أكد المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية أن الاستثمارات العالمية في استكشاف وإنتاج النفط والغاز انخفضت أكثر من 300 مليار دولار في عامين، حيث تراجعت بنحو 24 في المئة خلال عام 2016 وبنسبة 25 في المئة خلال 2015. وأوضح "المركز" في تقرير اقتصادي متخصص خص بنشره "كونا" امس، أن هذا الانخفاض على مدى عامين لم يحدث منذ أربعين عاما وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، مشيرا الى أن استثمارات النفط والغاز بلغت 583 مليار دولار عام 2015. وأفاد بأنه لا توجد علامات على أن الشركات العالمية تخطط لزيادة نفقاتها الرأسمالية في عمليات المنبع (الاستكشاف والإنتاج) في عام 2017، مبينا ان إجمالي الاستثمارات العالمية في جميع قطاعات الطاقة انخفضت 8 في المئة إلى 1.8 تريليون دولار عام 2015، وبلغ إجمالي الاستثمارات في قطاعات النفط والغاز والفحم 900 مليار دولار في 2015 بانخفاض 18 في المئة عن 2014. وأشار الى ان أكبر انخفاض على مستوى العالم كان ما شهده قطاع النفط والغاز في أميركا الشمالية وهو ما ساعد الصين على تصدر قائمة إجمالي استثمارات الطاقة بعدما كانت الولايات المتحدة في الصدارة على مدى السنوات الثلاث السابقة. وبين انه في نهاية 2015 نمت الاستثمارات في قطاع الطاقة بشكل ملحوظ في الصين وبصورة أكبر من الولايات المتحدة خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، إذ بلغت الاستثمارات في 2015 نحو 315 مليار دولار أغلبها في قطاع الكهرباء. ولفت الى ان الولايات المتحدة مثلت نصف التراجع في الاستثمار العالمي في الطاقة مع إجمالي إنفاق بلغ 280 مليار دولار في 2015 بانخفاض نحو 75 مليار دولار من العام السابق، وتراجع الاستثمار في صناعة النفط الصخري على وجه الخصوص بنسبة 52 في المئة. وقال انه في ظل بقاء تكاليف إنتاج النفط في الشرق الأوسط وروسيا على مستوى عال نسبيا تمكنت شركات النفط والغاز الروسية المحلية وشركات الشرق الأوسط من زيادة حصتها من الاستثمارات في التنقيب عن النفط والغاز لتصل إلى 44 في المئة، موضحا انه وفقا لوكالة الطاقة الدولية فإن روسيا استطاعت الحفاظ على مستوى مستقر من إنتاج النفط وصل إلى أعلى مستوياته منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وعن مشاريع التحويل كالتكرير والغاز الطبيعي المسال أفاد المركز في تقريره بانها تواجه نفس الوضع ومن المتوقع تراجع الاستثمار في تسييل الغاز الطبيعي المسال في عام 2016 بنسبة 30 في المئة بعد أن بلغ ذروته عند 35 مليار دولار في عامي 2014 و2015، مؤكدا انه حتى الطاقة الإنتاجية الفائضة في تكرير النفط هي الآن أقل مما كانت عليه قبل بضع سنوات بسبب تأجيل المشروعات وإغلاق بعض المرافق. وأوضح أن الاستثمارات العالمية عند مستواها الحالي ربما لا تكفي للحفاظ على مستوى إنتاج النفط والغاز بما يشير إلى اتجاه الأسواق نحو تقلص المعروض، مشيرا الى أن أسواق النفط ستستعيد توازنها قبل أسواق الغاز حيث تكبح الاستثمارات في القطاعات المنخفضة الكربون الطلب على الغاز. وعن تخمة المعروض أفاد "المركز" بأنه من المتوقع ان تظل أسواق النفط العالمية متخمة بالمعروض حتى النصف الأول من 2017 على أقل تقدير، موضحا ان الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة المنخفضة الكربون بلغت 315 مليار دولار في عام 2015 لتشكل 17 في المئة من إجمالي الاستثمارات. وأشار الى ان اكتشافات النفط تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1952 وأصبح الاقتصاد العالمي يعتمد بشكل خطير على إمدادات الخام من النقاط السياسية الساخنة كما تراجعت بنسبة 47 في المئة على أساس سنوي حتى مايو من 2016، في حين انخفض عدد منصات الحفر العالمية بنحو 22 نقطة مئوية لتصل إلى 73 في المئة في غضون عامين. ولفت الى ان معظم الاحتياطيات الجديدة تم العثور عليها في المياه العميقة حيث تأخذ حقول النفط متوسط سبع سنوات للبدء في الإنتاج، الأمر الذي يشكك في قدرة الشركات على زيادة إنتاجها من النفط حتى عام 2020. وأفاد "المركز" بأن السوق شهد تصاعدا مدفوعا بمزيج مكون من ضعف الدولار والأخبار المفاجئة التي تشير إلى أن المخزونات الأميركية من النفط الخام شهدت أكبر انخفاض لها خلال أسبوع منذ عام 1999، حيث هبطت مخزونات النفط الخام بواقع 559 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في التاسع من سبتمبر 2016 مقارنة مع توقعات بزيادة قدرها 3.8 ملايين برميل. ولفت إلى أن ذلك جاء بعد أسبوع من هبوط مخزونات الخام أكثر من 14 مليون برميل، وهو ما أرجع إلى تأثير العاصفة الاستوائية هيرمين التي وصلت قبالة ساحل الخليج الأميركي أخيرا وتتوجه الأنظار بصورة متزايدة إلى اجتماع "أوبك" الشهر المقبل.