ماذا نقول حين نسأل من هو «عبدالكريم الجهيمان» الذي خصصت له القناة الثقافية وسمًا في موقع التواصل «تويتر»، ليبقى حيًا بعد موته، وليعرف الجميع مدى ماأسداه من فضل على الوطن؟!. نقول بثقة: هو من دعا لتحرير المرأة من براثن الجهل، وأخرجها من الظلام إلى النور بدعوته لتعليمها أسوة بالرجل، وإزاء هذا لقي مالقي- رحمه الله- من عقوبة وصلت لسجن حريته ستة أشهر في زنزانة لو أنكرها ما أنكرته. هذا الجواب هو باب الولوج للسؤال التالي: هل الدين الذي بنت عليه البلاد أركانها، وازدهرت فيه المحاضرات الوعظية، ودور تحفيظ القرآن، وطاف مشايخها الأرض لنشره حرم تعليم المرأة؟. الجواب لا ماجاء بهذا، إنما طغت العادات وكشرت عن أنيابها التقاليد وغضّت الطرف عن تعاليم الدين، فاختلط الدين بالتقليد، وأهمل أهل العلم الديني في ذاك الوقت أفق الإسلام ودعوته للتفكير والتدبر للنهوض بالمجتمع، وظن الظان أن هذا ماجاء به الإسلام فتقيد المجتمع المسلم بأفكار عن المرأة سيئة، صورت له أن المرأة إذا تعلمت تمردت على المجتمع والدين، وخروجها من المنزل للعلم سيكون أول خطوات الرذيلة. هذه الفكرة ظلت تكبر في عقل المجتمع حتى سدت منافذ التفكير في أهمية تعليم المرأة، ونهوضها لتكون أقدر على مواجهة الحياة والوقوف أمام تحدياتها، فتعليمها ينهض بالمجتمع كله لأنها هي من تربي ثم تعلم، وحجة التمرد والنفور على المجتمع حجة العاجز الذي امتلأ فكره بالسوء فأملى عليه فعله الخبيث بوضع المرأة في دائرة الشك والفجور، والمرأة كائن بشري لها ماعلى الرجل فهي شقيقته، وتدخل معه في نفس ميزان التقييم عند الله أجرًا أو عقوبة، ثم إن المرأة الراغبة في الفجور والتمرد لن تنتظر فرصة تعليمها، ولا وقتا مناسبا للخروج من المنزل لأنها إذا أرادت ستصنع هذه الفرص وستحدد الوقت وستخرج للغاية التي تريد. السؤال الأخير الذي يُعنى بالمستقبل، والذي يجب أن يكون في جوابه دافع للتأمل وأمل في الحلول: هل مازال المجتمع يحمل إرثًا من العادات تكبّل المرأة، لم يقف أمام حلها أولو العلم، و ينوء بأهل التقدم حمله، الجواب المقيد بكل أسف نعم، نحن كمجتمع مسلم في عجز لم يمكننا من تطبيق المبدأ الذي نحفظه عن ظهر غيب « الدين صالح لكل زمان ومكان»، لهذا مازالت تعاني المرأة من العضل العنف، التسلط على شعورها وإرغامها بترك زوجها بحكم قضت به المحكمة بعذر عدم تكافؤ النسب تاركة بيتها وأطفالها للضياع، وهي لا تستطيع إجراء عملية استئصال لورم خبيث إلا بموافقة وليها، وبغير هذا لا مانع من موتها، كذلك الدراسة والعمل، ووليها إذا لم يكن أبوها أو أخوها فلا بأس أن يكون ولدها الذي أنجبته وبقيت ترعاه، ولا زالت تراه ذاك الرضيع الذي يحتاج للعناية!. وبين هذه العجائب وتشعب تلك التناقضات نترحم على عبدالكريم الجهيمان ونتطلّع لغد أفضل ورأي فقهي متقدّم.