حوار:عبير أبو شمالة قال ديفيد بينكرتون، الرئيس التنفيذي للاستثمار لدى بنك فالكون الخاص، إن أسس اقتصاد الإمارات واقتصادات الشرق الأوسط لا تزال إيجابية وسليمة على الرغم من التراجع في أسعار النفط العالمية. وتوقع في حوار مع الخليج أن يحافظ الاقتصاد العالمي على مستويات نمو وتوسع مستمرة في المرحلة المقبلة، وإن بمستويات متواضعة نسبياً. وتحدث عن تأثيرات الانتخابات الأمريكية على اقتصاد الولايات المتحدة، وانعكاساتها على دول المنطقة قائلاً: إن التصويت لكلينتون إلى حد كبير سيكون تصويتاً للوضع الراهن، بينما سيمثل التصويت لترامب ما يشبه قرار الموافقة على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وأضاف قائلاً إن فوز ترامب سيكون له تأثير أكبر على التقلبات في أسواق رأس المال (تماماً كتأثير بريكسيت) لأنه يمثل حالة عدم وضوح وعدم يقين أعلى، لا سيما في الأسواق الدولية. ولفت إلى أن الأمر نفسه ينسحب على الإمارات ودول المنطقة، فالحال على الأرجح سيبقى على ما هو عليه في حال فازت كلينتون أما فوز ترامب يصعب التكهن بتبعاته. وفيما يلي نص الحوار: } ما هي توقعاتك الخاصة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي العالمي لبقية السنة؟ نتوقع توسعاً مستمراً في النمو الاقتصادي العالمي لكن بمستويات متواضعة نسبياً، إذ إن الولايات المتحدة باعتبارها تشكّل حالياً أكبر اقتصاد لا تزال تحقق نمواً إيجابياً في الناتج المحلي الإجمالي، لا سيما في قطاعات الخدمات الأساسية. وقد أظهر ثاني أكبر اقتصاد، الصين، المزيد من المرونة ونعتبر أنه سيتجنّب سيناريو العواقب الأسوأ. كما تشهد الاقتصادات الأوروبية أيضاً نمواً ولكن بسرعات مختلفة وغير مرضية تماماً، لكنها ما زالت مدعمة بالسياسة النقدية الميسرة للبنك المركزي الأوروبي. كما بدأت اقتصادات الأسواق الناشئة أيضاً بالعودة إلى معدلات أعلى للنمو مع تلاشي بعض الظروف المعاكسة السابقة مثل تراجع أسواق السلع. وعلاوة على ذلك، على الرغم من تبعات الدولار القوي المستمرة، إلا أن هناك انسحاباً نسبياً لضغوطات التراجع القاسية على بعض عملات الأسواق الناشئة. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن مرحلة الانخفاض الأسوأ للنفط قد انتهت في المنطقة، فقد كانت الانخفاضات الحادة التي شهدتها المنطقة بمثابة جرس إنذار للإنفاق الحكومي المعتمد فقط على النفط. وتواجه هذه الاقتصادات تخفيضات في الميزانية نتيجة لذلك. هذه اليوم هي اللهجة الحذرة لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط على الرغم من أن اتجاهات النمو على المدى الطويل لا تزال إيجابية وسليمة على مستوى الإمارات ودول المنطقة. وبصرف النظر عن أي اقتصاد، فمن المهم أن ندرك أن أوضاع أسواق الأسهم الأساسية هي مجرد انعكاس للاقتصاد، إلا إنه قد يكون في بعض الأحيان غير دقيق تماماً. إن ما يحرك أسواق الأسهم في واقع الأمر عوامل كثيرة، والاقتصاد يمثل مجرد عنصر واحد في هذه المشكلة متعددة الجوانب. حالة عدم وضوح } كيف ستؤثر الانتخابات الأمريكية على الاقتصادين الأمريكي والعالمي؟ سيكون تصور أثر انتخابات الرئاسة الأمريكية على المدى القريب أكثر أهمية من حقيقة أثرها. ولكن وكما نعلم جميعاً، تحرك التكهنات أسعار الأصول المالية ما يعني أننا قد نرى بعض التقلبات قبل الانتخابات وبعدها مباشرة. ومع ذلك تُعد المحركات المادية الأكثر للاقتصاد هي سياسات البنك المركزي والظروف الديمغرافية. سيمثل التصويت لكلينتون إلى حد كبير إجراء تصويتاً للوضع الراهن، بينما سيمثل التصويت لترامب نوعاً مكافئاً للتصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت) بنعم الذي حصل في المملكة المتحدة في يوليو/تموز الماضي. ويمثل كلاهما على حد سواء نوعاً من العداء للمؤسسة السياسية يعكس حالة الإحباط الذي يشعر به العديد من الناخبين على الرغم من رسالة أن كل شيء يبدو على ما يرام التي يعتمدها شاغل المنصب. وبرأينا قد يكون لفوز ترامب تأثير أكبر على التقلبات في أسواق رأس المال (تماماً كتأثير