يحتاج الدماغ البشري لأكثر من عشرين واطا كي يعمل بشكل جيد.. أما تيارات الأعصاب فـتنتقل بسرعة خارقة تساوي 140 مترا في الثانية.. وهذا يعني أن أفكارك الجميلة ــ مهما كانت معقدة وكبيرة ــ تتولد في دماغك في عشر اللحظة وتتحرك في أعصابك بسرعة الكهرباء (وبهذا يمكن القول إن المشكلة لا تكمن في سرعة تفكيرك، بل في سرعة مبادرتك وتأخرك عن التنفيذ).. على أي حال؛ مقالنا اليوم ليس عن التحفيز أو تعـقيد الدماغ (الذي يفوق شبكات العالم أجمع) بــل علاقة أدمغتنا بالطاقة الكهربائية المحيطة بنا.. فالكهرباء كما نعرف هي الوجه المقابل لظاهرة المغنطة (بحيث يمكننا توليد الكهرباء بتحريك المغانط، أو خلق مجال مغناطيسي بتمرير تيار كهربائي).. وبما ان الدماغ يتضمن طاقة كهربائية.. وبما أن أعصابنا محاطة بمجال مغناطيسي؛ فلا أستبعد شخصيا تأثرنا بالأجهزة الإلكترونية المحيطة بنا.. فجميعنا سمع بفرضيات تأثير الجوال وأجهزة الميكروويف على خلايا الدماغ.. ومعظمنا يعرف أن عضلة القلب تنقبض وتنبسط من خلال أوامر كهربائية تحملها الأعصاب.. وبعضنا وصل لعلمه أن الطيور تشعر بمجال الأرض المغناطيسي وتستعين به في هجراتها الطويلة.. ورأيت شخصيا تجربة تعتمد على تشغيل محرك ومصباح كهربائي من خلال حساسات تشبك بالجمجمة.. وكل هذه المعطيات قد تفسر بعض المواهب الكهربائية المدهشة لبعض البشر.. وأول حالة موثـقة طبيا كانت لفتاة فرنسية تدعى انجيليكاكوتين عرفت باسم الفتاة الكهربائية. فقد كانت قادرة على صعق من يصافحها بتيار قوي ما أن بلغت الرابعة عشرة ــ ولكنها مثل السمكة الكهربائية كانت تفرغ بسرعة قبل ان تشحن نفسها من جديد.. وحاليا هناك طفل من بريستول يدعى جونزفيان يصاب بهذه الحالة مؤقتا كلما تعرض لحمى شديدة.. أضف لذلك؛ ثبت أن بعض الناس يملكون فعلا أحاسيس غامضة بوجود أي جهاز كهربائي يعمل قربهم.. وبما ان جسم الإنسان يولد حول نفسه هالة كهرومغناطيسية تدعى هالة كيليريان (التي أرجو أن تبحث عنها في جوجل) لا أستبعـد تداخل هذه الهالة مع المجالات المغناطيسية المحيطة بالأجهزة الكهربائية ــ وبالتالي شعور بعض الناس بها.. وكان أحد القراء قد أخبرني فعلا عن تمتعه بهذه الموهبة لدرجة أن مدرس الحاسوب كان يسأله ـ أيام الثانوي ــ إن بقيت أجهزة مفتوحة أو شاشات ساكنة تركها زملاؤه.. فيحدد موقعها بالضبط.. أما الأكثر غرابة فهو وجود حساسية نادرة تصيب بعض الناس من الأجهزة الكهربائية. وتوجد في كندا عائلة بأكملها مصابة بهذه الحساسية الغريبة اضطرتها لهجر منزلها والانتقال لمزرعة نائية لا تصلها الكهرباء.. واليوم يعتقد أن شخصاً من كل مئتين يصاب ـ دون أن يدري ــ بمستويات مختلفة من هذه الحساسية التي تترافق غالبا مع صداع وغثيان وضعف بالتركيز.. وقبل ان تستغرب هذه الحالة اسأل من حولك: هل بينكم من يصاب بصداع غريب حين يتحدث بالجوال أو يطيل النظر في شاشة الكمبيوتر؟