×
محافظة المنطقة الشرقية

مستشفى محمد بن فهد بالقطيف ينتهي خلال عشرة أشهر

صورة الخبر

لكل منا طقوس أثناء الكتابة أو القراءة، تختلف حسب المزاج والوقت والمكان، فهناك من لا يستطيع أن يكتب حرفا دون الانقياد لغواية القهوة، فسطوتها تؤثر على جودة حرفه من عدمه، وحزب ثان يتخذ السجائر مطية له للوصول إلى أعلى ذروة للإبداع ونشوته، وآخرون يهربون من الضوضاء المبعثرة لأحاسيسهم، إلى أنغام ترتب أفكارهم، وترتب فوضى حواسهم، وتقودهم إلى لحظات أكثر تألقا وابتهاجا، يؤمنون بلحظة ولادة النص مصحوبا بإيقاع موسيقي أو مقطوعة غنائية مميزة، لذلك ارتبطت الأغاني بحالات إبداعية متكررة ومتنوعة. تقول الدكتورة "نجوى قصاب حسن" في كتابها، "هكذا تكلمت الأغاني"، "إن الأغاني هي الحامل الحقيقي للمشاعر، والمتنفس المعبر عن لواعج النفس، فهي تحرر مكنونات العواطف، وتختصر ألوان طيفها، لتكون سجلا حافلا بتفاصيل الحالة العاطفية، ولتطلقها بعد ذلك في الأثير، لتكون نفحات جمال وإبداعات تتلقاها الآذان والقلوب، وتتبناها وترددها وتعيش معانيها على مدى السنين"، لا معنى للإبداع أو العمل بدون مؤثر يكسبه لونا وشكلا حقيقيا، ويحافظ على استمراريته. الكتابة تحديدا، إذا لم تولد أفكارها وتتربى في جو شاعري مفعم بالحب، يشبع الحواس، لن تكون أكثر من مجرد حبر سكب على صفحات تمتلئ بها الأسطر، والاختلاف بين العلماء حول حكم الغناء بين مجيز ومحرم، جعله أمرا مرفوضا مجتمعيا. لذلك غاب وغاب الاهتمام به كمحرض أساسي على الإبداع، فنجد هناك فرقا شاسعا بين الكتاب المستمعين إلى الغناء، خصوصا أولئك الذين ولد بوحهم على صوت العندليب، أو فريد أو الست أم كلثوم، وبين أولئك الذين يكتبون بطريقة رمادية، فقط من أجل ملء الفراغ وحشو الوقت بأية حالة كتابة منزوعة الحس خالية العاطفة. أنا أؤمن أن الغناء والإبداع خطّان أوجدا من أجل أن يلتقيا دائما عند نقطة الانتشاء، إذ كيف يكون العكس ونحن خلقنا وأمامنا إيقاعات الحياة المختلفة، فللولادة غناء، وللعمل غناء، وللرعي غناء، للحب غناء، لكل ما يأتي إلينا ونسير إليه من تفاصيل حياتنا غناء! الغناء والموسيقى لا يتنافيان مع أي علم من العلوم، لذا فإن صح السماح بالموسيقى في مدارسنا، فهذه نافذة تأخذ النشء إلى آفاق أوسع وأشمل، سيما ونحن في فترة حاضنة لموجة تطرف تجتاح الشباب، وتحاول أن تحرفهم عن المسار الحقيقي للحياة. غنّوا، فالغناء رحلة مع الذات في كوكب الحب، بعيدا عن نواقض الحياة: الموت والكره والحسد والغياب في دهاليز التمثيل، حيث أولئك الذين يرتدون أقنعة التصنع والتزييف والخداع.