في وقت لم يعد يفصل قوات النخبة العراقية عن مركز مدينة الموصل سوى 5 أو 6 كيلومترات (كم)، فقد أكد رئيس البرلمان، سليم الجبوري، أن الانتصار في الموصل سيمهد لحوار وطني شامل، بينما عد النائب عن محافظة نينوى وأحد شيوخ قبيلة شمر، كبرى عشائر محافظة نينوى، أحمد مدلول الجربا، أن «معركة الموصل سوف تكون سهلة بالقياس إلى المخاطر المتوقعة بشأن قضاء تلعفر». وكان قائد قوات النخبة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، اللواء الركن معن السعدي، أعلن أن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب تنتظر وصول القطعات العسكرية التي ستمسك الأراضي التي حررتها للتوجه نحو اقتحام الموصل»، لافتا إلى أن «القوات وصلت إلى مشارف منطقة بزواية». وأشار السعدي إلى أن «القوات الأمنية متقدمة نحو 12 كيلومترا عن القطعات العسكرية الأخرى، وأنها تتنظر وصولها لاقتحام مدينة الموصل». في السياق نفسه، أعلن قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الغني الأسدي، أن «القوات تبعد مسافة 5 إلى 6 كيلومترات عن مدينة الموصل». من جهتها فقد أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية عن تحرير 62 قرية من مجموع 80 قرية من سيطرة تنظيم داعش ضمن محاورها في معركة تحرير الموصل (405كم شمال بغداد). وفي وقت أعادت فيه القوات العراقية السيطرة على قضاء الرطبة بعد إعادة احتلال كثير من أحيائه من قبل تنظيم داعش، طبقا لما أفاد به عضو مجلس محافظة الأنبار جاسم العسل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قائلا إن «القوات العراقية وبعد وصول تعزيزات من قوات البادية والجزيرة إلى قضاء الرطبة، فقد تمكنت قواتنا من دحر تنظيم داعش فجر يوم أمس، حيث تم طرده من آخر حيين سكنيين كان قد احتفظ بهما طوال ثلاثة أيام». وأضاف أن «تنظيم داعش لم يعد له ما يراهن عليه في تلك المناطق سوى الأرض التي هي صحراوية ومترامية الأطراف، حيث يستطيع الاختباء في مناطق واسعة وبعيدة، ولا يمكن السيطرة عليها، ويحاول بين فترة وأخرى فتح جبهة هنا أو هناك لغرض إثبات وجوده لا أكثر»، مبينا أن «أول من تصدى له هم أبناء القضاء أنفسهم من قوات العشائر والمواطنين، مما جعله غير قادر على التمدد أكثر لحين وصول القطعات العسكرية التي أخرجته من القضاء تماما». إلى ذلك قال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، إن «الانتصار في معركة الموصل سيمهد لحوار وطني كبير يذيب الجليد بين المكونات السياسية بفضل المعنويات التي ستنتج عن هذا النصر والحماس الذي يخلقه في نفوس الجميع». وقال الجبوري، خلال كلمة ألقاها خلال زيارته إلى ناحية القيارة قرب الموصل أمس الثلاثاء، إن «الشعب العراقي معكم يدعمكم بالدعاء والمؤازرة وينتظر منكم النصر، وقد استطعتم توحيده بوحدتكم وتماسككم وشجاعتكم»، لافتا إلى أن «الانتصار في معركة الموصل سيمهد لحوار وطني كبير يذيب الجليد بين المكونات السياسية بفضل المعنويات التي ستنتج عن هذا النصر والحماس الذي يخلقه في نفوس الجميع». وأشار إلى أن «معركة الموصل عملية نوعية وحساسة وتاريخية، واشتراك جميع قواتنا فيها يضاعف الفرصة بالنصر السريع، كون هذه