حوار: محمد إبراهيم كشف العميد أحمد خلفان المنصوري الأمين العام لجائزة محمد بن راشد للتسامح العالمي، عن أن التسامح سيكون مادة دراسية أساسية، تدرس في جامعات الإمارات العام الدراسي المقبل، فضلاً عن أن طلبة المدارس بالدولة، سيكونون سفراء للتسامح ضمن مبادرة جديدة تحاكي المجتمع المدرسي خلال العام الجاري، تبدأ من مدارس دبي، وتتوسع لتصل إلى جميع المؤسسات التعليمية في الدولة.. وأكد في حوار مع الخليج، أن الإمارات وطن التسامح، ومنبر لنشر مفاهيم الإسلام المعتدل، ومبادئ العدل وقيم الحق والتسامح، فدروها رئيسي ضمن جهود المجتمع الدولي لتحقيق التسامح العالمي، وترسيخ قيم الحوار والتعايش، وسماحة الأديان السماوية، لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار في كل بقاع الأرض. وذكر أن جائزة محمد بن راشد للتسامح العالمي، ركزت في مضمونها على إرساء دعائم التسامح دون النظر لدين أو عرق أو لون، فالصراعات والحروب وما يشهده العالم من نزاعات، أثرت سلباً على استقرار وأمان شعوب دول كثيرة حول العالم، مما يفرض علينا جميعاً التشبث بالسلام ونشر مفاهيمه داخلياً وخارجياً، والتالي نص الحوار: * في البداية.. كيف ترى حاجة الشعوب إلى التسامح ونشر مفاهيمه في ظل الصراعات والنزاعات والأحداث الجارية؟ - لا شك أن التسامح مطلب مهم لكل الشعوب، لاسيما العربية، التي تعيش تحت وطأة الصراعات والنزاعات والحروب منذ فترة، حيث بددت بدورها معاني الاستقرار والأمن والأمان، الأمر الذي يفرض علينا جميعاً التشبث بالسلام، الذي بات أمراً يشغل عقول زعماء العالم، لإرساء قواعده ومبادئه في المجتمعات. وحثنا الله تبارك وتعالى على أن يعيش الناس في تسامح وسلام دائم لقوله تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) وقال صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم صدق رسول الله. دعم مسيرة التسامح * وكيف ترى دور الإمارات في دعم مسيرة التسامح ونشر مفاهيمه عالمياً؟ - الإمارات تلعب دوراً محورياً وفاعلاً في تعزيز مسارات التسامح واتجاهاته عالمياً، بما يحقق للشعوب أمنها واستقرارها، وباتت ركيزة أساسية للسلم الاجتماعي الوطني، ونموذج يحتذى به في التسامح والتعايش، لاسيما أنها تحتضن جنسيات وتوجهات فكرية وثقافية ودينية متنوعة، الأمر الذي يجسد لوحة فنية صادقة للتناغم الثقافي والانسجام المجتمعي، مفضلاً عن إيمانها الراسخ في أن التنمية الشاملة والمستدامة لشعوب العالم لن تتحقق إلا بسلام وتسامح شامل وعادل. واليوم في الإمارات التسامح يجمعنا، فالدولة مجتمع متسامح يدعو للسلام، ويتجلى هذا في حياة أكثر من 200 جنسية على أرض الدولة، يعيشون معاً في سلام وأمن واستقرار، على الرغم من الاضطرابات التي تشهدها المنطقة من حولنا، فالمواطن والمقيم آمن في بيته وعمله ومع أسرته وأولاده، ونحاول بجهود مكثفة نقل تجربة الإمارات في التسامح إلى شعوب العالم. الجائزة مسار فاعل * إلى أي مدى تشكل الجائزة مساراً فاعلاً لدعم مسيرة التسامح؟ - الجائزة تجسيد واقعي لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إذ تحمل رسالة الإمارات لجميع دول العالم لدعم ونشر التسامح، وتحرص على رعايته ونشر فكرته ومبادئه ومفاهيمه في كل بقاع الأرض. وباتت منبراً عالمياً لنشر تلك التسامح السامية، التي تعزز التسامح ومساراته أينما كان، وتركز على نشر ثقافة التسامح وترسيخ آليات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة، وحرصها على التباحث المستمر مع دول العالم لإيجاد حلول فاعلة ليعم التسامح في كل دول العالم. وأصبحت الآن واحدة من أكثر الاتجاهات تأثيراً في مسيرة التسامح العالمي، من خلال مبادراتها ومشاركاتها، وأعمالها الإنسانية والخيرية، والأمر مشهود من خلال مشاركة الجائزة مؤخراً في مباراة السلام، التي أقيمت في العاصمة الإيطالية روما، بدعوة من بابا الفاتيكان، لتمثل الجائزة الدولة، وكانت أحد الرعاة الذهبيين. مبادرات المرحلة المقبلة * ولكن هل لنا أن نتعرف على أبرز مبادراتكم في المرحلة المقبلة؟ - بكل تأكيد.. تعمل الجائزة وفق خطة ممنهجة في هذا الأمر تحديداً، وتراعي أن تحاكي المبادرات المجتمع المحلي وربطها بالمجتمعات العالمية، لتعميق أهداف رسالتها، وتحقيق أكبر قدر من الانتشار والتأثير فيما يخص التسامح العالمي. ومن ضمن المبادرات التي دخلت طور التنفيذ العام الجاري، مبادرة سفراء التسامح، التي تستهدف طلبة المدارس وتحمل في مضمونها، رسالة أبنائنا الطلبة في التسامح إلى جميع دول العالم، وتبدأ بطلبة المدارس الحكومية في دبي، لتتوسع بعد ذلك وتصل لجميع مدارس الدولة، ومن المقرر تطبيقها قبل نهاية العام الدراسي الجاري. والمبادرة تستند إلى اتفاقية شراكة بين الجائزة، ومنطقه دبي التعليمية، لإعداد وتأهيل طلبة مدارس دبي، على أدوار ومهام السفراء، ليحملوا مشاعل التسامح والعدل وقيم الحق للعالم أجمع من خلال مدارسهم، وقبل نهاية العام الدراسي الجاري، وستكون مجالس التسامح جاهزة للعمل وفق أعلى مستويات التنسيق، والتدريب والمهام وفاعلية المشاركات. التحاق الطلبة بالمبادرة * ترى ما المعايير التي وضعتموها لالتحاق الطلبة بتلك المبادرة؟ - المعايير الأساسية للالتحاق تركز على حرية الطالب الكاملة في الترشيح، فمن يجد في نفسه القدرة علي تمثيل مدرسته ومنطقته التعليمية، يتقدم لتلك المهمة، لتمثيل الدولة في المحافل العالمية، ويحق للطالب الترشح دون النظر إلى المستوي التعليمي ولا يجبر الطالب علي المشاركة، ولكن يكون الأمر اختيارياً ناتجاً عن رغبة ذاتية. وينبغي أن يتميز بالأخلاق العالية والالتزام، فضلاً عن عدم النظر إلى جنسية الطالب سواء كان مواطناً أو مقيماً، فجميعهم يشكلون المجتمع المدرسي، وينبغي أن يكون لديه القدرة على بناء جسور تعاون مستقبلية مع الشعوب الأخرى. اتفاقيات عالمية * هل هناك اتفاقيات مع مؤسسات أو هيئات عالمية في هذا الشأن؟ - نعم.. يوجد لدينا اتفاق مع مؤسسة جلوبال بيس فوندشين، لنشر المبادرة على نطاق واسع عالمياً، إذ لدى تلك المؤسسة شبكة تواصل عالمية تمتد في جميع أنحاء العالم، علي سبيل المثال لا الحصر كوريا وأمريكا، وهذا من شأنه إيصال رسالة الجائزة وتعزيز مكانتها العالمية. وهناك اجتماع دوري لنشطاء السلام على مستوي الأمم المتحدة، سنحاول أن يشارك أولادنا جميعاً في فعاليات هذا الاجتماع، استناداً إلى أن السلام والتسامح رسالة عالمية، يجب أن يشارك فيها الجميع دون النظر للسن، وينبغي حشد الجهود لدعم مساراته وتحقيق أهدافه. شباب الجامعات * ولكن هل شباب الجامعات سيكون لهم نصيب في مبادراتكم المستقبلية؟ - نعم.. الجائزة تركز من خلال مبادراتها على تضافر الجهود، وتحقيق المشاركة الفاعلة لعناصر المجتمع كافة، بما يعزز ويدعم ثقافة التسامح القائم على العدل والمساواة، فالجائزة في طور إنشاء معهد وطني للتسامح، من خلال اتفاقية شراكة مع معهدين في سويسرا. ومن أهم أسباب إنشاء هذا المعهد، هو التركيز على أن يكون لدينا مصانعنا لإنتاج وتأهيل عقول مستنيرة، تستطيع الوقوف على ماهية التسامح ومساراته وأهميته، ولديها معارف ومنهجيات لنشر ثقافة التسامح والعدل والقيم الحميدة بين مجتمعات العالم، وفق عاداتنا وثقافتنا وتقاليدنا العربية، فالمعاهد العالمية تعمل في الشرق الأوسط منذ سنوات، ولا يوجد لدينا منتجنا الخاص. مسارات * ما المسارات التي يركز عليها المعهد ومتى سيتم الانتهاء منه؟ - يركز المعهد علي مسارين، الأول يحاكي إصدار البحوث حول التسامح العالمي ومفاهيمه ورؤيته وسبل تحقيقه، والمسار الثاني يركز على تدريس ماده التسامح في الجامعات ضمن المواد الدراسية الأساسية في جميع مراحل التعليم الجامعي، حيث تم التواصل مع جامعة زايد، والشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح، رئيسة المجلس الأعلى للجامعة، إذ أصرت بدورها على أن تدرس مادة التسامح إجبارياً، حيث كانت تدرس في السابق كمادة اختيارية، وسوف تطبق بداية العام الدراسي المقبل، على أن يتم الانتهاء من المعهد وإنشائه خلال العام الجاري. مشاركات * حدثني عن مشاركات على المستوى العالمي بما يخدم مسيرة التسامح - شاركنا في العديد من مؤتمرات السلام علي مستوى العالم، منها المكسيك وأمريكا وكوريا، فضلاً عن مساهمتنا الفاعلة في هذا الشأن على مستوى دول أخرى، إذ نركز على نقل ثقافتنا العربية ونصحح المفاهيم غير الصحيحة، وننشر رسالة الإسلام المعتدل، والعدل وقيم التسامح ومفاهيمه إلى العالم الآخر، ويعتمد هذا كله على مسارات تأسيس مفاهيم ودوافع التسامح في الإمارات، ثم الانطلاق إلى العالمية. بالرغم من أن مفاهيم التسامح كانت بسيطة في تعاطي بعض الشعوب معها، إلا أن الأحداث الجارية والصراعات والحروب، فرضت حتمية التعمق في تلك المفاهيم، لإيجاد سبل مبتكرة جديدة، ولغات متعددة نستطيع من خلالها إيصال الرسالة السامية لنشر السلام والتسامح بين شعوب العالم، فينبغي أن يكون الفرد ناشطاً في مجتمعه لتحقيق التسامح، فالجميع يلعب دوراً محورياً في هذا الشأن، وليس شرطاً أن يكون على درجه كبيرة من التعليم، ولكن تكفي وطنيته وولاءه وحبه لوطنه، كدوافع ومبادئ راسخة توجد في أي إنسان بالفطرة، مع مراعاة الابتعاد عن الانتماء إلى أي تنظيمات أو جماعات محظورة. خطوات مستقبلية * دعنا نقف على أهم خطواتكم المستقبلية ضمن مسيرة نشر التسامح؟ - الجائزة بصدد تنظيم مؤتمر دبي العالمي للتسامح في 27 أكتوبر تشرين الأول الجاري، إذ عقدت اللجان المنظمة اجتماعاً تحضيرياً، في مقر جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح، استعرضت خلاله التحضيرات القائمة لاستقبال الحدث، كخطوة جديدة في مسيرة التسامح، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تعكس دائماً إيمان القيادة العميق بضرورة نشر رسالة التسامح في مختلف أنحاء العالم، ويسعى المؤتمر إلى نشر مفاهيم