بريكسيت) لأنه يمثل حالة عدم وضوح وعدم يقين أعلى، لا سيما في الأسواق الدولية. إن ما تعلمناه من بريكسيت هو أن استطلاعات الرأي قد تكون مضللة، ومن غير الضروري الحصول على جميع المشاركين في العينة. إن ما نقدمه بشكل مميز للانتخابات الأمريكية مقابل الاستطلاعات الأخرى للرأي الشعبي هو أن يتم اختيار رئيس للولايات المتحدة بالأصوات الانتخابية، وهذه ليست محض مسابقة متعلقة بالشعبية. وفي هذا الصدد، تبدو كلينتون هي الفائزة على الأرجح (أي التصويت للبقاء). ولكن سنكون أول من يقر بأن الانتخابات الأمريكية لهذه السنة وكل ما يقود إليها هو حلم وكالة إعلامية سيتحقق: مخاطر عالية، رايات ملونة بين المرشحين وربما أشد حالات الإقبال على التصويت في التاريخ الحديث. } كيف ستتأثر دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط بالانتخابات الأمريكية؟ كما ذكرت سابقاً يمثل التصويت لكلينتون إلى حد كبير تصويتاً للوضع الراهن أو امتداداً لنظام أوباما في رأينا. ومن المحتمل على الأغلب استمرار المحاذاة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تحت إدارة كلينتون. وكما نعلم كانت ثورة البترول في الولايات المتحدة في جزء منها حافزاً مكّن الولايات المتحدة من تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة واعتبرت مسؤولة عن الانخفاض الكبير الذي شهدناه في أسعار الطاقة على مدى ال 24 شهراً الماضية، وتمثل هذا التطور الاقتصادي في صلب العديد من التغييرات في اختلال موازين القوى الجيوسياسية الحالية. من جهة أخرى يُعدّ التصويت لترامب أو أي مرشح آخر غير كلينتون أمراً غير معروف النتائج؛ مع حالات عدم يقين أعلى معظمها على الصعيد الدولي، ولكن أيضا على الصعيد المحلي. ونرى أن أسواق الأسهم بدأت بالفعل بالتكيّف، بالتراجع، لتعكس حالة الغموض هذه في قيادة الولايات المتحدة. الأسواق الناشئة } برأيك أين ينبغي على الناس الاستثمار في الأشهر المقبلة سواء على مستوى القطاعات أو على الصعيد الجغرافي؟ كما ترين فإن أسواق الرساميل العالمية تواجه ضغوطاً على مستوى العديد من النواحي في الوقت الراهن. وهو ما يعكس وجود تأثيرات مترسبة من سنوات قامت خلالها البنوك المركزية العالمية بخلق الثروات. وتُعد أسعار السندات في جميع أنحاء العالم مرتفعة لدرجة أن نسبة متزايدة من السندات التي تراعي مسألة السلامة تقدم 0% فائدة أو حتى في بعض الحالات تقدّم أسعار فائدة سلبية. وقد بات من الواضح جداً أن هذه الأدوات التقليدية للسلامة قد لا تكون آمنة على الإطلاق. وهناك بعض المخاطر من تراجع الأسعار. وقد ساهمت أسعار السندات العالية أيضاً في رفع أسعار الأسهم والعقارات. وعلى مدى الأشهر ال18 الماضية، تصرفت الأسهم بتقلبات مبالغ فيها في معظم أسواق الأسهم ولكنها انتقلت تدريجياً لتصبح أكثر استقراراً. وقد حصل هذا دون توسع في الأرباح من سنة إلى أخرى، مما يعني بشكل عام أن الأسهم قد ارتفعت بسبب حدوث توسع متعدد. بشكل عام قد تكون أسواق الأسهم رخيصة وتصبح أرخص أو تكون مكلفة وتصبح أكثر تكلفةً. ونحن حذرون من البدء في التوصية بالشراء في أسواق الأسهم المتقدمة بغض النظر عن القطاعات بسبب الشروط المذكورة أعلاه إلا أنني في الوقت نفسه أميل إلى البدء في التوصية بالشراء على أسهم العديد من الأسواق الناشئة. وبقدر ما تكون القطاعات معنية تقوم كلها تقريباً بالتداول عند الحدود القصوى للتقييمات بحيث يكون من الصعب تقديم حجج مقنعة على الجانب البعيد. وهناك المزيد من الفرص من وجهة النظر التصاعدية في الشركات الأصغر حجماً التي تراجعت مادياً في الأسعار خلال الأشهر ال18 الماضية ولكنها لم تتعاف كثيراً. النفط والذهب ردا على سؤال حول توقعاته المتعلقة بالنفط والذهب قال ديفيد بينكرتون: تميل توقعاتنا إلى الحياد عندما يتعلق الأمر بالنفط، بمعنى أننا نعتقد أنه من المرجح أن يتم تداوله ضمن نطاق زائد أو ناقص 5%. وتوجد أحداث مهمة يحتمل وقوعها في المرحلة القادمة قد ترفع أو تفاجأ بنمو أو تراجع خارج هذا النطاق بطبيعة الحال ولكن خط أساس افتراضنا هو