القوات تتكامل في الخبرة والكفاءة»، مبينا أن «الموصل واجهت عبر تاريخها عددا من الغزوات والحملات العسكرية، وقد صمدت أمامها واستعادت عافيتها، وهي اليوم تؤكد هذا المعنى برفضها الغزاة الدواعش واحتضان أبنائها القادمين لنصرتها». لكن أحمد مدلول الجربا، عضو البرلمان العراقي عن نينوى وأحد شيوخ قبيلة شمر واسعة النفوذ في الموصل، أبدى خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» مخاوفه من «القضايا العالقة في قضاء تلعفر المختلط مذهبيا الذي يعد القنبلة الموقوتة بعد التحرير ما لم يضع عقلاء القوم نصب أعينهم مستقبل ليس القضاء المذكور أو محافظة نينوى بل مستقبل العراق كله»، مبينا أن «أي حوار وطني شامل وأي تسوية يجري الحديث عنها ما لم تأخذ بعين الاعتبار قضية تلعفر، وما يخطط له، بما في ذلك إشراك كل ميليشيا (الحشد الشعبي) وعددها يزيد على خمسين أو ستين فصيلا في تحرير القضاء يمكن أن يتسبب بمشكلة كبيرة يعاني منها العراق كله، وقد تطيح بكل الجهود الرامية لاستقرار الأوضاع». وقال الجربا، إن «التقدم الذي حصل في المعارك حتى الآن يعد تقدما جيدا، حيث لم تحصل حالات احتكاك، كون معظم المناطق التي جرى تحريرها خالية تقريبا من السكان، لكن الآن القوات أصبحت على مداخل مدينة الموصل، وهو ما يجعلنا نتوخى الحذر سواء لجهة عدم الاستهانة بالدواعش وما يمكن أن يخططوا له، لا سيما أنهم يعتمدون سياسة المماطلة والاستنزاف أو على صعيد التعامل مع المدنيين، مع أنني أرى أن الوضع داخل الموصل لن تكون فيه مشكلات مجتمعية أو سياسية كونه مجتمعا مدنيا وإمكانية التعايش فيه كبيرة». وحول الآمال المعقودة على ما يطرح من سيناريوهات لحوار وطني بعد الموصل، يقول الجربا إن «ما نأمله هو أن نعود إلى مرحلة ما قبل العاشر من شهر يونيو (حزيران) عام 2014، حين سيطر (داعش) على الموصل وكل نينوى، وهو أمر بات صعبا التعويل عليه، وذلك لجهة ما باتت تريده الأقليات التي تعمل الآن على فرض أمر واقع على الأكثرية في نينوى، بحجة ما تعرضت له من أذى من قبل تنظيم داعش، الأمر الذي يجعل من الصعوبة حصول استقرار، وإذا أضفنا ما يمكن أن تعمل عليه قوات البيشمركة من فرض أمر واقع آخر، فإن الحديث عن الحوار الوطني يصبح موضع شك لجهة عدم قابليته على التطبيق». وأوضح الجربا أن «المشكلة الأكبر ستكون تلعفر، لأنها مشكلة مذهبية، وما يمكن أن يترتب عليها من انتقام متقابل في حال لم يتم ضبط الأمر بدقة، خصوصا أن مهمة (الحشد الشعبي) سوف تكون هناك، وهو ما يعني أن هناك فتح الباب أمام شتى التأويلات، الأمر الذي يجعل من هذا القضاء بمثابة قنبلة موقوتة». ودعا الجربا إلى «اقتصار دخول قضاء تلعفر على فصائل معينة من (الحشد) لم تثبت عليها انتهاكات واسعة خلال المعارك السابقة، وهي منظمة بدر بقيادة هادي العامري، وسرايا عاشوراء التابعة لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، وسرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والحشد التركماني الشيعي وهم من أبناء تلعفر أصلا»، مبينا أن «مشاركة الفصائل الأخرى التي ثبتت عليها انتهاكات في الرمادي والفلوجة وقبلها في تكريت وديالى سوف تزيد الأمور تعقيدا».