قبل أسبوع، كان يبدو وكأن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة قد حُسمت. كانت هيلاري كلينتون متقدمة بفارق كبير في استطلاعات الرأي بعد سلسلة من الزلات الكارثية من قبل دونالد ترامب، أدت إلى جعل فرصته في الفوز في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 شبه منعدمة. ربما لا يكون تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي يوم الجمعة كافياً لتغيير هذه النتيجة، ولكن من المؤكد أنه أطلق العنان للخيال السياسي وجعل كل الاحتمالات مفتوحة، حسب تقرير لصحيفة البريطانية. مصدر قلق الديمقراطيين هو أن التحقيقات الجديدة بشأن استخدام كلينتون لخادم البريد الإلكتروني الخاص عندما كانت وزيرة للخارجية تأتي في وقت حرج. ليس فقط لأنه من الصعب إثبات العكس وإظهار براءتها في أقل من أسبوع، ولكن رسالة رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي إلى مسؤولي الكونغرس توجت سلسلة الأخبار التي شكلت بالفعل منعطفاً كبيراً (سلبياً) في مسارها الانتخابي. فقد بدأت حملة ترامب الانتخابية تتعافى بفضل مجموعة أخرى من رسائل البريد الإلكتروني. فقد أظهرت تسريبات ويكيليكس الرسائل التي أرسلها، أو استقبلها، مدير حملة كلينتون، جون بودستا، وكانت في معظمها محرجة وليست ضارّة، واتهمت المخابرات الأميركية قراصنة الإنترنت الروس بتسريب تلك الرسائل. تغيرت الأمور يوم الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016، مع صدور تقرير يؤكد أن عائلة كلينتون لم تفصل بين أعمالها التجارية وأنشطتها الخيرية ومصالحها السياسية. وعلى الرغم من ارتباط جميع المعلومات الجديدة تقريباً ببيل كلينتون، وليس بهيلاري، إلا أنها أعطت أنصار ترامب أملاً جديداً في لحظة كانوا قد يئسوا فيها من صرف الأنظار عن فضائح مرشحهم الخاصة بالتهرب الضريبي والسلوك غير اللائق تجاه النساء. كلينتون تتراجع رغم تقدُّمها في الانتخابات التي وصفتها العديد من استطلاعات الرأي بـ"مسابقة اللا شعبية"، قد يتسبب خبر كهذا في تأرجح المزاج بين الناخبين المستقلين. بحلول يوم الجمعة، كان الجمع بين "عدم ورود أخبار عن ترامب" و"ورود أخبار سيئة عن هيلاري" قد أدى إلى تراجعها عن التقدم الذي أحرزته في استطلاعات الرأي منذ المناظرة الرئاسية الأخيرة بنسبة كبيرة. وقال المستشار السياسي فرانك لونتز "عندما كان الاهتمام منصباً على ترامب، كانت كلينتون تتقدم. الآن، انصرف الاهتمام تجاه كلينتون". وقد تنبأ فرانك بأنَّ الفائز في انتخابات 2016 سيكون الحملة التي تُبقي التركيز منصباً على خصمها. يوم الأحد، كان متوسط تقدم كلينتون في استطلاعات الرأي 3.4٪، وهو هامش أمان مناسب. فقد انخفض تقدم بيل كلينتون على جورج بوش من 11 نقطة إلى ثلاث نقاط فقط في الأسبوعين الأخيرين من انتخابات عام 1992، لكنه فاز بها بما يقرب من ضعف هذا الهامش. ولكن ما يدعو للقلق بين الديمقراطيين، إن لم يكن للذعر، هو أن القليل من استطلاعات الرأي التي نشرت حتى الآن أُجريت بعد تسريب الأخبار حول مكتب التحقيقات الفدرالي ورسائل البريد الإلكتروني. فقد أظهر استطلاعٌ للرأي أجرته إيه بي سي نيوز مع واشنطن بوست، نُشر يوم الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016، تقدم كلينتون بفارق نقطة واحدة. سُئل بعض الناخبين مساء الجمعة عن رأيهم، فقالوا إن الأخبار (الخاصة بكلينتون) جعلت الاختيار أصعب. وقال خبير استطلاعات الرأي غاري لانغر "نحو ثلث الناخبين المحتملين يقولون إن دعمهم لكلينتون انخفض بعد ما أعلنه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي. ولكن مع أخذ أمور أخرى في الاعتبار، يقول 63٪ إن تلك الأخبار لا تشكل فرقاً". شعر 7% فقط من أنصار كلينتون أن تلك الأخبار ستشكل اختلافاً في النتائج، ولكن النسبة أكبر بين "المجموعات التي لم تكن تنوي التصويت لها بالفعل"، كما أظهر الاستطلاع. وأضاف لانغر "قد يسبب احتمال تراجع نسبة مؤيدي كلينتون، أو تزايد شعبية ترامب، القلق في معسكر كلينتون. موضحاً أن النية في التصويت بين المجموعات الداعمة لترامب في الأسبوع الماضي، تزايدت مع انحسار موجة الانتقادات عنه". فكرة أن تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي قد لا يغير آراء الناس، وإنما يعززها، مما قد يزيد من نسبة المشاركة، أيدتها استطلاعات الرأي في 13 ولاية. وأظهر استطلاع أجرته شبكة سي بي إس أن 5٪ فقط من الديمقراطيين يرون أن تلك الأخبار تقلل من احتمالات دعمهم كلينتون، في المقابل، أكد أكثر من ربع الجمهوريين المسجلين ذلك. هذا يفسر تشدد الديمقراطيين في مطالبة مكتب التحقيقات الفدرالي بتبرئة كلينتون بشكل عاجل. كلينتون غير صادقة العديد من المؤيدين مقتنعون بأن رسائل البريد الإلكتروني، التي اكتُشفت على أجهزة مساعدة كلينتون هوما عابدين وزوجها أنتوني فاينر، تُعَد غير ذات صلة. حتى لو ظهرت المزيد من المعلومات السرية عبر خادم الإنترنت الخاص، فإنه لا ينبغي تغيير قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق بأنه ليس من العدل توجيه تهمة بدون دليل على نوايا مبيتة أو تستّر. ولكن ما دام لم يثبت هذا بشكل قاطع، قد يكون هناك شك مزعج في بعض العقول في أن مكتب التحقيقات الفدرالي يشتبه في أمر آخر. وقد أظهرت بعض الدراسات أن 11٪ فقط من الناخبين يصفون كلينتون بأنها "صادقة وجديرة بالثقة"، أقل حتى من ترامب، الذي حصل على 16٪. قد لا يكون هذا كافياً لترجيح كفة الميزان في انتخابات الرئاسة، إلا أن الترشح للرئاسة في الوقت الذي تواجه فيه تحقيقاً جنائياً لا يبدو أمراً جيداً أبداً. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .