صاحبي يتهيأ لاستقبال معرض الكتاب. هو في الحقيقة يجد فيه ملاذا، ينتقي من خلاله مؤونة تكفيه عاما كاملا. يأخذ أحدث الكتب، في مجالات الأدب والتاريخ والاجتماع والسياسة... إلخ. حال صاحبي يعكس قدرا لا يستهان به من السلوك المتحضر. الحقيقة أن دور النشر العربية تتهافت على معرض الرياض الدولي للكتاب. حركة الشراء في المعرض تعتبر الأعلى عربيا. هناك أيضا من يجد متعة في التجول بين معارض الكتب في القاهرة والشارقة وغيرها. الإشكال في كل هذا، يظهر في كون صاحبي ـ وسواه كثير ـ عندما يأتون إلى معرض الكتاب، يقودون سياراتهم بشكل فوضوي، ويعمدون إلى إيقافها في أماكن غير مناسبة. لكنهم عندما يعبرون نحو ساحة الكتب، يتحولون إلى كائنات لطيفة، يتحدثون مع المؤلفين عبر لغة راقية، وغالبا يكون لديهم رحابة وقدرة على الإنصات وأيضا يختارون كتبا مميزة. بعضهم يتجه نحو قاعة المحاضرات، ينصت للفعاليات بمنتهى الهدوء، ثم يحمل حمولته ويمتطي سيارته، ثم يتأهب لخوض معركته مع الناس من حوله في الشارع. كثيرا ما يلوح سؤال في ذهني، وأنا أراقب سلوك البعض بمجرد امتطائهم السيارة: هل هناك جني يسكن في سياراتنا يستحوذ على تصرفاتنا؟ الحقيقة أنني أمعنت في مراقبة نفسي أولا، وفي مراقبة إمام مسجدنا، وأيضا أناس غرباء لا أعرفهم. حالة من التنمر والذئبوية تتلبسهم خلف المقود، يجورون على المشاة، وعلى أصحاب السيارات الأخرى، لكنهم يمضون جذلين، فرحين بحصيلتهم من أوعية الثقافة وكنوزها التي تقدمها دور النشر المحلية والعربية والأجنبية.