الأُم هي العَامود الفَقري في حَيَاة كُلّ إنسَان، وأَعنِي بذَلك كُلّ إنسَان طَبيعي، ولَن أستَشهد بكَلامٍ مَكرور، مِثل: «الأُم مَدرسة إذَا أَعددتَها.. إلخ»، فهَذا الكَلام يَحفظه الطَّالب الصَّغير قَبل الكَبير، ولَن أتحدَّث عَن مَكَانة الأُم في الإسلَام، لأنَّ هَذه الأشيَاء يَعرفها الطَّالب أَيضاً، ويَرضعها في طفُولته، كَما يَرضع حَليب أُمّه..! اليَوم أَتحدَّث عَن الأُم مِن جَانب آخَر، وهو مَا تَبذله مِن جهُودٍ في تَنمية الثِّقَة في نفُوس أبنَائها، والدَّعم اللُّوجستي الذي تَهبه لَهم بذَكاءٍ وفِطنَة..! ولأنَّ أُمِّي أُمّكم، وأُمَّهَاتكم أُمَّهاتي، سأَعرض بَعض الأَمثِلَة التي تَعلَّمتُها مِن أُمِّي، وبالتَّأكيد تَعلَّمتموهَا مِن أُمَّهَاتكم، وإذَا قَالُوا: إنَّ «الكُفر مِلَّةٌ وَاحِدَة»، فسنَقول: إنَّ «حَنَان الأُمَّهَات مِلَّةٌ وَاحِدَة»، ولَعلَّ أَوّل وسَائل الدَّعم، هو ذَلك الدُّعَاء الذي تَهبه الأُم لطِفْلِهَا، وأَتذكَّر أَنَّني كَلّ مَا وَدّعتُ أُمِّي قَالت لِي: «أَستَودعك الله يَا وَلدي، الذي لَا تَضيع وَدَائعه». فَقَط هَذه الكَلِمَات. وبسَبَب هَذا الدُّعَاء، شَملني الله بحِفظهِ، وقَد لَا يَتصوَّر البَعض أنَّني حَتَّى الآن لَا أُدخِّن؛ بسَبَب هَذه الأَدعية..! ومِن وسَائل الدَّعم اللُّوجستي للأبنَاء مِن أُمَّهَاتهم، إحيَاء وتَنمية قِيَم الرُّجولَة والاعتمَاد عَلى النَّفس؛ في قَلب وعَقل كُلّ طِفل، كَمَا أَنَّ مِن وسَائل عِنَاية الأُم بأبنَائِهَا، الاهتمَام بنَوعيّة الغِذَاء، والحِرص عَلى الطَّعَام المُفيد، وأَتذكَّر أَنَّ أُمِّي -حَفظهَا الله- كَانت حَريصة عَلَى أَنْ نَتنَاول التَّمر، نَظراً لقِيمتهِ الغِذَائيّة، رَغم أَنَّ عَلَاقتنا مَع التَّمر لَم تَكن وَدُودَة، بَل كُنَّا نَميل إلَى أَكْل اللّوز أكثَر، فمَا كَان مِن السيّدة «لولوَة العجلان»؛ إلَّا أَنْ وَضَعَت اللّوز في أَحشَاءِ التَّمر، حَتَّى تَستدرجنا مِن حَيثُ نَعلَم ولَا نَعلَم، وتُشجّعنا عَلى أَكْل التَّمر..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ نَقول: إنَّ كُلّ أُم هي أُمِّي، ولذَلك يَنبغي أَنْ نَستفيد مِن تَجَارب كُلّ أُم، وأَدعو القُرّاء والقَارئات أَنْ يَكتبوا لِي أَي تَجربة مُتميّزة لأُمَّهَاتهم، وإذَا نَسيتُ، فلَن أَنسَى أَنَّ أُمِّي كَانت تَربوية مَعنا، حَيثُ كَانت تُعطي جَائزة لَيس للنَّاجِح فَقط، بَل حَتَّى للرَّاسِب، وتَقول بأنَّه أَوْلَى بالدَّعم، لأنَّ النَّاجِح قَد اجتَاز الطَّريق، ونَجح بجُهدهِ، أمَّا الرَّاسِب فهو الذي يَحتَاج الدَّعم والتَّشجيع.. أَقول هَذا لأنَّني كُنتُ في الابتدائيّة طَالِباً «تَنبلاً» كَسولاً، يُعسكِر في مَنطقة الرّسوب. تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com