لاهاي - أعلنت بعض التقارير الإعلامية أن المحكمة الجنائية الدولية تعتزم بدء تحقيق شامل في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يشتبه بأن الجيش الأميركي ارتكبها في أفغانستان، ويجري الحديث عن تحضيرات يجريها المدعى العام للمحكمة فاتو بنسودا حاليا لينطلق في غضون الأسابيع القريبة القادمة بإجراء تحقيق في هذا الملف. ورجحت نفس المصادر أن يتم فتح التحقيق بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية الأميركية المزمع تنظيمها في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني. ووفقا للمصادر، فإن مسؤولين أميركيين زاروا مؤخرا لاهاي لمناقشة مسألة بدء التحقيق المحتمل والإعراب عن القلق بهذا الصدد. وتقول بعض التقارير أن المحققين يسلطون اهتمامهم أساسا في هذا الملف الذي يطرح للمرة الأولى على سوء معاملة العسكريين الأميركيين للمعتقلين في أفغانستان في الفترة ما بين 2003 إلى 2005، وهي الوقائع التي يرى المحققون أن سلطات الولايات المتحدة لم تتخذ بشأنها إجراءات مناسبة. وكان تقرير للمحكمة الجنائية الدولية قد اعتبر في العام الماضي أن "هذه الجرائم من المفترض أن تكون قد ارتكبت بقسوة وقوضت إلى حد ما الكرامة الإنسانية الأساسية للضحايا". وتضيف التقارير أن التحقيقات قد تشمل أيضا التحقيق في حادث قصف سلاح الجو الأميركي على مستشفى تابع لمنظمة "أطباء بلا حدود" في مدينة قندوز الأفغانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، والذي أدى إلى مقتل 42 شخصا من المرضى والطاقم الطبي. ورغم عدم الانطلاق عمليا في هذه التحقيقات إلا أن التفات المحكمة الجنائية للتحقيق في جرائم الولايات المتحدة للمرة الأولى وفي هذا التوقيت تحديدا، بدا مثيرا وتم ربطه بجملة من المعطيات. فأولا يرى بعض المراقبين أن هذه الخطوة حتى في حال القيام بها وفق المعايير الدولية الحقيقية، إلا أنها ليست إلا محض تحرك تقوم به المحكمة الجنائية وربما بالتنسيق مع الولايات المتحدة نفسها بهدف إنقاذ سمعة المحكمة في ظل انسحاب عدد من دول أفريقيا على غرار السودان وجنوب أفريقيا وتنزانيا، كاحتجاج على عدم مصداقيتها واستهدافها دولا بعينها والتغاضي عن دول أخرى نافذة في العالم. وبالتالي يبدو أن المحكمة الجنائية تحاول تدارك تبعات هذه الخطوات الأفريقية وتجنب انتقال العدوى إلى دول أخرى قد تختار أيضا الانسحاب، ولهذا اختارت الإعلان عن فتح تحقيق حول جرائم حرب أميركية حتى تقول للعالم أن كل دول العالم معرضة قد تخضع للتحقيق والعقوبات أيضا في حال حدوث جرائم حرب. لكن المتابعين يقولون أن هذه الخطوة جاءت مفضوحة لا سيما بالنظر إلى مرور سنوات طويلة عن هذه الجرائم المزمع التحقيق فيها. ويتساءلون لماذا لم تكترث المحكمة لدعوات عدة أطراف التحقيق في جرائم الجيش الأميركي في عدة دول لا سيما أفغانستان والعراق منذ سنوات؟ ولماذا التفتت إلى هذه الخطوة فقط عندما استشعرت أن مصداقيتها باتت على الميزان وفاعليتها باتت على المحك؟