×
محافظة المدينة المنورة

فيصل بن سلمان: جامعة الأمير مقرن ترجمة صادقة لحرص الحكومة على النهوض بالتعليم

صورة الخبر

د. مصطفى الفقي يحمل فصل الخريف معه نسمات باردة تذكرنا بشهور (فيضان النيل) قبل السد العالي والتأثيرات في المناخ والتربة والبيئة والنهر والأرض والبحر ، فضلاً عن العودة إلى المدارس والجامعات وانتهاء شهور العطلة، لذلك ارتبط في ذهني دائماً بذكريات ذات خصوصية يدفعها كتاب خريف الغضب للراحل الكبير محمد حسنين هيكل أو رواية السمان والخريف لأديب نوبل نجيب محفوظ. وجاء خريف هذا العام ليحمل معه رياحاً مفاجئة لا نسمات متوقعة، فالمشهد يوحي بأنه خريف العرب، فالمأساة السورية تزداد تفاقماً، والوضع في اليمن يزداد تأزماً، والوضع في ليبيا يزداد غموضاً، بينما العراق بين شقي الرحى، ومصر تواجه ظروفاً اقتصادية بالغة الصعوبة لأنها أرادت أن تقتحم المستقبل وأن تبدأ مسيرة الإصلاح التي تأجلت كثيراً منذ عقود مضت، كما أن هناك من يحاول بث السموم في آذان أشقائنا في الخليج ورفاقنا في إفريقيا في محاولة لوضع العقبات أمام حركة مصر التي تعتز كثيراً بأشقائها وأصدقائها ورفاق دربها، ولعلّي أقدّم صورة أمينة للمشهد الراهن من خلال المحاور الآتية: *أولاً: إن العلاقات المصرية- السعودية تمثّل ركيزة أساسية في العمل العربي المشترك، دعنا ننسَ سنوات الخلاف في عصري محمد علي وجمال عبد الناصر ، ونتذكر دائماً أن هوى المصريين بالطبيعة مرتبط بالأماكن المقدسة ومهبط الوحي ومنزل الرسالة، وهذا شعور لا يمكن اقتلاعه من الذات المصرية ، لأنه تأصّل فيها واختلط بها منذ فجر الإسلام، كما أن البلدين تقاسما الدعم والعطاء في السراء والضراء، فقبل (الحقبة النفطية) كانت مصر سنداً لأهل (الحجاز) و(نجد) بل وكل الخليج، وبعد (الحقبة النفطية) دعم هؤلاء الأشقاء (مصر) في كل المحن ووقفوا إلى جانبها ، إلا إذا نفث الأجنبي سمومه وحاول الإيقاع بين الشقيقتين ودق إسفيناً بين الدولتين. *ثانياً: أدت الطلقات الحادة والمتبادلة بين الإعلاميين المصريين والسعوديين إلى تشويه المشهد برمته وسكب الزيت على النار ، مع أن عقلاء مصر وعقلاء المملكة يدركون أن الخلاف بين البلدين في غير صالحهما معاً ، خصوصاً في ظل الظروف المتوترة إقليمياً والملتهبة دولياً، وهذا آخر وقت كان يمكن أن تحدث فيه هذه الأزمة! وإذا كانت المملكة العربية السعودية قد قدّمت دعماً مالياً لمصر في السنوات الأخيرة ، فإن مصر بدورها هي (عمود الخيمة ) في المنطقة ، لذلك فإن ضعفها ضعف للعرب، كما أن تراجع دورها سيكون بالضرورة في غير صالح أشقائها بالخليج بسبب الوحدة العضوية للأمن القومي المشترك، ومصر عبّرت على لسان رئيسها أنها لن تركع أمام الحصار السياسي المفروض عليها والمؤامرات التي تحاك لها ، لأن المصريين والعرب لا يركعون إلا لله. *ثالثاً: إن الخلاف حول المأساة السورية هو خلاف بين أشقاء حول إنقاذ شقيقهم ، فبينما ترى مصر ضرورة الإسراع في وقف نزيف الدم وإيجاد هدنة طويلة لإدخال مواد الإغاثة لأن الذي يعنيها هو سلامة سوريا ووحدة أراضيها ، فإن الأشقاء في المملكة العربية السعودية يرون أن بشار الأسد هو المسؤول الأول عن هذه المأساة، ولأنه جزء من المشكلة فلن يكون جزءاً من الحل وهو خلاف لا يفسد للود قضية، كما أن تصويت مصر في مجلس الأمن هو إجراء سيادي مارسته مصر من منطلق قومي تعبيراً عن رؤيتها لإيقاف شلال الدم ونزيف الهجرة في سوريا ، خصوصاً في المدينة الباسلة (حلب) وتضامناً مع الشعب السوري الأبي على امتداد التاريخ، ولعل اختلاف الرؤية مع وحدة الهدف لا يمكن أن يكون مبرراً لخلاف بين الأشقاء ، خصوصاً أن المناخ العام لا يسمح بذلك، بل يدعو إلى مزيد من الحوار المشترك والتضامن القوي وتوحيد الرؤية مع احترام حق الاختلاف واحترام خيارات الآخر. *رابعاً: إن ما جرى ويجري في اليمن هو أمر تأسف له مصر وتقلق من استمراره بسبب الأهمية الاستراتيجية لذلك البلد الشقيق الذي تتأثر مصر بموقعه عند (باب المندب) ، وترى أن أمنها القومي ليس بعيداً عنه، كما أن القيادة المصرية تدرك أهمية اليمن المباشرة بالنسبة للأمن القومي السعودي، وقد دعمت مصر سياسات المملكة في هذا السياق منذ اليوم الأول ، ولكن هناك من ينفخون في النار ويصورون الموقفين السعودي والمصري من الأزمتين السورية واليمنية كما لو كان بينهما خلاف حاد والأمر غير ذلك تماماً. *خامساً: بدت بعض التصريحات السعودية وأخرى مصرية تمضي في سياق التجاوز ولا تضع في اعتبارها المصالح العليا للبلدين ، ومخاطر ذلك التراشق على مشاعر رجل الشارع في الدولتين، وهو أمر يحمل في طياته خسارة كبيرة على الرياض والقاهرة معاً. أيها الخريف العاصف.. رحماك بأمة ممزقة وشعوب حزينة!