سؤال منطقي وطبعي وغالباً ما يمر على كل منا ولكن بصيغ مختلفة وعبارات مبسطة، ترى ما الذي حدد معالم مستقبلك، وكيف استطعت أن ترسم خطوات طريقك الذي تسير فيه رغبة منك بتحقيق أمنيتك التي اعتبرتها هدفك الأسمى في هذه الحياة، ومن هم أولئك الأشخاص الذين شاركوك في صياغة رؤيتك الاستشرافية هذه، هل تصورت حجم التحديات والعقبات التي قد تواجهك وأنت تشق طريقك نحو القمة، وهل وضعت في ذهنك خططاً بديلة تلجأ إليها حين تعجز في الاستمرار بخطتك الأساس، وقبل هذا وذاك هل عرفت قُدراتك ونميت مهاراتك وعززت معارفك حتى تتمكن من المضي قدماً في شق طريقك للنجاح بمشوار الحياة الطويل والشاق، ليس هذا فحسب إذ إن من الأسئلة الهامة في هذا ونحن نتحدث عن أمر أساس في حياة كل منا، ترى هل استطاعت أن تختار الأصدقاء الذين ينيرون لك منعطفات الطريق ويساعدونك في صعود المرتفعات، ويمسكون بك ويحيطونك بالرعاية والاهتمام لحظة النزول في المهاوي والمنحدرات، يقفون بجانبك حين وقوع الأقدار ونزول الملمات، يشاركونك نفس الهموم ويرفعون عندك الرغبة الدائمة بمواصلة المسير في سلم الرقي إلى القمة التي ترقبها من بعيد وتتطلع الوصول إليها والتربع على كرسيها يوماً ما، أكثر من هذا وذاك هل قراءة في قصص أولئك الذين كان لهم في حياتهم مع النجاح موعد.. هل استطعت أن تجد القواسم المشتركة التي تجمعك بهم، لا تقول هم غيري وعاشوا في زمن وظرف ومكان يختلف عّما يحيط بي من مؤثرات، فهم كما أنت، بل ربما كانت ظروفك التي تعيشها اليوم أفضل بكثير من ظروف معيشتهم حين كانوا يمضون بكل شجاعة وإقدام رغبة منهم لدخول نادي الكبار أصحاب الابتكارات والإبداعات والمخترعات حتى صاروا عناوين عالمية يضرب فيها المثل بالمثابرة والإصرار والصبر من أجل التفوق والنجاح. إنني أحذرك بني من التسويف والإهمال، أحذرك أن تجر لمعارك جانبية وتُسحب بطريقة أو بأخرى إلى الخلف فيضيع عمرك وتمضي أيامك سريعاً وأنت في الحفر، وقد فقدت إشارة بوصلتك التي تحدد لك وجهتك في الحياة، أحذرك من المقارنات الخاطئة مع من حولك ممن لا يملكون أساساً بوصلة تحدد لهم نقطة البداية وإمكان التوقف من أجل التزود بالوقود ومادته ومقدار قوته منذ عرفوا الدنيا وحتى تاريخه، أحذرك أن يعجبك ربيع عمرك فينسيك زهوه واخضرار أرضه خريف أيامك وشتاء غدك، أحذرك أن يطغى الترفيه والضحك على مساحة الجد والمثابرة والقراءة في ساعة ليلك ونهارك الثمينة، أحذرك أن يكون واقعك الذي تعيشه غطاءً ثقيلاً يحجب عنك الرؤية بكل وضوح ومصداقية لما هو في الأفق الواسع امتداد عالم الأرض التي هي محل استخلاف الله للإنسان، أحذرك من أن تفهم أن طاعة الوالدين وخفض الجناح لهما يستلزم منك تسلميهما بوصلة حياتك يحددون وجهتك ويرسمون لك طريقك، فأنت أنت ولست هما، ولدت لزمن غير زمنهما وربما تعرف عن نفسك وما تملكه ما لا يعرفون، أحذرك أن تقول بينك وبين نفسك أنني ما زلت صغيراً وسأترك الأمور تجري في أعنتها حتى أكبر وأبدأ التخطيط لحياتي الشخصية فمستقبلك تحدد معالمه سنوات وعيك الأولى، والتكوين والإعداد هي في هذه المرحلة من العمر، وإياك إياك إياك أن تفقد بوصلتك يوماً ما أو ترمي بها في البحر أو تدفنها تحت التراب أو تعيرها غيرك أو تتركها للآخر فيعبث بها ويفسد حركتها فتعيش بلا بوصلة أو أنها بوصلة لا تضبط تحديد المسار فتتخبط بين اليمين واليسار وتمضى سنوات عمرك وأنت تائه في عالم الفوضى الذي لا نهاية له.. لا تعجز ولا تركن للغير، حفظّ عقلك الباطن ما تريد، وجدد عهدك به كل صباح وعند المغيب، وإياك إياك أن تكون كلاً أو متواكلاً بل كن في كل شئون حياتك متوكلاً على الله بعد بذل الأسباب وإعمالك العقل واستشارتك للغير ممن تثق بهم وتعرف عنهم الحكمة والروية والحزم والإقدام والمحبة الخالية من شوائب الحسد أو الحقد أو المنافسة والإحجام، ثم الاستخارة، الاستخارة فالله يعلم ما لا تعلم، وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ، وأكثر من الدعاء بالتوفيق في حياتك، وتذكر دائماً أن ما تحققه في مشوار حياتك من خطوات مباركة تصعد بها سلم النجاح هي أولاً وأيراً عوناً وتوفيقاً من الله فشٌكرِ الله على ذلك وكن معه، فمن كان مع الله في الرخاء كان معه في الشدة، إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فسأل الله، حافظ على الصلاة في وقتها مع الجماعة فهي نور وبرهان، وعون ومداد، وحفظ وأمان، وبها تتحقق الراحة والأنس، وليكن قدوتك ومثالك في شأنك كله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سدد رب الناس خطاك، وحفظك ورعاك، وبارك فيك ووقاك، دمت ومن تحب بخير، وتقبل مني صادق الود، ولك من والدك المحب والحريص والخائف الوجل خلاص الدعاء. وإلى لقاء؛ والسلام،،،