احتضنت مدينة جدة باكستانيين يتشاركان الاسم، أحدهما قدم لها «جميلاً» لن تنساه، والآخر أراد بها «سوءاً»، ربما لن تغفره له. إذ أعاد اسم أحد المتهمين بالتورط في محاولة تفجير ملعب «الجوهرة» في جدة فارمان الله خان، إلى الذاكرة اسم البطل فرمان علي خان الذي أنقذ 14 شخصاً من سيول جدة 2009 قبل أن يستشهد غرقاً. جاء اسم الأول فارمان الله نقشبند خان ضمن قائمة المتورطين في محاولة تفجير ملعب «الجوهرة» في جدة خلال لقاء الإمارات والسعودية في 11 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، باستخدام سيارة مفخخة بـ400 كيلوغرام من المتفجرات، كادت أن تودي بحياة أكثر من 60 ألف شخص. والثاني فرمان علي خان البطل الذي اشتهرت قصة بطولته أثناء السيول التي ضربت جدة، إذ استطاع بمفرده أن ينقذ 14 شخصاً من الموت فيها. وما يزال سكان جدة يتذكرون قصة الوافد الباكستاني الذي قطع آلاف الأميال طلباً للرزق، إلا أن مسار حياته تغير كلياً. والبطل فارمان خان، أب لثلاث بنات (زبيدة 7 أعوام، ومديحة 6، وجويرية 4)، أصغرهن لم تره منذ مولدها. واشتهر «بطيبة القلب، ودماثة الخلق، وبره بوالديه. إضافة إلى شجاعته النادرة»، حتى ان أخاه ذكر في لقاء صحافي بعد حادثة السيول أن فارمان «اقتحم وهو في الـ16 من عمره حريقاً مشتعلاً لينتزع أنبوبة غاز كادت أن تحدث دماراً كبيراً لو انفجرت». وثبتت شجاعته على خلاف آخرين في كارثة سيول جدة 2009، إذ قدم روحه فداء لأرواح وأنفس لا تمت له بصلة قرابة، أو من أهله، دفعته شهامته إلى إنقاذ المحتجزين من السيول معرضاً نفسه إلى الخطر «يحمل على كتفيه هذا الرجل، وذاك الطفل، وتلك المرأة، فينقلهم جميعاً، من موت محقق، إلى حياة جديدة، ثم ما يلبث أن يصرعه الموت في قلب السيل» وفق ما نشر عنه. ومنح الملك عبد الله بن عبد العزيز (رحمه الله) «وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى» تقديراً لعمله البطولي، وتكريماً للشهيد وأسرته على هذا العمل الإنساني النبيل. واستضافت المملكة عائلة الشهيد لأداء فريضة الحج ضمن برنامج «ضيوف خادم الحرمين الشريفين»، الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد. وأطلقت أمانة جدة اسم الشهيد الباكستاني فرمان علي خان على أحد شوارعها، شرق المحافظة، وجاءت التسمية بعد حملة تكريم للشهيد أطلقها شباب سعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي.