ربما السؤال الذي يواجه أي متعاط للشأن الرياضي هذه الأيام، هو: من سيفوز بالدوري؟. يدعم انتشار هذا السؤال، المنافسة المحتدمة بين النصر والهلال على الصدارة في الأسابيع الماضية، رغم انفراد الأول بأربع نقاط، وهي مسافة سهلة لا تحجب رؤية الصدارة واللحاق بالجالس على كرسيها، في أي مرحلة مقبلة من المنافسة. .. حتى يفوز النصر بالدوري، يحتاج إلى توسيع الفارق بينه وبين منافسه إلى سبع نقاط قبل مواجهتهما في الإياب، والطريق إلى ذلك يتخذ مسارين، الأول في يد الأصفر ذاته ويتمثل في حصد النقاط قبل المواجهة المرتقبة، والثاني تعثر الهلال في لقاء أو أكثر قبل الموقعة. المسار الأول تعترضه ثلاث صعوبات تتمثل في مواجهات: الأهلي، الفتح، الاتفاق، وإن نجا منها النصر فقد نجا، أما الثاني فليس للأصفر أمامه إلا الترقب والدعاء. على المستوى الفني، ورغم الإرهاق الواضح على جسد المتصدر في المواجهات الخمس الأخيرة، ما أحدث بعض الأخطاء الفردية التي سجل منها المنافسون أهدافا لم تكن قبل ذلك، إلا أنه لا يزال محكما قبضته على الفوز، ويظهر رغبة جامحة في عبور المآزق التي تعرض لها، وأعتقد أن دعم الفريق بالحوسني والبرازيلي أو الأرجنتيني القادمين المرتقبين، أو غيرهما سيضيف قوة للفريق ومفاجآت لخصومه، ناهيك عن أن مدربه الذكي كارينيو يملك رؤية واضحة ويصدر قرارات ناجحة حتى الآن يدعمها التوفيق، والحظ أحيانا. .. على الجهة الأخرى، يتشبث الهلال بورقة المنافسة، ويظهر قدرة جيدة وضغطا عاليا على غريمه، رغم الأخطاء الفنية التي ارتكبها الفريق في مباريات الشعلة، النهضة، والعروبة، ويدعم الهلال في مساره نحو اللقب، هيبته الكبيرة في قلوب منافسيه التي تدمح أي عثرة فنية أو جماعية أو فردية، وسمحت للفريق بعبور المأزق في المباريات الثلاث في الدقائق الأخيرة، وهذا لا يحدث كل مرة، أي أن الهلاليين أنفسهم يجب أن يحتاطوا لذلك، ويضربون بلا رحمة في مطلع المواجهات لا نهاياتها. .. وحتى يفوز الأزرق باللقب، عليه أن يقلص الفارق بينه وبين النصر إلى نقطة -على الأقل- قبل مواجهة الإياب، والطريق إلى ذلك يتفرع إلى مسارين، الأول حصد النقاط في لقاءاته، والثاني ترقب أي عثرة للأصفر. في المسار الأول يعترض الهلال أربع صعوبات أمام الاتفاق، الاتحاد، التعاون، والشباب، وفي الثاني ليس أمام الأزرقيين إلا الترقب والدعوات. على المستوى الفني، يتصاعد مستوى الهلال، ويتشافى الفريق من أعراض الديربي وما تلاه، وعيبه أن طريقته باتت محفوظة لكل منافسيه، ولا يملك مفاجآت وهو ما قد يحدث في انتقالات الشتاء القريبة، التي قد تكون إيجابية متى ما حسمت مبكرا، وقد تنقلب وبالا كلما تأخر الحسم، خاصة أن خياراته في الراحلين ليست واضحة، ناهيك عن القادمين. المدرب الوطني سامي الجابر، يفترض فيه أن يمد لاعبيه بالقوة، وكونه سعوديا وابن الحركة الرياضية بكل تفرعاتها، يتعاطى مع الشأن الرياضي بكل منابعه، أصبح يتأثر كثيرا بما يقال ويكتب، وظهر ذلك في تصاريحه وردات أفعاله خلال المباريات والمؤتمرات، وهي نقطة سلبية قد تعصف بالفريق وتفجر المشكلات داخله في أي لحظة عند أي عثرة، وأمامها يحتاج الجابر إلى أحد من أعضاء الإدارة يقترب منه، وينير له الزوايا المظلمة التي لا يراها من يقع تحت الضوء. في النصر والهلال على السواء، مشكلات جمّة حاليا تختفي تحت سباق المنافسة، وهدير الجماهير الصاخبة، وصخب وسائل الإعلام المتابعة، وتنذر بالانفجار في أي لحظة، وحري بإدارتي الفريقين، الانتباه لذلك وحلها قبل أن تقع الفأس في الرأس. .. من جديد، من سيفوز باللقب؟ أعتقد أن كل السيناريوهات محتملة، وأؤمن كثيرا أن اللاعب السعودي "نفسية"، ويتأثر سلبا وإيجابا بالأمور المعنوية، ومن يحول -من إدارتي الفريقين- الممرات الشائكة التي تعترضه إلى شحنات إيجابية في مساره، سيبلغ القمة، شريطة وجود الحظ أيضا.