استذكرت الكاتبة في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، آن أبلبوم، شهر مارس/ آذار 2014، عندما أشار ديمتري كيسيليف، أمام الملايين من مشاهديه، إلى قدرة موسكو على تدمير أمريكا، قائلاً في حينه إن روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على تحويل الولايات المتحدة إلى رماد مشعّ. واستذكرت الكاتبة أيضا سخرية كيسيليف، الذي عينه بوتين مديراً عاماً لوكالة الأنباء الروسية روسيا سيغودينا من تحول شعر الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى اللون الرمادي، مع اعترافه بأنّ الأمر قد يكون صدفة، في الوقت الذي ينتشر فيه خوف حقيقي داخل البيت الأبيض من اندلاع حرب نووية في أي وقت، لكن الآن نحن في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، تكتب أبلبوم التي نقلت ما عاد كيسيليف يهدد به علناً: السلوك غير الحذر تجاه روسيا له بعدٌ نووي، وهكذا فعل أيضاً تليفزيون روسي آخر (إن تي في)، مهدداً بحرب نووية في حال تدخلت أمريكا في الحرب السورية. إنّ الفرق بين التصريحات التي حدثت سنتي 2014 و 2016 هي أننا وسط انتخابات رئاسية بشعة بحسب الكاتبة التي أكتبت أيضاً عمّا هو أهمّ من هذا: لدينا مرشح جمهوري رئاسي يكرر بشكل معتاد الأخبار الدعائية المحمولة مباشرة من الإعلام الروسي الرسمي، فدونالد ترامب اتهم أوباما وكلينتون بتأسيس داعش بيان يأتي مباشرة من وكالة سبوتنيك للأنباء، واستاءت أبلبوم أيضا من تكرار ترامب لتهديد كيسيليف الأسبوع الماضي: سننتهي إلى حرب عالمية ثالثة بسبب سوريا إذا أصغينا لهيلاري كلينتون، وقال سابقاً إن روسيا دولة نووية، لكن دولة حيث تعمل الأسلحة النووية في مواجهة دول أخرى تتكلم (بدون أن تفعل). زمرة حاكمة تبتغي العنف والفساد تتابع أبلبوم الكتابة عن وضوح نوايا وسائل الإعلام الروسية في خضمّ استخدامها لهذه الدعاية السياسية، هي تريد إخافة الروس، الاِقتصاد أضعف بكثير من السابق، مستويات المعيشة تنخفض وكذلك الدعم للرئيس فلاديمير بوتين، زمرة حاكمة تبقى في السلطة بفضل العنف والفساد هي بالتعريف أمر مغضب، وكذلك هو استخدامها للاحتكار الإعلامي لإخافة الناس: فقط نظام بوتين يمكنه حمايتكم من الاعتداء الأمريكي. حل واحد: قتل عشرات الآلاف تؤكد أبلبوم أن بوتين يريد أيضاً إخافة الغرب وأمريكا لترك الأسد يطبق نفس النوع من الحل الذي استخدمته روسيا في الشيشان منذ اكثر من عقد: قتل عشرات الآلاف، تسوية الأبنية بالأرض، تدمير كل البدائل السياسية ومن ثمّ الانطلاق مجدداً بديكتاتور مدعوم من روسيا، وأشارت إلى أنّ موسكو جيّرت الحرب في سوريا لما تراه يصب في صالحها، من خلال رفع أعداد اللاجئين إلى أوروبا وتصدير الفوضى السياسية والاقتصادية إلى خارج حدودها. السرّ الذي يعرفه التقنيون السياسيون ولفتت الصحفية النظر إلى أنّ للروس مصلحة كبيرة في الانتخابات الأمريكية، فهم وراء قرصنة اللجنة الوطنية الديمقراطية وتسريب الرسائل الإلكترونية، وبذلك كان واضحاً أنّ روسيا تفضل المرشح الجمهوري، رجلاً أبدى إعجابه ببوتين وكرهه لحلفاء أمريكا. وأضافت أنّ التقنيين السياسيين الذين يصممون حملة الأخبار للنظام، يعلمون أنّ الخوف والهستيريا يمكنهما أن يقنعا الناس بالتصويت لمرشح مستبدّ، لا تكلفهم تقريباً شيئاً محاولة خلق الخوف والهستيريا في الولايات المتحدة، قد لا تنجح، لكن قد تؤتي ثماراً كثيرة. الروس سيستغلون لحظة ممتازة مهما كانت نتائج الانتخابات في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني، فغياب اليقين السياسي سيكون هو التالي: أشهر الفترة الانتقالية، تغيير موظفي البيت البيض، وربما ردود فعل عنيفة قد يفتعلها ترامب، هذه الأمور بحسب أبلبوم يمكن أن تكون لحظة ممتازة لهجوم روسي كبير، سواء في ضم مزيد من الأراضي في أوكرانيا أو اعتداء على دول البلطيق أو تدخل أكبر في الشرق الأوسط – أي شيء لاختبار الرئيس الجديد. جمهور بوتين.. وجنرالاته وجنوده إذا كان كلّ ذلك يلوح في الأفق، فإن بوتين بحاجة لتحضير جمهوره من أجل خوض حروب كبرى ولإقناع باقي دول العالم بألا توقفه، يحتاج لتهيئة الحالة الذهنية الصحيحة لجنرالاته، ولجعل جنوده مستعدين للذهاب، لازمة نووية صغيرة لا تفشل أبداً في لفت الانتباه، وأنا واثقة من أنها فعلت ذلك. شارك هذا الموضوع: اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)