كشفت صحفة "إيزفيستيا" أن مالي طلبت من روسيا تقديم مساعدة عسكرية-تقنية لها في الحرب ضد المتطرفين الإسلامويين في شمال البلاد، وأن الحكومة الروسية وافقت على ذلك. جاء في المقال: ذكر مصدر مقرب من الأوساط العسكرية-الدبلوماسية لصحيفة "إيزفيستيا" أن حكومة مالي وجهت رسالة إلى الحكومة الروسية تضمنت قوائم بالمعدات والأسلحة التي ترغب في الحصول عليها كمساعدة من موسكو، والتي تضمنت مدرعات خفيفة: ناقلات مدرعة، مركبات مشاة قتالية، وكذلك الأسلحة الخفيفة، بما في ذلك المدافع الرشاشة والقنابل اليدوية. وأكد المصدر أن الحكومة الروسية وافقت مبدئيا على طلب حكومة مالي، وتجري الآن دراسة أنواع الأسلحة وكمياتها، التي يمكن منحها لسلطات مالي من احتياطي وزارة الدفاع الروسية. وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة السياسية-الداخلية تفاقمت في عام 2011 في مالي، وذلك على خلفية الحرب الأهلية في ليبيا المجاورة. وقد نجم عن ذلك أن المتطرفين-الإسلامويين قد أحكموا سيطرتهم على شمال مالي، التي كانت على وشك الانهيار الكامل، لو لم تتدخل هيئة الأمم المتحدة ومستعمِرتها السابقة - فرنسا في حينه. ولكن الوضع في مالي بقي حتى يومنا هذا بعيدا جدا عن الاستقرار. من الجدير بالملاحظة أن سكان هذا البلد الإفريقي، غير الراضين عن أداء القوات الدولية دورها "المتقاعس"، بادروا بأنفسهم إلى جمع مليوني توقيع في عريضة أرسلوها إلى روسيا والرئيس بوتين شخصيا يرجونه التدخل في الوضع، للمساعدة في حل الأزمة التي تعصف ببلادهم منذ سنوات. أما ردة فعل موسكو على هذا النداء فكانت فورية. فقد صرح الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف يوم (12/10/2016) أثناء زيارته إلى باماكو، عاصمة مالي، بأن روسيا مستعدة لتزويد سلطات مالي بالسلاح من أجل مكافحة الإرهاب. سفير روسيا السابق لدى مالي، رئيس مركز دراسات العلاقات الروسية-الإفريقية يفغيني كوريندياسوف قال لصحيفة "إيزفيستيا" إن طلب المساعدة من باماكو مفهوم تماما، بسبب أن التعاون العسكري-التقني بين روسيا ومالي له تقاليده القديمة. وأضاف أن "هذا التعاون أخذ بالتطور منذ بداية ستينيات القرن الماضي، وبنتيجة ذلك أنه حتى 80% من تسليح جش مالي مصدره روسي أو سوفياتي، إضافة إلى أن عددا كبيرا من ضباط جيش مالي هم من خريجي الدورات العسكرية السوفياتية". كما أكد الدبلوماسي أن هذا التعاون العسكري الروسي بين الدولتين لم يتوقف حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. بل إنه يوجد اتفاق مشترك بين الدولتين لمكافحة الإرهاب، وإن روسيا منذ بداية الأزمة قدمت لمالي معونة عسكرية بقيمة 30 مليون دولار، كما رتبت عملية شحنها وتسليمها. وأشار الدبلوماسي السابق إلى أن هناك عدة أسباب ترجح ضرورة تقديم العون العسكري لحكومة مالي منها: أهمية منطقة الساحل الفائقة، والتي تعدُّ واحدة من أهم مراكز التهديد الإرهابي، حيث يوجد هناك أكثر من 50 فصيلا إرهابيا. وكذلك، "نحن ندافع عن مصالحنا الاقتصادية، لأن عدم الاستقرار في مالي يمكن أن يهدد أمن دول الجوار، التي يوجد لنا فيها مشروعات واستثمارات كبيرة". وخلص السفير السابق إلى القول: إن روسيا تحاول الآن العودة بالكامل إلى إفريقيا، وإن تقديم الدعم للحكومة الشرعية في مالي، هو خطوة ذات أهمية بالغة. أما رئيس تحرير مجلة "إكسبورت فوروجينيه" أندريه فرولوف، فأكد أن روسيا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع تأمين العون العسكري الفوري لحكومة مالي. ولفت إلى أن الفرنسيين لا يملكون الاحتياطي الذي نملكه نحن، وأن عسكريي مالي يفضلون أسلحتنا المعروفة لهم. وأضاف فرولوف أن العملية سوف تكلفنا عدة عشرات من ملايين الدولارات، ولكن سوف تكون لها أصداء إيجابية كبيرة.