رغم تشكيك كثيرين في كفاءته، فقد ترك جوزيه مورينهو خلفه ميراثًا باقيًا تمثل في بلاطه الملكي الذي صنعه خلال فترة وجوده الأولى بنادي تشيلسي، التي لم يستطع النادي التفريط فيه. فلنتذكر عبارة مورينهو التي أشار فيها في موسم 2012 - 2013 إلى فريق تشيلسي، قائلاً: «هؤلاء لاعبيَّ أنا»، وقد كانوا كذلك بالفعل إلى حد كبير. فرغم تنوع المدربين الذي تناوبوا على النادي مثل الإيطالي كارلو أنشيلوتي والبرتغالي أندريه فيلاس بواس، فإن أيا منهم لم يستطع أن يمحو بصمة مورينهو. فمن المفارقات أنه خلال العشر سنوات الأولى لملكية رومان أبراموفيتش لنادي تشيلسي ساءت العلاقة بينه وبين مورينهو بسبب إقدام أبراموفيتش على شراء لاعبين لا يناسب أداءهم أسلوب مورينهو، لكن بعد رحيل مورينهو اعتمد أبراموفيتش على معادلة موربينهو نفسها. فقد جاءت انتصارات تشيلسي في بطولة كأس أبطال أوروبا عام 2012 أمام أندية مثل برشلونة وبايرن ميونيخ، فمن وجهة نظر فنية، تلك الفرق تحاكي نهج مورينهو نفسه. وعندما بدا رفاييل بينيتيز وكأنه يكسر التعويذة السحرية بعدما أنهى مرحلة الاعتماد على الحرس القديم، عاد مورينهو إلى تشيلسي مجددًا. بدا الأمر كما لو أن «هيثكليف عاد ليحكم سيطرته على مرتفعات ويذرنغ» كما في الرواية الشهيرة للكاتبة إيملي برونتي. فقد كان للرواية اتجاهان أحدهما صاعد والآخر منحدر مدمر. ربما لم يكن لمورينهو تأثير قوي في الفترة الثانية التي تولى فيها تدريب تشيلسي، رغم الهجوم الذي شنته جماهير تشيلسي على «الجرذان» الذي خانوا مورينهو، وهتفوا باسمه بعد الموسم الماضي المخيب للآمال. لذلك فمن المتوقع أن يجد مورينهو استقبالاً حارًا أثناء زيارته لملعب تشيلسي اليوم لكن كمدرب لنادي مانشتستر يونايتد. وربما أن رد الفعل لسلوك الجماهير في المحاولة الثانية سوف يحبط أي حماس لتكرار السلوك نفسه لمرة ثالثة، وربما أن رؤية مورينهو متأبطًا ذراع نادٍ آخر من أندية الدوري الممتاز سوف يصيبهم بالفتور. وإذا اتضح أن تأثير مورينهو قد تضاءل هذه المرة، فستكون المهمة الأولى للمدرب الحالي أنطونيو كونتي هي دفع النادي للأمام، سواء اللاعبين أو المديرين أو المشجعين، لكي يتأكد من ثقتهم فيه وليبعد عن عقلهم فكرة الاستمرار في السير على نهج المدرب السابق. من المفترض أن يكون تحقيق ذلك سهلاً، ليس فقط لأن كونتي يمتلك طاقة لا نهائية وكاريزما فعالة، لكن لأن تلك المجموعة من اللاعبين ليس لديها العاطفة الجياشة ذاتها تجاه مورينهو التي امتلكها لاعبون مثل فرانك ليمبارد، وبيتر تشيك، ومايكل بالاك وديديه دروغبا، وحتى علاقة قائد الفريق تيري هنري بمورينهو فترت قبيل رحيل مورينهو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. فالآن بات من غير المرجح أن يجد كونتي أيًا من لاعبيه الحاليين على اتصال منتظم مع مدربهم السابق. لكن في المستويات