«كثيرون هم الذين يحبون القراءة، وكثيرون هم الذين يمارسونها، ويعتبرونها طقساً لا يقل أهمية عن طقوس الحياة الأخرى، وكثيرون هم الذين يتنفسونها مثل الهواء، ولكن قليلين هم الذين كتبوا عنها مثلما كتب ألبرتو مانغويل»، بهذه العبارات يستهل الإعلامي الإماراتي ومدير مركز الأخبار في شبكة قنوات دبي، علي عبيد الهاملي، حديثه عن تجربته الشخصية مع هذا «الكنز الكبير» الذي تنطوي عليه مكتبته الخاصة، والذي أعاد فيه مانغويل الاعتبار إلى علاقاتنا اليومية بالكتب. قصة يقول «مانغويل» في سرده لقصته مع القراءة: «بمجرد أن تعلمت فك رموز الأحرف بدأت أقرأ كل ما كانت تقع عليه يدي؛ الكتب، العناوين، الإعلانات، الكلمات الصغيرة المطبوعة على تذاكر وسائط النقل، الرسائل المرمية، الغرافيتي، صفحات الجرائد المهترئة الملقاة تحت المصاطب في الحدائق العامة، كنت أسترق النظر في باصات نقل الركاب، وأحاول معرفة ما يقرؤه الركاب. وعندما قرأت في أحد الأيام أن سرفانتس كان يطالع من فرط حبه للقراءة حتى قصاصات الورق المرمية على قارعة الطريق، أحسست بشعور جميل لأنني كنت أعرف ماذا يعني هذا». وأضاف علي عبيد عن الكتاب: «لقد قام مؤلفه الأرجنتيني الأصل الكندي الجنسية، الذي يتحدّث ويكتب بلغات عدة، باقتفاء آثار النصوص المكتوبة والمقروءة والمطبوعة، عبر مختلف العصور التاريخية، بحث عنها في الكثير من مكتبات العالم، كما بحث عنها داخل نفسه أيضاً. ومثل كورس شكسبيري، يقدّم لنا مانغويل (مفتاح فهم العالم)، فيتذكر الكلمة الأولى التي قرأها، ويتحدث عن شغفه الكبير بالقراءة منذ نعومة أظفاره، كما يروي قصة علاقته بالكاتب الكبير الكفيف لويس بورخيس الذي كان يقرأ عليه في بوينس آيرس مدّة عامين كاملين يوماً بعد يوم. ثم ينتقل إلى بدايات الكتابة، وإلى فن طباعة الكتب والأدب وشكل الكتاب، وإلى فعل القراءة وسلطانها». وتابع عبيد: «يقدّم مانغويل نخبة من عظماء العالم الذين كانوا يكتبون ويحبون القراءة مثل أرسطو، وابن الهيثم، وأولفر ساك، وريلكه، ويحدّثنا عن قصة الأمير الفارسي الذي كان يصطحب مكتبته المؤلّفة من آلاف الكتب على ظهر قافلة من الجمال مصنفة بحسب الحروف الأبجدية. كما لا ينسى أيضاً حكاية أكبر سارق للكتب في العالم، الدوق ليبري، أو قصة عمال التبغ في كوبا الذين كانوا يحبون الاستماع إلى قراءة الكتب، ما جعلهم يطلقون أسماء أبطال الروايات الأدبية على أنواع سجائرهم. فيتحدث مانغويل عن القراءة بهيام عظيم كالذي نشعر به نحن معشر القُراء في جميع أرجاء العالم». وقال: «على كثرة ما قرأت من كتب في حياتي، منذ أن تعلمت فك رموز الحروف والكلمات، إلا أنني لم أحاول قط أن أفسر هذا الشغف، حتى جاء مانغويل ليعيد ترتيب الأشياء في ذهني، ويلقي الضوء على مقومات هذا الشغف الذي تمكن مني حتى غدا عشقاً لا أستطيع منه فكاكاً».