×
محافظة الرياض

«الإسكان» تدعو أصحاب الأراضي البيضاء لتسجيلها قبل منتصف ربيع الأول

صورة الخبر

بعد أن نتجاوز لحظات الذعر والقلق الأولى التي تلي الإعلان عن إحباط عملية إرهابية في الوطن، وننتهي من تفقد ملامحنا، وعد أصابعنا، والنخيل الذي ينبت على الطرقات، نهرع كالعادة للبحث في أرشيفنا اللغوي وملفاتنا العتيقة، عن الجمل والمفردات التي ستدين كتائب الظلام وقطيع التوحش. ومن ثم في النهاية نذيل جميع هذا بالسؤال (اللزمة) (قامت المؤسسة الأمنية بدورها ببسالة، فأين باقي مؤسسات الوطن؟؟). لكن هذه المرة، ومع القبض على الخلية التي كانت تزمع تدمير جوهرة جدة، أستطيع أن أقول إن الأمر بات غير.. فقد تزامن إعلان وزارة الداخلية إحباط المخطط الإرهابي الذي كان سيفضي إلى أحداث دموية داخل ملعب مكتظ بالمشاهدين، مع إعلان حكم قضائي ضد إمام مسجد عقابا له على تكفير وقذف الفنان ناصر القصبي. هذا التزامن الذي يرصده المتأمل عن كثب لايعكس تصدي مؤسستنا القضائية للتيارات الإرهابية على مستوى الجناة مرتكبي العنف الميداني فقط، بل نجد إن سيف العدالة يشهر ضد حواضن هذا الفكر ومستغلي منابرهم لترويجه، عبر الفرز بين خطاب وعظي يسعى إلى النصح والإرشاد، وبين من يلوح بقنبلة التكفير فوق الرؤوس، لنصل في النهاية إلى حقيقة ثابتة بأن عدالة الشعوب والمجتمعات واستقرارها، تحميها مؤسسات قضائية مستقلة، كجزء أساس من المنظومة الأمنية. لكن إذا وسعنا دائرة التقصي قليلاً سنجد إن وزارة التعليم مابرحت عاجزة عن أن تخرج قوافل التعليم من تيه الكثبان، ومن أفخاخ الرمل! فما تكاد تنتهي من برنامج (فطن) وقبل أن تراجع مخرجاته، فحواه، وأهدافه، تتورط ببرنامج (ناصح) وقد تأبط الناصح مجموعة من التهم ضد جميع التيارات الفكرية في العالم، وجميعنا نعرف أن التخطئ والتحذير هو الصيغة المدرسية المواربة للتكفير. فإذا كانت تلك التيارات المحذر منها، هي الهوية الثقافية لدول ومجتمعات حولنا وتشاركنا هذا الكوكب، فهل سنعود لنرسم حدود دار السلم ودار الحرب من جديد؟ ونلوح بالبيارق، ونتشوق للصليل؟ لا أفهم كيف يتجاهل تربويو الوزارة أن التصنيف والفهرسة للبشر والمجتمعات، يرفع بيننا وبين العالم حواجز نفسية وفكرية شاهقة، يرسخ (عقيدة الكراهية) ويجعل من العالم حولنا مرمى لأحكامنا الجاهزة وتصوراتنا السلبية المسبقة ويجعلنا منشغلين بتصنيف العالم لا باكتشافه، والاستثمار في معارفه، والانخراط مع شعوب الأرض في مسيرة الإنسانية؟ فهل ستغدو الأذهان بين يدي معلم مستبسل في تمرير المنهج الخفي، حقولا مفخخة بالبغض والكراهية؟ إلى متى الاستمرار في حرب التصنيفات الأزلية، التي بدأتها مناهج الإخوان على أدمغتنا منذ نصف قرن تحت مسمى (التيارات الهدامة) لتصبح مخرجات تلك المناهج ما نحصده اليوم من عنف. في النهاية قبل أن تتداركني المساحة المتاحة لكلماتي في هذا المقال لا أملك إلا أن أقدم لمؤسستنا الأمنية ومؤسستنا القضائية، باقة شكر وسرب من غيم الوسمي.