الحقيقة، وهو يتذكرون كيف احتفلت أفريقيا بصخب، في 2008، بانتخاب أوباما، ابنها ذي الأصول الكينية، ليكون رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، متوقعة أن ينعكس انتخاب أوباما بشكل إيجابي عليها. لكن، بعد ثمانية أعوام يبدو الحماس أقلّ، وتحوّل الفخر إلى خيبة أمل ولامبالاة بمن سيكون خليفته، الذي لا ينتظر منه الأفارقة شيئا، لكن في المقابل هناك قناعة أخرى بدأت تترسخ وهي حقيقة أن “أفريقيا قادرة على تحقيق نهضتها غير أن ذلك لن يتحقق إلا بالاعتماد على أبنائها وقدراتها الذاتية”، كما في خطاب الملك محمد السادس، الذي أضاف أن “أفريقيا يجب أن تضع ثقتها في أفريقيا”. وقال المحلل الاقتصادي الكيني علي خان ساتشو، في تصريحات لوكالة فرانس برس، إن أفريقيا، المثقلة بالمتاعب والصراعات، كانت لديها توقعات غير واقعية حيال أوباما، وتوسّمت فيه خيرا نظرا لأصوله، لكن، أوباما وخصوصا خلال ولايته الرئاسية الأولى، كان أقل اهتماما بالأفارقة. وتابع “بسبب الانكماش في الولايات المتحدة، كان عليه أن يثبت للجمهور الأميركي، أنه رئيس الولايات المتحدة (…) في ولايته الثانية حاول إيلاء اهتمام أكبر بالمسألة وبذل جهدا أكبر من أجل أفريقيا”. ويقول تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية إن أوباما تأخر في التحرك إزاء منطقة لا يعتبرها في صلب المصالح الأميركية وفضّل أن تكون منطقة آسيا المحيط الهادئ محور سياسته الخارجية. ويشير أشيل مبيمبي، المؤرخ في جامعة ويتووترسراند في جوهانسبورغ، إلى أن “أولوية الولايات المتحدة وأوباما هي الإعداد لقرن آسيوي”. وأضاف أن “أفريقيا في هذا الإطار ينظر إليها على أنها مكان محتمل للفوضى وخصوصا لحضانة الإرهاب”. وما زال مشروعه الأساسي “باور أفريكا” الذي يفترض أن يضاعف عدد الذين يحصلون على الكهرباء في أفريقيا جنوب الصحراء، بعيدا عن تحقيق أهدافه. ولم يولّد حتى الآن سوى 400 ميغاواط من أصل ثلاثين ألفا مقررة بحلول 2030. ولم تكلل جهوده لمكافحة الجماعات الجهادية مثل حركة الشباب في الصومال وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، بالنجاح الكامل ولا محاولاته نشر الديمقراطية في القارة. وباستثناء توقف في غانا في 2009 صرح خلاله أن “أفريقيا لا تحتاج إلى رجال أقوياء بل إلى مؤسسات قوية”، انتظر أوباما حتى 2013 ليقوم بأول جولة أفريقية شملت السنغال وتنزانيا وجنوب أفريقيا. وعاد في 2015 إلى كينيا وأثيوبيا. وفي كل مرة، كان يدعو الأفارقة إلى “أن يكونوا أصحاب القرار حول مصيرهم”. وكما قال عثمان سين، مدير مركز أبحاث غرب أفريقيا، الذي يتخذ من دكار مقرا له قد يكون “أصل أوباما الأفريقي نقطة ضعفه. فقد كانت يداه مقيدتين أكثر من الرؤساء الآخرين. لكنه جاء إلى أفريقيا وألقى خطبا مهمة وشجع شبابها”. وعلى الرغم من الانتقادات التي واجهها، لا يمكن لوم الرئيس الأميركي، كما لا يمكن عقد الآمال عليه ليساعد في النهوض بالقارة، فذلك أمر منوط بشبابها ومؤسساتها وسلطاتها ومنظماتها الحكومية والمدنية، فأوباما سيرحل كما رحل غيره، وسيأتي خليفة له، إما دونالد ترامب أو هيلاري كلنتون، التي تبدو أفضل من منافسها الجمهوري، بالنسبة إلى الأفارقة، ولن يغير كثيرا في أمر القارة. ما سيغير في أمر القارة نحو الأفضل هي الشراكة جنوب جنوب والعلاقات الأفريقية الأفريقية الناجحة، والصفقات النفعية والمثمرة بين بلدانها، والعمل يدا في يد لمحاربة التطرف والإرهاب بالمنطقة خاصة أمام تزايد التهديدات الأمنية والتنظيمات الإرهابية التي تجد في عصابة الانفصال والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات حليفا لها لتداخل مصالحها. زيارة مثل التي دأب العاهل المغربي على القيام بها، والتي ستأخذه أحدثها إلى السنغال، اليوم الأحد، هي التي يمكن أن تغير مصير القارة نحو الأفضل، وهذه الزيارة هي ختام الجزء الأول من جولة، يقوم بها الملك محمد السادس في أفريقيا منذ 18 أكتوبر الماضي، وأخذته إلى رواندا وتنزانيا وإثيوبيا (شرق أفريقيا). وسبقت ذلك زيارات أخرى تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات بين المغرب وعواصم أفريقية توجت الرباط كأول مستثمر أفريقي في غرب أفريقيا والثاني في القارة، وهو مرشح ليكون الأول قريبا وذلك بفضل دينامية تعاونه جنوب-جنوب. :: اقرأ أيضاً ضمور الحضور المسيحي في لبنان.. واقع تتحمل وزره القيادات