الأعلى، فالمشكلة لا تزال باقية، فربما أن آخر ما فعله مورينهو هو أنه اشتكى من تعاقدات النادي، وكان من الواضح أنه كان يتحدث عن اللحظات التي عاتب فيها نفسه بعد الهزيمة أمام ساوثهامبتون، لكن لا يزال فريقه هو نفسه الموجود الآن. فاللاعبون الذين ورثهم كونتي قد جرى تجميعهم كي يلعبوا إما بطريقة 3 - 3 - 4 أو 1 - 3 - 2 - 4 مع بقاء المدافعين الأربعة في العمق. فالمحاولات السابقة لتطبيق طريقة «خط الدفاع المتقدم»، التي كان أبرزها في ظل المدرب فيلاس بواس، تعثرت جميعها، وأغلبها كان بسبب تيري. فأداؤه في المباراة التي شهدت هزيمة الفريق بنتيجة 3 - 5 على ملعبهم أمام الآرسنال في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 كانت مثالاً يمكن تدريسه في خطورة أن تطلب من مدافع ينقصه السرعة ويتصف بالبطء العدو في أرجاء الملعب. ومع ذلك لا يزال تيري بالفريق، ويعتبر أفضل مدافعي تشيلسي. في الحقيقة، وفي عالم بات فيه المدافعون الصريحون ندرة، لا يزال تيري يؤدي في الملعب بعد أن بلغ عمره الخامسة والثلاثين، ولا يزال أفضل قلب دفاع في الدوري العام. المشكلة هي أن كونتي، سواء في أندية سيينا أو يوفنتوس، أو في المنتخب الإيطالي، كان دائما يفضل أسلوب «خط الدفاع المتقدم»، وكان هذا سببًا في أن يجعل قرار تمديد عقد تيري لمدة عام قرارًا مثيرًا للاستغراب. فقد بدأ كونتي الموسم محاولاً إمساك العصا من المنتصف عن طريق اتباع طريقة اللعب 1 - 3 - 2 - 4 التي ورثها. فالمباراة التي جرت في الأسبوع الأول للدوري أمام وستهام لم تشهد سوى تغيير واحد عن الفريق الذي لعب به مورينهو أمام سوانزي في الأسبوع الافتتاحي الموسم الماضي. لكن بعد الهزيمة أمام ليفربول والآرسنال والفوز الباهت في مباراة الكأس أمام ليستر، قرر المدرب العودة للطريقة التي يجيدها. ومع إصابة تيري، قرر المدرب العودة لطريقة اللعب بثلاثة مدافعين بإشراك فيكتور موسيس، وماركوس ألونسو كظهيرين مهاجمين. في الحقيقة، وفق هذه الطريقة، فإنه من غير الواضح ما إذا كان لا يزال هناك مجال لإشراك تيري، الذي كان قد صرح بعد هزيمة المنتخب الإنجليزي أمام كرواتيا بنتيجة 2 - صفر عام 2006 بكراهيته لطريقة اللعب بثلاثة مدافعين التي طبقها ستيف ماكلارين بشكل خاطئ في تلك الليلة. لكن من الواضح أن أداء تشيلسي قد تحسن بدرجة كبيرة، رغم أن هذا لم يظهر سوى في الفوزين اللذين تحققا أمام فريقي هال سيتي وليستر سيتي. ففريق تشيلسي في هيئته الجديدة بثلاثة مدافعين يبدو وكأنه لجأ إلى حل مؤقت وكأن كونتي استخدم قطعًا من القماش غير المتناسق لرتق رقع فريقه. لكن إن تحسن الأداء أمام فريق مانشستر يونايتد، فقد يتغير هذا المفهوم. على أي حال، بعدما نفذ كونتي التغيير بدا، وكأن الوضع في تحسن، وهذا في حد ذاته ضروري لكي يبرهن المدرب على أنه له بصمته الخاصة في النادي. وفي هذا الحالة، من المفترض