التسامح بين الأفراد، واكتساب أفكار مبتكرة، إذ يشكل فرصة ذهبية لإشاعة بيئة ثقافية بين الناس تتيح ترسيخ مفهوم التسامح ونشره في ضوء تعاليم القرآن الكريم وهدي السنة النبوية الشريفة. ولدى الجائزة مشاركة جديدة في أكبر مؤتمر للسلام في الفلبين، المقرر انعقاده في شهر مارس المقبل، ويعد من أهم الأحداث على مستوي العالم، فسوف تتواجد فيه كافة المؤسسات التي تهتم بالتسامح، ولن يقتصر على المشاركة فقط، بل تواجد الإمارات سيكون بقوة هذا العام، ويشكل حضوراً لافتاً ضمن قائمة المتحدثين، حيث نطمح إلى عضوية اللجنة العليا للتسامح العالمي العام المقبل. شعراء التسامح تعد جائزة محمد بن راشد للتسامح العالمي الأولى عالمياً من حيث الاهتمام بشعراء التسامح، حيث تحدد يوم 22 فبراير من كل عام للاحتفال بشعراء التسامح، نظراً لأهمية دور الشعر والشعراء في دعم مسيرة التسامح العالمي، وتعزيز رسالته على نطاق واسع، ونشر الثقافة الشعرية للتسامح، فضلاً عن نشر الوعي للعمل التطوعي الإنساني حول العالم. 1.5 مليون دولار تقدر قيمه الجائزة بمليون ونصف المليون دولار، وتعد من أكبر الجوائز عالمياً من حيث القيمة المالية، فضلاً عن القيم الإنسانية التي تحملها بين طياتها، وفي مضمونها وأهدافها، إذ تركز على تكريم جميع من له يد في تكريس السلام العالمي، وإرساء دعائم التسامح السلام والاستقرار على مستوى العالم، وتشجيع روح المبادرة والتميز في السلام العالمي، وتعزيز ثقافة الحوار بين الأديان. مصداقية الجائزة تأتي الجائزة تكريماً للشخصيات أو الجهات ذات الإسهامات المتميزة في القضايا المرتبطة بالتسامح العالمي، بما يكفل تحقيق تنمية مستدامة في مختلف أرجاء العالم، والدفع قدماً باتجاه تكريس روح المبادرة والتفاعل مع القضايا المتعلقة بالسلام، وأكثر ما يميزها هو تفاديها للترشيحات المسبقة، التي قد تأتي في بعض الأحيان بناءً على اعتبارات معينة خاصة أو عامة، الأمر الذي يلقي بظلاله على مدى مصداقية الجائزة وجدية القائمين عليها. اتجاهات وفئات مستحدثة كشف العميد أحمد المنصوري، عن توجه الجائزة إلى ضم أكثر من فئة في الدورات المقبلة، حيث تركز على استحداث فئات جديدة لمشاركة الأطفال، والنساء، بهدف خلق تفاعل ومنافسة بين أفراد المجتمع الدولي بعناصره كافة، ومن الممكن أن تكرم الجائزة أسرة كاملة، مضيفاً: نحن أولى بالسلام، فالإسلام من أكثر الأديان السماوية التي دعت إلى التسامح. العمل السياسي السلمي قال العميد أحمد المنصوري إن الجائزة تعكس تاريخ الإمارات العامر، في مجال العمل السياسي السلمي، لاسيما في الدبلوماسية الوقائية والمصالحات بين الأشقاء في حال وجود الخلاف والنزاع، وحملت في رسالتها أبعاداً وأهدافاً إنسانية نبيلة، إذ ارتقت درجات متميزة، لخدمة السلام العالمي، وتشكل حافزاً يفوق العالمية، لمكافأة الأوائل من نشطاء وصانعي التسامح. مبادرات جديدة قال أمين عام جائزة محمد بن راشد للتسامح العالمي، إن الجائزة حققت منذ انطلاقها في عام 2011، إنجازات متعددة، وتضم في مسيرة هذا العام مبادرات عدة، منها السلام يجمعنا، ولوحة السلام، مبادرة الكتابة في السلام، وهشتاق السلام، وتشييد معهد السلام، وشعراء السلام، وسفراء السلام وجميعها تحاكي نشر السلام والتسامح في العالم.