التزامه بهذا النطاق. أما فيما يتعلق بالذهب فنحن نميل إلى التفاؤل، ولكن ينبغي تفسير هذا الأمر، إذ نرى أن الذهب سيستفيد إذا تباطأت سرعة نمو الاقتصادات. ويتوقع أن تفقد السياسات النقدية التوسعية للمصرف المركزي فاعليتها وكفاءتها في حفز نمو الناتج المحلي الإجمالي. وتُعدّ اليابان، مع جهودها المتكررة، والفاشلة، الرامية إلى رفع معدل التضخم المحلي نموذجاً على هذه الحالة؛ إذ كررت هذا الجهد الكمي المخفف مراراً وتكراراً ولكن النتيجة كانت ضعيفة. بطريقة مماثلة لتأثير الضغط على دواسة بنزين سيارة متوقفة. إذ أنها لن تتحرك بمجرد ضخ المزيد من البنزين. وبناءً على ذلك، يمثل الذهب نوعاً من الرهان ضد البنوك المركزية في العالم، كما أنه رهان على احتمالية متزايدة لضعف النظم العالمية. ولا يتوقع البنك ضعفاً منهجياً عالمياً بحد ذاته، إلا أننا نعتقد أن الذهب كفئة أصول يمثل بوليصة تأمين سوف تدفع فقط عند فشل أية أدوات مالية أخرى.لقد عانى سوق الذهب الصاعد من الركود في عام 2013 عندما بدأت معظم الأموال بالانتقال إلى سوق الأسهم. أما الآن ومع ركود سوق الأسهم قليلاً، يعتبر بعض المستثمرين هذا إشارة لنقل التعرض للذهب كتحوط فعال ضد المخاطر المحتملة في المرحلة القادمة. أسعار الفائدة حول احتمالات قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة قبل نهاية العام قال ديفيد بينكرتون: كنا محقين بتوقع أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة في الفترة من يونيو/حزيران قبل تصويت البريكسيت. وباللجوء إلى المنطق نفسه توقعنا أيضاً أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يكون جريئاً بما يكفي لرفع الأسعار قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقد أجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي محادثات بشأن رفع الأسعار لعدة أسباب: أحد الأسباب لسد النقص الحاصل في معدل القطع المحتمل كأداة للسياسة العامة لاستخدامها في المستقبل إذا كان من الضروري أن يوفر حافزاً وكان السبب الثاني لتعزيز الثقة. وهذا يتطلب تفسيراً صغيراً مفاده أن مبرر وجود مصرف مركزي هو تعزيز الثقة: الثقة في العملات، و في الاقتصاد وفي أسواق رأس المال. وهي تعزز هذه الثقة بأفعالها وبياناتها. فعلى سبيل المثال في الجانب الأوروبي كانت العبارة التي استعارها البنك المركزي الأوروبي بشكل متكرر من بنك الاحتياطي الفيدرالي: لا تقلق سيفعل (السيد السوق) كل ما يتطلبه الأمر. وبالتالي في سوق ضعيفة، سيتدخل البنك المركزي شفهياً لكن في كثير من الأحيان يكون هذا التدخل الشفهي هو كل ما ينبغي القيام به فعلياً. وتتفاعل الأسواق مع المهمة وتقوم بها لصالحها بالنيابة عن البنك المركزي. وتنتقل الثقة من البيان الصادر عن المصرف المركزي إلى السوق نفسها. وحالياً، يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي في الواقع بالشيء نفسه ولكن في نقطة مختلفة في الدورة، من خلال إفادة السوق مراراً وتكراراً بأنه يعتزم رفع أسعار الفائدة، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي يعني ببساطة أن الاقتصاد الأمريكي برأيهم، قوي بما يكفي لتبرير ارتفاع في أسعار الفائدة. ومرة أخرى، يمثل هذا انتقالا واضحا وبسيطا للثقة. ومن ثم يقوم السوق،إن كان يشتري رسالة الثقة هذه، بإعادة تعيين أسعار الفائدة ثم يرفعها قليلاً تحسباً. وعن تاثيرارتفاع سعر الفائدة على اقتصادات الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط قال بينكرتون:تعد الاقتصادات المحلية في الواقع مقترنة مع الولايات المتحدة عن طريق ربط العملات بالدولار الأمريكي من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب أهمية التجارة بين هذه الكتل الاقتصادية. ومن الواضح أن رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة سيرفع قيمة الدولار والعملات المرتبطة به. وستسهم قوة العملات المحلية، ومن بينها الدرهم، في خفض تكلفة الواردات إلا أنها ستضر الصادرات بجعلها أكثر تكلفة للأسواق غير المرتبطة بالدولار الأمريكي.