أن تسير التعاقدات الجديدة وفق رؤيته. بالطبع، قد يكون هناك أساليب أفضل بالنسبة لكونتي لإثبات ذاته غير هزيمة سلفه اليوم، خصوصًا لو نجح في ذلك بفريق يعتمد على أسلوبه الخاص. وقال كونتي إن تيري قائد الفريق تعافى من إصابة في كاحله وبات جاهزًا للمشاركة أمام مانشستر يونايتد بالدوري الإنجليزي الممتاز اليوم. ولم يتدرب تيري - الذي أصيب في وقت مبكر من الشهر الماضي - الخميس بعد تفاقم الإصابة لكن كونتي قال إن المدافع المخضرم سيكون جاهزًا لمواجهة فريق مدربه السابق مورينهو. وقال كونتي: «جون بحالة جيدة. تدرب مع الفريق (اليوم). مشكلته مع الكاحل انتهت وبات جاهزا للمباراة»، وغاب تيري عن المباريات لخمسة أسابيع بعد إصابته في مباراة سوانزي سيتي، ورغم ذلك كان بديلاً في الفوز على ليستر سيتي 3 - صفر السبت الماضي. وتضيف عودة مورينهو إلى ستامفورد بريدج، بعد ما يقرب من عام على إقالته للمرة الثانية بعد بداية مروعة لحملة تشيلسي للدفاع عن لقبه المزيد من الإثارة على المباراة. وفاز مورينهو - أكثر مدربي تشيلسي نجاحا - بثلاثة ألقاب للدوري خلال فترتين تولى خلالهما تدريب الفريق لكن كونتي يريد أن يبدأ تاريخا مع النادي اللندني، ويأمل في أن تكون عودة مورينيو لستامفورد بريدج غير سعيدة. وأضاف المدرب الإيطالي: «أريد أن أرى تطورًا يوم الأحد مقارنة بمواجهتي ليفربول وآرسنال، وأثق في حدوث ذلك. ستكون مباراة خططية لكن الجماهير سيكون لها دور كبير وستمثل أفضلية لنا. احترم مورينهو بشدة. يستحق استقبالاً جيدًا. كان شخصًا مهمًا لتشيلسي وكتب جزءًا من تاريخ النادي». ولا شك أنه سيظل لمورينهو مكانة خاصة في قلوب جماهير تشيلسي الوفية لكن فريقه السابق سيسعى لإفشال مهمته، عندما يعود إلى ملعب ستامفورد بريدج كمدرب لمانشستر يونايتد في لقاء الفريقين اليوم. وقبل يومين من إقالته في ديسمبر الماضي تحدث مورينهو عن «خيانة» بعض اللاعبين لجهوده التي قادت تشيلسي للقب في الموسم قبل الماضي. ووجهت أصابع الاتهام إلى دييغو كوستا وآخرين، ولعب تراجع مستوى المهاجم الإسباني دورًا في الخروج المرير للمدرب البرتغالي من النادي اللندني. وبدأ كوستا هذا الموسم بالشكل ذاته الذي جعل مورينهو يضمه من أتلتيكو مدريد مسجلا سبعة أهداف في ثماني مباريات في الدوري، ويتوقع أن يستمتع بالأجواء المشحونة المحتملة اليوم. ولم تكن زيارة يونايتد إلى ستامفورد بريدج في ظروف أسوأ من الوقت الحالي، حيث حقق الفريق فوزا وحيدا في آخر خمس مباريات في الدوري لتتوقف البداية الواعدة لفترة مورينهو. وهذه ليست المرة الأولى لمورينهو الذي حصد لقب الدوري مرتين مع تشيلسي قبل إقالته في 2007 التي يجلس فيها على مقاعد الفريق المنافس في ستامفورد بريدج. فقد سبق له وقاد إنترميلان 1 - صفر على تشيلسي بقيادة كارلو أنشيلوتي في 2010 في طريقه نحو حصد لقب دوري أبطال أوروبا.