اعلنت روسيا الثلثاء (18 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) وقف غاراتها في مدينة حلب في "بادرة حسن نية" وللسماح بإجلاء المدنيين من الاحياء الشرقية في هذه المدينة التي تتعرض لقصف كثيف منذ شهر، في خطوة شككت فيها واشنطن. وفي ثاني كبرى مدن سوريا استغل سكان الاحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة توقف القصف للخروج من منازلهم لشراء المواد الغذائية التي لا تنفك تتضاءل كمياتها في السوق مع اقتراب فصل الشتاء، وفق مراسل فرانس برس. وشككت الدبلوماسية الاميركية في الاعلان الروسي المفاجئ الذي يأتي بعد اسابيع من الانتقادات الغربية لكثافة القصف السوري للمدينة بدعم من المقاتلات الروسية. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيربي "لا يزال الوقت مبكرا للقول ان هذا صحيح وكم من الوقت سيصمد. سبق ان شهدنا هذا النوع من الالتزامات والوعود، وشهدنا انه لم يتم الايفاء بها". وبحسب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف فان وقف الغارات على حلب هو "بادرة حسن نية من الجيش الروسي (...) وليس مرتبطا" بالانتقادات التي وجهتها فرنسا والمانيا. كذلك، يعقد "اجتماع عمل" حول سوريا الاربعاء في برلين بين الرئيسين الفرنسي فرنسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل إثر قمة حول اوكرانيا، بحسب الرئاسة الفرنسية. بدوره يعقد مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة الجمعة جلسة خاصة حول الوضع الانساني في حلب بطلب من 16 بلدا وبدعم من الولايات المتحدة. واشادت الامم المتحدة بإعلان وقف الغارات الجوية الروسية والسورية على حلب، الا انها قالت انها تنتظر الحصول على ضمانات بشأن السلامة من جميع الاطراف قبل ان تبدأ في ادخال المساعدات. وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أعلن في وقت سابق خلال اجتماع لهيئة الاركان الروسية "اليوم ومنذ الساعة العاشرة (7,00 ت غ) صباحا توقفت ضربات الطيران الروسي والسوري"، موضحا ان هذا الوقف المبكر للغارات "ضروري من اجل تطبيق الهدنة الانسانية". واستبقت موسكو هذا القرار بإعلانها مساء الاثنين هدنة انسانية من ثماني ساعات تطبق الخميس بدءا من الثامنة صباحا (5,00 ت غ)، في خطوة رحبت بها الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي لكنهما اعتبرا انها غير كافية لإدخال المساعدات. وتصاعد الضغط الدولي على روسيا، الحليفة الابرز للرئيس السوري بشار الاسد، إثر هجوم بدأه الجيش السوري في 22 ايلول/سبتمبر للسيطرة على الاحياء الشرقية. وتزامن الهجوم مع غارات روسية كثيفة واخرى سورية اوقعت مئات القتلى والحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات. ولم تنجح الجهود والمحادثات الدولية منذ ذلك الحين في احياء وقف إطلاق النار، في وقت اتهم الغربيون روسيا بـ"جرائم حرب" في سوريا. "خروج آمن عبر ستة ممرات" واوضح شويغو ان وقف الغارات الثلثاء "يضمن سلامة خروج المدنيين عبر ستة ممرات ويحضر لإجلاء المرضى والجرحى من شرق حلب". واضاف "في الوقت الذي تبدأ فيه هذه الهدنة الانسانية، ستنسحب القوات السورية الى مسافة كافية تمكن المقاتلين من الخروج من شرق حلب مع اسلحتهم" عبر ممرين خاصين، هما طريق الكاستيلو شمال حلب وسوق الهال في وسط المدينة. وقال شويغو انه يمكن لوقف الغارات الجوية اعتبارا من الثلاثاء ان يساعد في نجاح محادثات تتمحور حول "الفصل بين المعارضة المعتدلة والارهابيين في حلب" التي يفترض ان تبدأ الاربعاء في جنيف كما قال. واضاف "نطلب من حكومات الدول التي لها نفوذ على القسم الشرقي لحلب ان تقنع قيادييه بوقف المعارك ومغادرة المدينة". وتقدر الامم المتحدة وجود 900 مقاتل من جبهة فتح الشام في شرق حلب في وقت يقدر المرصد السوري وجود 400 مقاتل فقط من أصل نحو 15 الف مقاتل معارض. وقبل ساعات من وقف الغارات، افاد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن بغارات روسية كثيفة استهدفت بعد منتصف الليل أحياء عدة في شرق حلب. واشار مراسل فرانس برس الى انهيار مبنى على رؤوس قاطنيه فجرا في حي بستان القصر جراء الغارات، ما تسبب وفق المرصد بمقتل عائلة بأكملها، تضم رجلا وزوجته وثلاثة اولاد. ويعيش 250 ألف شخص في شرق حلب في ظروف انسانية صعبة في ظل الغارات والحصار وتعذر ادخال المساعدات الانسانية منذ ثلاثة أشهر. بالمقابل قتل في غرب حلب الثلثاء اربعة اشخاص على الاقل واصيب حوالي 20 بجروح، بعضهم حالتهم خطرة، من جراء قذائف أطلقتها فصائل المعارضة على أحياء الجميلية والميدان والسيد علي، بحسب المرصد.