عمار سعداني سياسي جزائري ترأس الأمانة العامة للحزب السياسي الأول بالبلاد جبهة التحرير الوطني"الأفلان"، ويعدّ من أبرز رجال العمل السياسي في الجزائر، وأكثرهم إثارة للجدل وجرأة على "الطابوهات" السياسية. المولد والنشأة ولد عمار سعداني في 17 أبريل/نيسان 1950 في تونس، لعائلة جزائرية تنحدر من ولاية الوادي (جنوب شرق الجزائر). الدراسة والتكوين حصل عمار سعداني على الثانوية العامة شعبة آداب، وليسانس في العلوم السياسية، ويحرص مؤيدوه على تقديمه"بالأخ المناضل". الوظائف والمسؤوليات تولى عمار سعداني عدة وظائف ومسؤوليات؛ فقد كان نقابيا لأكثر من ربع قرن، واشتغل بشركة نفطال (إحدى فروع شركة المحروقات العملاقة سوناطراك)، ونال عضوية المجلس الوطني لاتحادية البترول والمناجم لمدة 26 سنة. وبحكم أنه من قدامى قيادات المركزية النقابية، فقد تولى الأمانة العامة للاتحاد الولائي للعمال، وعضوية بالمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي. التجربة السياسية وكغيره من أبناء مجاهدين كثر، انخرط سعداني في حزب جبهة التحرير الوطني، حتى صار عضوا باللجنة المركزية للحزب، ونائبا بالمجلس الشعبي الوطني (البرلمان) في انتخابات 1997، ثم في 2002. في 2004، ترأس سعداني البرلمان الجزائري حتى عام 2007، وهو تاريخ انسحابه من الحياة السياسية، بسبب ما قيل إنها فترة علاج ونقاهة خضع لها. خلال كل تلك الفترة عرف عن سعداني هدوؤه في معالجة التحديات السياسية التي واجهته، وهي سمة شهد له الكثير ممن تعاملوا معه. بل اتهم في قضية فساد في قطاع الفلاحة بملايين الدولارات، إلا أنه تعامل معها بما وصف "ببرودة، وتجاهل". في بداية عام 2013، عاد سعداني للبروز في الواجهة السياسية للبلاد عبر تصريحات نارية طالت الأمين العام السابق للحزب عبد العزيز بلخادم، ثم رئيس جهاز المخابرات المقال الفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق. وفي صيف ذلك العام، انتخب سعداني أمينا عاما للحزب برفع الأيدي خلال أشغال الدورة السادسة للجنة المركزية للحزب. سعداني كان أحدث "بدعة سياسية" في تلك المرحلة، حيث كان أول من تجرأ على انتقاد المخابرات وقائدها، وكان السياسيون والإعلاميون يخشون حتى ذكر اسمه. اتهم سعداني الجنرال توفيق بالفشل في حماية أمن البلاد في هجوم تيقنتورين، ومحاولة اغتيال الرئيس بوتفليقة بباتنة، وقضية رهبان تيبحيرين، ومقتل الرئيس محمد بوضياف، وطالبه بالاستقالة. القوة التي كان يتحدث بها سعداني تجاه الجهاز، جعلت الكثيرين يعزونه إلى قربه من شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، وبالتالي من الرئيس بوتفليقة نفسه. لكن مصادر أخرى تعتقد بأن الجهة التي يتحالف معها سعداني منذ عودته هي قطب آخر في النظام، استغل أحداثا منذ مرض الرئيس بوتفليقة في إعادة ترتيب "البيت" بهدوء، وإن كان سعداني في كل ظهور إعلامي يجدد ولاءه للرئيس نفسه. وبخصوص الأوضاع السياسية في المنطقة، تميز سعداني بتصريحاته المثيرة، حيث أكد -على سبيل المثال- في نهاية مايو/أيار 2016 -بحسب ما نقلته وسائل إعلام جزائرية- أن الجزائر مستهدفة "بثورات الربيع العربي"، موضحا أن هذا الاستهداف سببه أنها "البلد الوحيد الذي يرفض التطبيع مع الصهاينة"، وذكر في التصريح نفسه أن "الجزائر مستهدفة لأن لها مقومات قيادة المغرب العربي والمنطقة العربية ككل". وفي لقاء تلفزيوني في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فاجأ سعداني المتتبعين برفضه إصدار تصريح بخصوص قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، وقال "قضية الصحراء الغربية عندي فيها ما أقول، ولا بد أن نصارح فيها الشعب الجزائري، وبالتالي سيأتي يوم أتكلم فيها"، مضيفا "لو تحدث عن القضية الصحراوية سيخرج الناس إلى الشارع". وأثار هذا التصريح قلق الطبقة السياسية والعسكرية في الجزائر، وبادر الرئيس بوتفليقة باستقبال رئيس الجبهة الراحل محمد عبد العزيز، وهو ما عُدّ حسما للجدل الذي أثارته تصريحات سعداني، وتأكيدا لدعم "الجزائر اللامشروط لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، وفق ما نقلته تقارير إعلامية جزائرية حول استقبال بوتفليقة لمحمد عبد العزيز. في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قدم سعداني استقالته من منصبه كأمين عام لـ"جبهة التحرير الوطني" لأسباب "صحية". وجاءت استقالته حلال اجتماع للجنة المركزية وهي أعلى هيئة قيادية في الحزب، وخلالها انتخب وزير الصحة السابق جمال ولد عباس خليفه له. وقبل أسبوعين من استقالته،أثار سعداني جدلا سياسيا في الجزائر بعد تصريحات قوية في حق عدد من الشخصيات البارزة، فقدهاجم الجنرال توفيق البعيد عن الساحة السياسية، واتهمه بالتآمر على استقرار البلاد وعلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كما وصفه بأنه "رأس حربة ضباط فرنسا بالجزائر". واتهم عبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة الأسبق بأنه من "مناضلي فرنسا"، كماشملت انتقاداته كلا من رئيس حزب الطلائع -قيد الإنشاء-علي بنفليس، وزعيمة الحزب العمالي لويزة حنون.