×
محافظة المنطقة الشرقية

معلق من عمان ينظم الشعر ويتغنى بــ«الأخضر» الفنان

صورة الخبر

يقال: إن باولو كويلو استلهم هذه الرواية من كتاب المثنوي الشهير. 1- انطباع أوّلي وأنت بصدد قراءة هذه الرواية لا تدري أي جنس أدبي تقرأ حقيقة؟.. هل هو كتاب فكر؟ مجموعة قصص؟ فلسفة حياة؟ مناجاة راهب أو سبحات متصوف؟ أم كوكتيل من الحكم المختارة بعناية فائقة ومنظومة في عقد فريد؟ الكتاب أو الرواية كل هذا وأكثر، متعة فكرية راقية، استطاع الكاتب من خلالها أن يبسط المواضيع الشائكة والصعبة، ويطرحها بأسلوب علمي فلسفي خرافي جمالي رائع. تجد الحكي والسرد والوصف وأنواع الحوار، فهناك حوار ذاتي، وآخر بين الشخصيات، وثانٍ مع الطبيعة بكل مكوناتها. تجد في هذا العمل الفني المتميز، تجد الله وتجد نفسك وأحبابك وأعداءك.. إلخ. هناك حديث عن السفر والحضر والأسطورة والحقيقة والحب والعقل والجنون، وأشياء أخرى، تتيه وسط بحر من التساؤلات، مرة تريد أن تسرع لتعرف النهاية، وأخرى تتباطأ لعل مشقة السفر ومتعته خير من الوصول. الأسطورة الشخصية، إكسير الحياة، حجر الفلاسفة، حظ المبتدئ، ومفاهيم أخرى تستمتعون بها أثناء القراءة. 2- الجهاز المفاهيمي قلت فيما سبق إن هناك شبهاً بين الرواية والكتاب، وذلك من حيث طريقة عرض الأفكار، عند إكمالك للقراءة تخرج منها بجهاز مفاهيمي وظفه الكاتب المقتدر لبسط أفكاره وتقريبها من القارئ، "الأسطورة الشخصية - إكسير الحياة - حجر الفلاسفة - حظ المبتدئ - جزاء المقتحم"، هذه المفاهيم وغيرها تساعدك على لملمة الأفكار والحصول فيما يبدو على صورة متكاملة لهذا العمل الفذ. صحيح أن المفاهيم ليست كلها جديدة، ويمكن أن يكون القارئ سبق له أن صادفها في قراءاته، لكنها منتظمة الآن في جهاز مفاهيمي متسق. لعل الكاتب يقصد هذا، ما كان يتبقى لنا من قراءة الروايات سابقاً بالأساس الشخصية الأساسية (البطل) والشخصيات الثانوية، ثم الأحداث التي دارت هنا وهناك. هل يريد الكاتب أن ينقلنا من عالم الأشخاص وعالم الأحداث ليصل بنا إلى عالم الأفكار؟ هل يسعى إلى تنبيهنا إلى أن القراءة ليست متعة فكرية وروحية فقط، بل أكثر من ذلك، الرواية تخاطبك وتريد منك أن تخطو خطوة جديدة في مسارك الذي تعرفه جيداً، ولكنك لم تقُم بالخطوة اللازمة بعد. 3- الحكمة ضالة المؤمن الشخصيات: شخصيات الخيميائي بسيطة ومعقدة وأسطورية، وتتحاور بنفس اللغة والمستوى، منفتحة وواثقة وواقعية. نقلت لكم هذا المقتطف مما كتبته سابقاً عن الشخصيات، وأضيف إليها شيئاً آخر هو أن هذه الشخصيات تتميز بصفة مشتركة وعالية الجودة: لا تدعي امتلاك المعرفة أو الحقيقة رغم اختلافها بين راعٍ وملك وخيميائي وتاجر وقائد جنود ولص وقاص أثر وغيرهم، ومن ثم يطرح السؤال: إلى أين تتجه هذه الشخصيات؟ إنها ببساطة تعيش الحياة، والحياة سفر طويل واكتشاف متجدد للنفس والآخر، والشيء المبحوث عنه في اعتقادي، دون شك هو: الحكمة. * الساعة الأكثر ظلمة هي الساعة التي تسبق شروق الشمس. * إذا رغبت في شيء فإن العالم يطاوعك في تحقيق رغبتك. * إذا وعدت بشيء لا تملكه بعد، ستفقد الرغبة في الحصول عليه. * ما يحدث مرة لا يتكرر إطلاقاً، وما يحدث مرتين سيتكرر حتماً. * ثمة طريقة واحدة للمعرفة هي: العمل. لاحظتم معي من خلال هذه المقتطفات من "الخيميائي" أن الحكمة وتجلياتها متناثرة هنا وهناك؛ مما يجعلك مغرماً بها وتعيد قراءتها أكثر من مرة. إذا أردنا استنباط المفاهيم المكثفة في الحكم المذكورة سابقاً سنجد: الأمل - الإرادة - الواقعية - طبيعة الأشياء - الإنجاز، ربما هذه عناوين كبرى للمقولات الخمس. الحكمة ملح الحياة، وضالة المؤمن -والمؤمن شخص يملك بوصلة وخريطة وخطة- هي دعوة مفتوحة للعموم، وذكرى لمن تعب أو نسي، أن هناك ما يستحق أن نتعب من أجله، ونكد ونجد، البحث المستمر عن الحكمة ستصادف فيه -خلال سفرك المادي والوجودي- أقول: ستصادف الحب والكراهية، الأمل واليأس، النجاح والفشل، الذكاء والبلادة، ستلتقي الأصدقاء والأحباب والأعداء والخصوم، ستجد الآخرين جميعاً، ولكن السؤال الملغز المحير الأحجية هو: هل ستجد نفسك خلال هذا السفر المضني والممتع؟ الجواب عندي: ليس لدي جواب عن هذا السؤال صدقاً، على الأقل في الوقت الراهن. أتمنى أن أكون قد أقلقت راحتكم، وأزعجتكم، وأذهبت النوم عن جفونكم، الموضوع يستحق. شكراً للمتابعة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.