العنصرية بكل أشكالها ممقوتة..إن اتفقنا بقناعة على ذلك فأعتقد اننا سنقف باستغراب امام مهرجان المزايدة على لوحات سيارة حملت ارقاما مميزة وحروفا مميزة تعطي دلالات قبلية.. في الوقت الذي نريد ايقاف زحف الثقافة العنصرية القبلية من الاجيال الحديثة للقضاء على شكل من اشكال العنصرية الاجتماعيه المقيتة.. نجد للاسف مؤسسة رسمية تعمقها عبر مزايين اللوحات إن جاز قول ذلك.. المزاد ابتدأ بخمسة آلاف للوحة وانتهى بشرائها باكثر من ستمائة الف ريال.. لوحة سيارة وليست تحفة فنية.. يحق لصاحبها ان يتباهى بها لقيمتها الفنية او التاريخية.. اعود لتأكيد اللوم على المرور الذي عمل على تكريس القبلية.. دون رغبة منه ولكن ربما من باب الاستثمار.. معاناتنا من تنوع العنصرية تدفعنا حتما للعمل على اجتثاثها بكل الطرق.. كنت اتمنى من المسؤولين في المرور اعادة النظر في تلك المزايدات.. بحيث لا نجد انفسنا غدا نحمل عنصريتنا في كل موقع.. حيث الابل سفينة الصحراء وحيث المركبة الحديثة.. لن اتساءل عن مصير تلك الاموال فالامر الان على الاقل لا يقف عن بوابة الاقتصادات وادارة المداخيل المالية بل يمتد بعمق في ظواهر اجتماعية نريد القضاء عليها.. ولابد ان نعمل على ردمها وتجاوزها بفكر اكثر ايجابية ورؤية تؤكد وحدتنا الوطنية.. وخروجنا من عباءة القبلية بافقها الضيق الى افقها الاشمل حيث قيمها الايجابية الراقية حيث الشهامة والكرم حيث القوة في الحق.. متجاوزين محاولة البعض الانسلاخ من الانتماء الوطني الاعم والاشمل..الى الارتكاز القبلي او الطائفي وخلافه من مثالب العنصرية.. المتوقع دائما من المؤسسة الرسمية ان تكون ابعد نظرا من الافراد وان تعمل وفق منظور مؤسسي لالغاء التعنصر ايا كان شكله بل وان تعمل على اذابة الجميع في وحدة وطنية عمل عليها الملك عبدالعزيز رحمه الله بروحه ودمه مع رجال يستحقون منا الان ان نقف معهم بنماذج عملية.. ولعل ما يؤكده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وولي عهده الامير سلمان في غير موقف يؤكد اصرارهما على نبذ الطائفية والعنصرية وخلق مجتمع متضامن تحت راية لا إله الا الله محمد رسول الله تستحق من الجميع العمل لها وعليها.. لا نريد ان نتسابق على مزايين اللوحات ليكون هذا او ذاك مميزا بعمق قبلي.. ولا نريد ان نجد في الغد عرباتنا تمثل انتماءنا القبلي.. بل ليكون فخرنا ان ارقامنا سعودية لوطن لا يختلف شماله عن جنوبه، وشرقه عن غربه ملتحمين مع بعض في حلقة الوسط حيث الارتكاز للجميع على وطن واحد.. المتوقع من المؤسسة الرسمية تحاشي اي مثير للعنصرية وان تمنع تمدد مسارات التمدد للعنصرية في المنظومة الادارية او الاجتماعية او الثقافية.. مزاد لوحات السيارات لم يكن موفقا وكان اجتهاد في غير محله.. القضيه لا ترتبط بتكريس ثقافة الاستهلاك والاستعراض والاسراف بل هي اعمق من كل ذلك.. المزاد لم يكن هدرا ماليا بل كان اكثر من ذلك.. المزاد لم يكن بحثا عن تميز.. كان اكثر من ذلك.. المزاد لم يكن بحثا عن زياده مداخيل المرور.. بل كان اخطر من ذلك..المزاد تكريس لعنصريه قبليه مقيته لا نريدها.. اخشى غدا ان نجد اغلب لوحات عرباتنا تعلن انتمائنا القبلي او المناطقي.. وحينها سنعود للمربع الاول معالجة مشكلة العنصرية..