الشباب الذي نازع الحلم وكابد الثورة آملاً في حياة كالحياة.. فما وجد ألين من حجر رصيف.. يحنو على غربته فين الشباب؟ الشباب الذين انتهى في واقعهم عهد التجزئة وبدأ العمل بالجملة.. الموت بالجملة، والسجن بالجملة، والنفي بالجملة.. هكذا أكثر راحة.. أن تقبض على الوطن كاملاً بالجملة.. يعني أن تريح الشاشات العاجلة، أن تريح الإذاعات ومطابع الصحف من تزويد صفحاتهم الأولى بصور المقبوض عليهم والضالين.. فين الشباب؟ أصحاب الوجوه المؤطرة بجدري يرسم على أطرافها خارطة الوطن البعيد نتشنف بكل السمع.. أزيز صدورهم المنهكة بسُّل الوطنية! وأنوفهم التي علاها زكام، وأمور غير ذلك بينات لمن كانوا (يبصرون)! فين الشباب؟ الشباب الذي يتسكع في وطن قادر على خلق كل يوم بؤساً جديداً على نفوق في المعيشة، على ارتفاع أسعار،.. على غلاء، على وباء على ولاداتٍ جديدة، تتحدى تحديد النسل، وتلعن حكومات النشل، على خلق بؤسٍ آخر، أوفر حظاً، وحسب.. فين الشباب؟ الشباب الذي اعتذر إلى وطنه وآثر التشرد.. بعد أن استحال نِيل بلاده إلى دمعة كبيرة؟ فكيف يرضى بوطن يرسم خريطته المعربدون!؟