نحن نردد دائماً عبارة «من لا يعمل لا يخطىء»، لكننا للأسف وبمجرد أن يرتكب أحد موظفينا أي خطأ فإننا نمارس بحقه كل أشكال العتاب والعقاب الممكنة، دون أن ندرك أننا بذلك نرتكب أكثر من خطأ بحق الموظف والعمل في نفس الوقت. قبل أسابيع مثلاً وصلتني رسالة على الجوال بمخالفة مرورية على سيارة السائق، وهي المخالفة الأولى له خلال قرابة السنتين، وعندما أخبرته عنها شعر بالخوف خشية أن أخصمها من مرتبه، لكني لم أفعل واكتفيت بتنبيهه أن يتجنب السرعة مهما كان مستعجلاً، وقلت له أني لن أخصم قيمة المخالفة من مرتبه لأنها المخالفة الأولى له ولأنه كان سائقاً جيداً طوال الفترة الماضية. وقد لاحظت سعادته البالغة ليس فقط لأني لم أحمِّله قيمة المخالفة التي تمثل جزءاً كبيراً من مرتبه، ولكن أيضاً لثَنائي على أسلوب قيادته الجيد، والذي يستحق فعلاً ذلك الثناء، على الأقل مقارنة بمعظم السائقين الذين أشاهدهم أو أعرفهم. تصرفي هذا كان مدفوعاً بعدة أسباب يأتي في مقدمتها كوني أنا نفسي ارتكبت - رغم حرصي الشديد جداً- مخالفتي سرعة خلال السنة الحالية، وهذا يعني أننا جميعاً يمكن أن نقع في الأخطاء مهما بلغت درجة حرصنا واهتمامنا. سبب آخر هو أن ماضيه يشفع له من حيث عدم حصوله على أي مخالفات سابقة رغم أنه يقطع يومياً مسافات أكثر بكثير من تلك التي أقطعها أنا بسيارتي. يضاف الى كل ذلك أني أردت تشجيعه على انضباطه ورفع معنوياته والحفاظ على ولائه في ظل ندرة السائقين الجيدين هذه الأيام. كما ذكرت فإننا جميعاً رؤساء ومرؤوسين معرضون لارتكاب الأخطاء لأسباب عديدة منها الإجهاد والملل وقلة التدريب وضغط العمل وعدم حُبِّنا له. والواقع أنه اذا كان الموظف لا يخطىء فإن هذا غالباً دليل على أنه لا يفعل شيئاً في عمله، كما أنه دليل على افتقاره للإبداع والمبادرة. المهم في الأمر أن يتم تعريف الموظف بأنه أخطأ وقيامه بتصحيح خطئه واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكراره. الكاتبة Amy Anderson ذكرت في مقال لها بمجلة Forbes أن القائد الجيد يسمح لموظفيه بارتكاب الأخطاء، وأن الموظف الجيد عندما يرتكب خطأ فإنه يقوم بما يلي: 1- يتعلم منه 2- يعترف به ويتحمل مسؤوليته 3- يصلح خطأه 4- يتخذ كل ما يلزم لضمان عدم تكراره لنتجنب المبالغة في تخويف مرؤوسينا من الوقوع في الأخطاء سواء بالعتاب أو العقاب الزائد، أو بالتهكم والسخرية كتلك التي نراها دوماً على شبكات تواصلنا الاجتماعي، حيث أن ذلك يخلق لنا أجيالاً من الناشئين والموظفين تخشى المبادرات وتتحاشى الإبداع والابتكار في العمل، كما تفتقد الى الثقة بالنفس والقدرة على الخطابة والإلقاء أمام الناس.