رجاء البوعلي حالة مجتمعية غير سارّة، أن تهدر الطاقات الشبابية في فضاء ضبابي النهاية، في حين أنها قادرة على الانفتاح والتواصل والنجاح، ولكن الفرص المتاحة أبسط ما يقال عنها إنها غير كافية لاستيعاب هذا الفوج المتنوع من الطاقات، وهنا نطرح بعضاً من المعوقات التي تحد من انطلاق الشباب وتثبط من عزائمهم. يصطدم الشباب في الخطوة الأولى، بحالة التهميش المتفاقمة، التي تزداد يوماً تلو الآخر، فمن صور التناقض العجيب التي نواجهها في مجتمعنا التربوي الصغير، أن يهمش المسؤولون القابعون على مكاتبهم الفارهة مبادرات الشباب وإن بدت متواضعة في بدايتها، بينما لا ينفكون يدّعون الوعي بأهمية تثقيف الأجيال المتعاقبة لضمان مستقبل الأمة. نأتي لعائقٍ آخر، وهو صعوبة الدخول للأوساط المجتمعية المرموقة، لأنها أصبحت حكراً على ذوي الخبرة الطويلة في المجال، فكثير من الحالات الشابة تتراجع عن خطواتها الجريئة نحو هدفٍ نبيل، لا لسببٍ منطقي سوى أن المنافسة صعبة جداً، فالصدى لصوت الأقدم ولا قيمة للطاقة الشابة الغضة، وهذا بلا شك دليل على عدم وعي أولئك بقيمة الفكر الشبابي المتجدد والمختلف بأطروحاته الإبداعية. تلي تلك العقبة، سلب الحقوق الفكرية للشباب، وهذه إحدى القضايا المزعجة جداً، والتي تتسبب في إحباط الشباب، وإعراضهم عن التعاون مع بعض الجهات والشخصيات المعروفة، التي تقوم باقتباس أفكار الشباب الحديثة وتطبيقها، بلا وجه حق، ومن ثم تكون قد استفادت من الشاب في تبني فكرته لصالحها فقط، معرضةً عن تبني الشاب نفسه لأنه المصدر الحقيقي المولد للأفكار المضيئة. إن الشباب بحاجة ماسة لإتاحة المجال لهم للحضور والتعبير والتشجيع والتوجيه السليم، لإضاءة الطريق، والحث على المحاولة مرةً تلو أخرى، لاكتشاف الحقائق، والبحث حول كيفية تجاوز المعوقات، للوصول إلى الغايات والأهداف النبيلة المنشودة. وفي النهاية، تظل هذه المعوقات صوراً بسيطة جداً، تمثيلية وليست حصرية لما يواجهه الشاب في مجتمعنا من معوقات لعملية النجاح، فالقائمة تطول، والعقبات تكبر خطوة بعد خطوة، ولكن الأمل لا يزال حياً ما دمنا أحياء.