إذا كان أول كتاب يمسكه الطلاب يكتب أول سطر في مستقبلهم، وإذا كانت القراءة تفتح العقول وتوسّع المدارك وتزيد الفضول وترسخ قيم الانفتاح والاعتدال، وتسهم في التفوق المعرفي والحضاري، كما يقول الشيخ محمد بن راشد، فإن القراءة على علاقة بكل ما يمكن أن يقوم البشر به من نشاطات إنسانية؛ لهذا فالمقالة ليست حكرا على فئة بعينها، بل هي لكل من يعيش على كوكبنا، فمبادرة الشيخ محمد بن راشد وإن كانت تحمل اسم «تحدي القراءة العربي»، إلا أن 54 جنسية شاركت بها، ولا أعتقد أنه حتى المنظمين والمشرفين توقعوا هذا النجاح المذهل من طموح لقراءة خمسين مليون كتاب إلى واقع تجسد بقراءة 150 مليون كتاب عبر ثلاثة ملايين ونصف طالب من 21 دولة، من بينها دول عظمى مثل بريطانيا والهند والصين، ودول ذات كثافة سكانية كبيرة مثل مصر وماليزيا وإندونيسيا والجزائر. والمذهل حقًا، ليس الأرقام، بل النتائج، فعندما تكون «أمة اقرأ» لا تقرأ فهذه مصيبة، ولكن المصيبة الأكبر ألا نعرف أن هناك ملايين الطلبة لديهم كل هذا الشغف للقراءة رغم أن بعضهم كفيف وبعضهم ليس لديه حتى سقف يؤويه، وبعضهم جعل مئات الملايين عاجزين حتى عن التعبير، كما فعل الطفل الجزائري المعجزة محمد فرح الذي تفوق على أكثر من 621 ألف طالب من بلده التي يعتقد الكثيرون أن غالبية سكانها لا يتقنون العربية، فإذا بهم يدهشوننا بممثلهم ابن السبع السنوات الذي تحدث أمام 1500 شخص في مسرح أوبرا دبي فأوجز خلال 59 ثانية قصة معجزة عربية كامنة بيننا، ومثلها عشرات ومئات المعجزات التي ستكون صانعة مستقبلنا وحاملة راياتنا لاحقا، وما كان لنا أن نتعرف إليها لولا تحدي القراءة العربي عبر قائد عربي لم يفكر ضمن محيطه الصغير، بل فكر فيما هو أبعد من دبي والإمارات، فكر بأمة اقرأ وبالإنسانية جمعاء، فكر كمحمد بن راشد الإنسان قبل أن يكون القائد والحاكم؛ لأن مبادراته تتعدى حدود القيادة والسلطة؛ فهي تنبع من رؤية إنسانية لا تحدها حدود، هدفها العطاء وتغيير الواقع نحو مستقبل أفضل، وكل ذلك بكلمة سر واحدة.. الإيجابية والشغف للتميز والتفوق فكان بحق.. سيد الشغف.